ضجيج عسكري يتصاعد في البحر الأسود

ضجيج عسكري يتصاعد في البحر الأسود

لم تهدأ التوترات الروسية ـ الأميركية إثر المناورات الأطلسية الأخيرة والحضور العسكري الأميركي في البحر الأسود، فضلاً عن تتالي التقارير حول الحشود العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا. ودفع ذلك الروس إلى الإعلان عن قيامهم بمناورات عسكرية في البحر نفسه، اليوم الأربعاء. وزادت دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن، 110 دول لحضور “قمة الديمقراطية” افتراضياً في 9 و10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، الاحتقان السياسي، بعد تجاهل روسيا والصين في الدعوة. غير أن أخطر ما في التصعيد الأخير كان حديث روسيا عن تدريبات أميركية بهدف استهدافها نووياً. وأفاد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، اليوم الأربعاء، بأنّ قدرات روسيا النووية وقواتها المسلحة في حاجة إلى الحفاظ على جاهزيتها القتالية في ضوء زيادة أنشطة دول حلف شمال الأطلسي قرب حدود روسيا.

مناورات القوات الروسية بالقرب من حدود أوكرانيا لا تزال مصدر قلق للولايات المتحدة

وكان شويغو قد ادعى مساء أمس الثلاثاء، أن قاذفات أميركية تدربت على توجيه ضربة نووية لروسيا من اتجاهين مختلفين في وقت سابق من الشهر الحالي، وشكا من أن الطائرات اقتربت لمسافة 20 كيلومتراً من الحدود الروسية. ونقل بيان لوزارة الدفاع الروسية تأكيد شويغو أنه “خلال التدريبات العسكرية الأميركية (غلوبال ثاندر)، تدربت عشر قاذفات استراتيجية أميركية على إطلاق أسلحة نووية ضد روسيا من الاتجاهين الغربي (من جهة شرق أوروبا) والشرقي (من جهة ولاية ألاسكا الأميركية)”. ونُقل عنه قوله إن وحدات الدفاع الجوي الروسية رصدت وتعقبت القاذفات الأميركية واتخذت إجراءات، لم يكشف عنها لتجنب أي حوادث. وكشف أن موسكو لاحظت زيادة كبيرة في نشاط القاذفات الإستراتيجية الأميركية، مشيراً إلى تنفيذها 30 طلعة جوية بالقرب من روسيا هذا الشهر. وأضاف شويغو أن هذا العدد يزيد بمعدل مرتين ونصف المرة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وأبدى استياءه مما قال إنه محاكاة لضربة نووية أميركية ضد روسيا في وقت سابق من هذا الشهر. لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفت ذلك، مشدّدة على أنه تمّ الإعلان عن التدريبات في حينه، وتمّ الالتزام بالبروتوكولات الدولية خلالها. وقال المتحدث باسم “البنتاغون” الليفتنانت كولونيل أنطون سيميلروث، إنه “تم الإعلان عن هذه المهام في حينها وجرى التخطيط لها عن كثب مع (القيادة الاستراتيجية) و(القيادة الأوروبية) والحلفاء والشركاء، لضمان أقصى قدر من فرص التدريب والإدماج وكذلك الامتثال لجميع المتطلبات والبروتوكولات الوطنية والدولية”. من جهتها، ذكرت وكالة “إنترفاكس” الروسية، نقلاً عن الأسطول الروسي في البحر الأسود، أن روسيا باشرت تدريبات عسكرية في البحر الأسود، تشارك فيها نحو عشر طائرات وبعض السفن. وكان الأطلسي قد بدأ مناورات عسكرية في البحر الأسود مطلع الشهر الحالي، إثر تدهور الوضع على الحدود البولندية ـ البيلاروسية بسبب اللاجئين، وإجراء مينسك وموسكو مناورات عسكرية، وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك بينهما. مع العلم أن موسكو أجرت تدريبات مكثفة مطلع الشهر الحالي، في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي ضمّتها بالقوة في مارس/آذار 2014. في غضون ذلك، وبعد تزايد التوتر بين روسيا وأوكرانيا، أجرى رئيس الأركان الأميركي مارك ميلي، اتصالين، مع نظيره الروسي فاليري غيراسيموف، وقائد القوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني، لبحث التطورات. وأفاد بيان صادر عن قيادة الأركان الأميركية، مساء أمس الثلاثاء، بأن ميلي تبادل مع زالوجني وجهات النظر إزاء المتغيرات الأمنية في منطقة شرقي أوروبا، من دون التطرق للتعزيزات العسكرية الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية. كما بحث مع نظيره الروسي بعض الملفات الأمنية “المثيرة للقلق”. بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أن بلاده تحافظ على الاتصالات مع روسيا حول الوضع في أوكرانيا، بما في ذلك على مستوى الخارجية والاستخبارات. وقال برايس، في تصريحات صحافية، مساء الثلاثاء: “أجرينا مناقشات مع الجانب الروسي حول ذلك، وتم الإعلان عن بعضها، بما في ذلك عبر وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي والاستخبارات”. وأضاف: “كما تعلمون عن زيارة مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز إلى موسكو قبل أسابيع قليلة”. وشدّد على أن “مناورات القوات الروسية بالقرب من حدود أوكرانيا لا تزال مصدر قلق للولايات المتحدة”، مشيراً إلى أن “نوايا موسكو غير معروفة لواشنطن”. وكان رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف، قد ذكر يوم الأحد الماضي، أن روسيا تخطط لشن هجوم ضد بلاده مطلع العام المقبل، مشيراً إلى أن موسكو حشدت أكثر من 92 ألفاً من قواتها حول حدود أوكرانيا وتستعد لشن الهجوم، بحلول نهاية شهر يناير/ كانون الثاني، أو بداية شهر فبراير/ شباط المقبلين.

بايدن يستبعد روسيا والصين من قمة افتراضية حول الديمقراطية

كما رأى وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، يوم الإثنين الماضي، أن احتمال تنفيذ روسيا هجوماً جديداً على بلاده، يتعلق بقوة كييف وقدرة شركائها. لكن المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) ديمتري بيسكوف، نفى أمس، نية جيش بلاده شنّ هجوماً عسكرياً على أوكرانيا، مؤكداً أن روسيا لا تنوي شن هجوم على أي دولة. واعتبر أن من الخطأ ربط المناورات التي يجريها الجنود الروس بخطط من هذا القبيل. كما نفى جهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، الإثنين الماضي، الأمر قائلاً إن “الأميركيين يرسمون صورة مخيفة لحشود الدبابات الروسية التي ستبدأ سحق مدن أوكرانية، قائلين إن لديهم معلومات موثوقة بشأن نوايا روسية من هذا النوع”، معتبراً أن الولايات المتحدة ترسل إلى حلفائها “معلومات باطلة تماماً”. في موازاة ذلك، برز عنوان جديد للخلاف الأميركي الروسي بعد توجيه بايدن إلى قادة حوالى 110 دول دعوة للمشاركة في قمة افتراضية حول الديمقراطية، في ديسمبر المقبل. وكما كان متوقّعاً فإنّ بايدن لم يدعُ إلى هذه القمّة روسيا التي اعتبرت على لسان بيسكوف أن “الولايات المتحدة تهدف إلى التفريق بين الدول في القمة”. كما استثنى الرئيس الأميركي الصين، في مقابل دعوة تايوان، في خطوة أثارت غضب بكين، التي شدّد المتحدث باسم وزارة خارجيتها تشاو ليجيان على أنه “ليس لتايوان مكانة أخرى في القانون الدولي غير مكانتها كجزء لا يتجزأ من الصين”.

(العربي الجديد، الأناضول، رويترز، فرانس برس)