أوميكرون يربك محاولات دول الخليج للتعافي من أزمة النفط

أوميكرون يربك محاولات دول الخليج للتعافي من أزمة النفط

يخيّم شبح الإغلاقات مجددا على دول الخليج النفطية في ظلّ مخاوف من سرعة انتشار المتحور الجديد من فايروس كورونا “أوميكرون” في مختلف أرجاء العالم بينما بدأت الكثير من الدول عزل نفسها بفرض قيود جديدة على السفر.

وأثار اكتشاف متحور “أوميكرون”، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي بأنه “مقلق”، مخاوف على مستوى العالم من أن يكون مقاوما للقاحات وأن يطيل أمد جائحة كوفيد – 19 المستمرة منذ نحو عامين.

وعلّقت بعض الدول الخليجية كالمملكة العربية السعودية والبحرين رحلاتها إلى الدول الأفريقية التي تشهد انتشار المتحور الجديد. ورفعت وزارات الصحة في دول الخليج درجات التأهب للتصدي لموجة جديدة من الوباء معلنة إمكانية توسيع الإجراءات في حال تطلّب الأمر ذلك.

وقالت وكالة بلومبرغ للأنباء إنّ تحالف أوبك بلس قرر تأجيل الاجتماعات الفنية لبعض الوقت لاستعراض مسار السوق بناء على تطورات انتشار الوباء،و إعطاء اللجان المزيد من الوقت لتقييم أثر انتشار سلالة كوفيد-19 الجديدة «أوميكرون».

وكان من المقرر أن تعقد دول تحالف “أوبك بلس” اجتماعا افتراضيا الخميس، لإعلان قراره بشأن مستويات الإنتاج لشهر يناير، وسط صعوبات فاقمها قرار الرئيس الأميركي جو بايدن بالسحب من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط، فضلا عن ظهور المتحور الجديد.

جوليان لي: ظهور المتحور الجديد سيحجم قرار زيادة إنتاج النفط

وقال الخبير الاقتصادي المتخصص في أسواق النفط جوليان لي، في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، إن حديثا قد بدأ يرجح بالفعل احتمال تعليق الزيادة الشهرية للإنتاج بـ400 ألف برميل يوميا التي كان سبق الاتفاق عليها.

ويرى محللو أوبك أن الوضع في سوق النفط سيتبدل من عجزه الحالي إلى فائض ضخم في الربع الأول من العام المقبل. ويرى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود أن التحول سيبدأ حتى في ديسمبر المقبل.

وفي الوقت نفسه، تشير تقييمات أخرى أكثر واقعية بتحالف أوبك بلس إلى أن فائضا في المعروض سيظهر في بداية العام الجديد. وهذا وحده كاف لجعل المنتجين يتوقفون عن زيادة الإنتاج.

وكانت دول الخليج النفطية تسعى لتعويض جزء من خسائر الإيرادات الناتجة عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتراجع الإنتاج منذ العام الماضي، واستغلال فترة تراجع انتشار الوباء.

والآن ظهر متحور جديد من فايروس كورونا وأثار مخاوف الأسواق من خسائر إضافية. وعكس تراجع أسعار النفط الجمعة المخاوف من موجة جديدة من تدابير الإغلاق وإلغاء الرحلات، في وقت يقترب فيه موسم العطلات.

وأشار جوليان لي إلى أنه من المفترض أن يؤدي ظهور سلالة جديدة إلى زيادة احتمالات إحجام المنتجين عن إقرار زيادة إنتاج يناير، إلا أنه لفت إلى أن القرار معقد بسبب قيام العديد من البلدان بإفراج منسق من مخزوناتها الاستراتيجية.

ومن المحتمل أن تتجاوز الكمية المتاحة أكثر من سبعين مليون برميل من الخام والمنتجات المكررة من الاحتياطيات من كل من الولايات المتحدة والهند واليابان والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية والصين. ومازال من غير الواضح الكمية التي ستتم الاستفادة منها بالفعل.

وتقدّر أوبك أن الإفراج سيضيف ما يقرب من 1.1 مليون برميل يوميا من الإمدادات في يناير وفبراير إلى سوق ستكون قد بدأت بالفعل في تسجيل فائض.

وسوف تعني موازنة معظم القسم الأكبر من هذا المعروض بنهاية الربع الأول التخلي عن الزيادات المخططة لشهري يناير وفبراير.

وتبدو المبررات لإيقاف زيادات إنتاج أوبك بلس أكثر منطقية، فإضافة المزيد من المعروض إلى سوق بها بالفعل فائض نفطي يزيد عن احتياجها يعني نتيجة محتومة. ومع ذلك، فلا يوجد شيء بهذه البساطة عندما يتعلق الأمر بالسياسة.

ويرى جوليان لي أن أي قرار للتخلي عن زيادة الإنتاج سيُنظر إليه على أنه رد مباشر على عمليات السحب من المخزونات التي تقودها الولايات المتحدة. وأشارت “سيتي جروب” إلى أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تقوض بوضوح ما يؤكده التحالف من أنه يعمل على استقرار أسواق النفط.

وكان من الممكن تجنب هذا التعقيد إذا ما جرى الاتفاق في وقت سابق من هذا الشهر على زيادة إضافية أقل عند 200 ألف برميل يوميا في ديسمبر.

فربما كان ذلك كافيا لإقناع بايدن بالعدول عن الإفراج من المخزونات الاستراتيجية، وربما كان سيجعل إيقاف الزيادة المخطط لها في يناير، أو حتى العكس، أمرا أسهل.

وفي ذروة أسعاره في أكتوبر، كان خام برنت مرتفعا بنسبة 66 في المئة عن بداية العام. ورغم تراجعات الجمعة، فإنه لا يزال أعلى بنسبة 40 في المئة تقريبا عما كان عليه في بداية يناير. ورغم أن هذا يمثل ارتفاعا أقل بكثير مما كان عليه الحال في أسعار الغاز الطبيعي أو الفحم أو الكهرباء في مناطق كثيرة حول العالم، فهو لا يزال يمثل ارتفاعا كبيرا.

وربما يؤدي التراجع في الأسعار بعد اكتشاف المتحور الجديد إلى أن تصبح مهمة أوبك بلس الخاصة بالتخلي عن زيادة الإنتاج المقررة ليناير أكثر سهولة. ولكن بغض النظر عن نتيجة اجتماع الخميس، فإن السعودية تريد إجماعا، بحيث تتفق دول التحالف الثلاث والعشرون على قرار قبل الاجتماع الوزاري.

وقال جوليان لي إنه على الرغم من أن المملكة قد ترغب في تغيير سياستها، فهي لا تريد أن يُنظر إليها على أنها تقود مجموعة من الحلفاء غير المقتنعين في اتجاه بعينه.

ولذلك توقع جوليان لي إجراء الكثير من المشاورات خلف الأبواب المغلقة قبل عقد اجتماعات في الغرض. مشيرا إلى أن الاحتمالات متقاربة لدرجة يصعب معها توقع النتائج التي ستقررها أوبك بلس في مواجهة تذبذب السوق جراء متحور كورونا الجديد.

صحيفة العرب