الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيمياوية تحاصر دمشق وموسكو

الاتهامات باستخدام الأسلحة الكيمياوية تحاصر دمشق وموسكو

لاهاي – تواجه سوريا وحليفتها روسيا ضغوطا جديدة ومتزايدة في ما يتعلّق بملف الأسلحة الكيمياوية حيث تتهمان بالتستر عن حقيقة ترسانتهما من الأسلحة النووية ورفض إجراء عمليات التدقيق الدولي على الأرض.

وتعرّضت سوريا وروسيا الاثنين خلال اجتماع لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية في لاهاي، لضغوط جديدة على خلفية اتّهامات لهما باستخدام أسلحة كيمياوية.

وقال المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس إن دمشق لم تصرّح إلى الآن عن كامل ترسانتها من الأسلحة الكيمياوية ولم تسمح للمفتشين بالعمل على أراضيها.

وتنفي سوريا استخدام أي أسلحة كيمياوية وتشدد على أنها سلّمت مخزونها من هذه الأسلحة بموجب اتّفاق وقّعته في العام 2013 مع الولايات المتحدة وروسيا، تم التوصل إليه بعد هجوم يعتقد أنه نفّذ بواسطة غاز السارين وأوقع 1400 قتيل في غوطة دمشق.

وفي أبريل جُرّدت سوريا من حقّها في التصويت بعدما خلص تحقيق إلى تحميلها مسؤولية هجمات أخرى بغاز سام، وهي لن تستعيد حقّها هذا إلا بعد التصريح الكامل عن مخزونها من الأسلحة الكيمياوية وعن منشآت تصنيع الأسلحة.

وقال أرياس خلال الاجتماع إن “سوريا لم تنجز إلى الآن أيا من هذه التدابير”، مضيفا أن ما سبق أن صرّحت به “لا يمكن اعتباره دقيقا وكاملا”.

وحصدت الحرب السورية خلال عشر سنوات أرواح قرابة 400 ألف شخص، وتسببت بتهجير ونزوح الملايين من السوريين، وإصابة آلاف آخرين.

وتتهم تقارير أممية وحقوقية دمشق باستخدام الأسلحة الكيمياوية منذ بدء الثورة السورية منذ نحو عشر سنوات، وهو ما تنفيه حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.

ومن بين الأسلحة التي يتهم نظام الأسد باستخدامها ضدّ المدنيين استخدام الكلور المحظور بموجب اتفاقية الأسلحة الكيمياوية التي انضمت إليها سوريا في عام 2013.

وفي حال استنشاقه يتحول غاز الكلور إلى حمض الهيدروكلوريك في الرئتين ويمكن أن يقتل عن طريق حرق الرئتين وإغراق الضحايا في سوائل الجسم الناتجة عن ذلك.

وفي تصريحات سابقة له، قال رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية أمام الأمم المتحدة إن نظام الرئيس السوري استخدم الأسلحة الكيمياوية المحرمة دوليا في ما لا يقل عن 17 مرة خلال الحرب الأهلية السورية.

ورغم أنه أعلن تدمير ترسانته من الأسلحة الكيمياوية عام 2014 ما يزال امتلاك نظام الأسد للأسلحة الكيمياوية واستخدامها محل نزاع حتى الآن بعدما اتهم خبراء المنظمة الدولية النظام بشن ثلاث هجمات كيمياوية عام 2017.

وترفض دمشق منح تأشيرة لأحد مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية مما يحول دون إرسال المنظمة فريق مفتشين إلى الأراضي السورية، وفق أرياس.

وقال المدير العام للمنظمة إنه بصدد التحضير لاجتماع مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للبحث في الخروقات.

وقال أرياس إن تسميم المعارض الروسي المسجون بغاز الأعصاب لا يزال يشكّل “تهديدا خطرا” للجهود المبذولة عالميا للقضاء على الأسلحة الكيمياوية.

وشدد على أن “استخدام أسلحة كيمياوية على أراضي روسيا الاتحادية يشكل تهديدا خطيرا للمعاهدة”.

موسكو تدخلت في الحرب السورية، وهناك يتهمها المرصد السوري لحقوق الإنسان باستخدام مادة “الثراميت” في ضرباتها الجوية لإسناد قوات النظام

و”نوفيتشوك” أو “الوافد الجديد” الذي تتهم موسكو باستخدامه في تسميم نافالني، وهو غاز للأعصاب شديد السمية، تم تطويره في الاتحاد السوفيتي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

ويعتقد أن موسكو لم تكشف عن نوفيتشوك لـمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية، التي تشرف على معاهدة تحظر استخدامه.

وكانت موسكو طلبت من مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيمياوية المجيء إلى روسيا للتحقيق، لكن أرياس قال إن الزيارة لم تحصل بسبب وضع السلطات الروسية شروطا أكثر تشددا مقارنة بغيرها من الدول.

وتدخلت موسكو أيضا في الحرب السورية، وهناك يتهمها المرصد السوري لحقوق الإنسان باستخدام مادة “الثراميت” في ضرباتها الجوية لإسناد قوات النظام، وهي مادة تتألف من بودرة الألمنيوم وأكسيد الحديد، وتتسبب في حروق لكونها تواصل اشتعالها لنحو 180 ثانية، وهي قنابل عنقودية حارقة تزن نحو 500 كيلوغرام، تلقى من الطائرات العسكرية.

وفيما لا تنفك الاتهامات تلاحق سوريا وروسيا، تمارس واشنطن ولندن ضغوطا على موسكو ودمشق في ملف الأسلحة الكيمياوية.

وخلال الاجتماع الأخير لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون ضبط الأسلحة والأمن الدولي بوني جنكينز “نجدد دعوتنا لروسيا ولنظام الأسد للتقيّد بواجباتهما”.

واعتبرت مساعدة وزير الدفاع البريطاني أنابيل غولدي أن روسيا عليها ليس فقط أن تقدّم أجوبة بشأن نافالني بل أيضا بشأن تسميم العميل السابق في جهاز الاستخبارات الروسي “كيه.جي.بي” سيرغي سكريبال بمادة نوفيتشوك في سالزبري في العام 2018.

وقالت “ليس هناك تفسير مقنع لعمليتي التسميم إلا ضلوع الروس ومسؤوليتهم”، رغم أن موسكو لطالما نفت أن تكون ضالعة في الواقعتين.

العرب