حذّر حلف شمال الأطلسي اليوم الثلاثاء، روسيا من أنها “ستدفع ثمناً باهظاً” إذا ما غزت أوكرانيا، فيما وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيراً للغرب من مغبة تخطي “الخطوط الحمراء”.
والتقى ممثلو الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في ريغا، عاصمة لاتفيا، اليوم الثلاثاء، وناقشوا “سبل ردع أي غزو روسي لأوكرانيا” بعد تزايد المخاوف من هجوم روسي إثر حشد موسكو عشرات الآلاف من جنودها وتعزيز انتشارها العسكري عند الحدود بين البلدين.
ستولتنبرغ: ثمن باهظ لأي غزو روسي لأوكرانيا
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، عقب الاجتماع، إن “أي غزو روسي لأوكرانيا سيكون ثمنه باهظا، وستكون له عواقب سياسية واقتصادية على روسيا”، مشيرًا إلى أن الدول الأعضاء في الحلف يمكن أن تفرض “عقوبات اقتصادية وأن تتّخذ إجراءات سياسية” ضد روسيا، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وشدد ستولتنبرغ: “علينا أن نكون مستعدين للأسوأ، وعلينا أن نوجّه رسالة إلى روسيا مفادها أنها يجب ألا تتوغل عسكرياً في أوكرانيا”.
بوتين يهدد
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استبق أي مواقف أو خطوات ستصدر عن وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي، الذين بدأوا الثلاثاء اجتماعاً يستمر يومين في ريغا، عاصمة لاتفيا، بإطلاق مجموعة من التهديدات والتحذيرات لدول الغرب وأوكرانيا، ولا سيما بشأن الأوضاع على هذه الحدود، حيث يتصاعد التوتر بشكل كبير منذ أسابيع.
وحذر بوتين الغرب وأوكرانيا من تجاوز “الخطوط الحمراء” للكرملين، معلناً عن اختبار صاروخ يفوق سرعة الصوت و”يصل إلى من يصدر الأوامر لأوكرانيا في 5 دقائق”.
بوتين: توسيع الوجود العسكري للناتو بأوكرانيا خط أحمر لنا
وحذر بوتين حلف شمال الأطلسي بشدة، الثلاثاء، أيضا من نشر قواته وأسلحته في أوكرانيا، قائلاً إن توسيع البنية التحتية العسكرية لـ”الناتو” في أوكرانيا “خط أحمر” بالنسبة لروسيا و”سيؤدي إلى رد قوي”.
وتعليقاً على المخاوف الغربية بشأن نية روسيا غزو أوكرانيا، قال بوتين، في كلمة له في منتدى الاستثمار “روسيا تنادي”، عبر الإنترنت، إن موسكو قلقة أيضاً بشأن مناورات الأطلسي بالقرب من حدودها، مضيفاً أن توسع الأطلسي باتجاه الشرق (شرق أوروبا) يهدد المصالح الأمنية الأساسية لموسكو.
وأعرب الرئيس الروسي عن قلقه من أن الأطلسي قد يستخدم في نهاية المطاف الأراضي الأوكرانية لنشر صواريخ قادرة على الوصول إلى مراكز القيادة الروسية في غضون خمس دقائق فقط. وأضاف: “ظهور مثل هذه التهديدات يمثل خطاً أحمر بالنسبة لنا. آمل أن يسود الحس السليم والمسؤولية تجاه بلدانهم والمجتمع العالمي في نهاية المطاف”.
وقال بوتين إن موسكو اضطرت لمواجهة التهديدات المتزايدة من خلال تطوير أسلحة جديدة تفوق سرعتها سرعة الصوت. وأشار إلى أن صاروخاً جديداً من هذا النوع من المقرر أن يدخل الخدمة مع البحرية الروسية في أوائل العام المقبل، وسيكون قادراً على الوصول إلى أهداف في وقت مماثل (5 دقائق). وأضاف: “سيحتاج الأمر أيضاً إلى خمس دقائق فقط للوصول إلى أولئك الذين يصدرون الأوامر لأوكرانيا”.
الجيش الأوكراني
تحليلات
هل يخطط بوتين لشن حرب على أوكرانيا؟
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد قال، في وقت سابق اليوم، إن نشاط “الناتو” بالقرب من حدود روسيا “يفرض الحاجة إلى مزيد من التطوير للقوات المسلحة الروسية”.
بلينكن: نريد استشارة حلفائنا
من جهته، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الثلاثاء، في ريغا، على هامش اجتماع حلف الأطلسي، من أن أي “عدوان” روسي جديد على أوكرانيا سيستدعي “رداً خطراً”.
وأكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره اللاتفي إدغارز رينكيفيكس أن “أي تحركات تصعيدية من جانب روسيا ستكون مصدر قلق كبير للولايات المتحدة”.
ولم يحدد بلينكن طبيعة الرد الأميركي المحتمل، مشيراً إلى أنه يريد أولاً “استشارة” حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي، الثلاثاء والأربعاء. وتابع: “نحن قلقون جداً بشأن التحركات التي نراها” من قبل الفرق الروسية على الحدود الأوكرانية. وأضاف: “رأينا مراراً الاستراتيجية الروسية” الهادفة إلى “فبركة استفزازات” لتبرير أفعال موسكو.
تحذير أميركي لروسيا من “عواقب وخيمة” لغزو أوكرانيا
وبدأ وزراء خارجية “الناتو”، اليوم الثلاثاء، اجتماعاً يستمر يومين (اليوم وغداً الأربعاء)، ويركز بشكل أساسي حول التصدي لتعزيزات عسكرية روسية عند الحدود مع أوكرانيا، فضلاً عن مناقشة مسألة اللاجئين على الحدود البيلاروسية البولندية، والتي تتهم دول الغرب بيلاروسيا، المدعومة من الكرملين، بتدبيرها.
وكان لافتاً اليوم قول الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو إنه سيقترح على روسيا تسليم بلاده أسلحة نووية في حال حصلت بولندا على أسلحة نووية من “الناتو”.
ويشعر حلف شمال الأطلسي بالقلق من حشد روسي للمعدات الثقيلة والقوات بالقرب من الحدود الشمالية لأوكرانيا، وليس بعيداً عن بيلاروسيا. وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن وزراء حلف شمال الأطلسي “سيرسلون معاً رسالة لا لبس فيها إلى الحكومة الروسية، مفادها أن دعم الناتو لأوكرانيا لم ينقطع، واستقلالها وسلامة أراضيها وسيادتها ليست مطروحة للنقاش”.
ستولتنبرغ: ستدفع روسيا ثمناً باهظاً بحال هددت سلامة أوكرانيا
أوكرانيا تستنجد: هجوم في غمض عين
وكانت أوكرانيا قد دعت، أمس الإثنين، حلفاءها إلى التحرك بسرعة لمنع روسيا من غزو أراضيها، مؤكدة أن موسكو قد تبدأ هجوماً “في غمضة عين”.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، إن روسيا حشدت 115 ألف عسكري عند حدودها مع أوكرانيا.
وأعلنت أوكرانيا، اليوم، أنها تعتزم إجراء 10 مناورات دولية كبيرة في عام 2022.
وقال الجيش الأوكراني في بيان، إن “ما لا يقل عن 21500 جندي أوكراني و11 ألف جندي من الولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا ورومانيا ودول أخرى شريكة سيشاركون في المناورات”، مضيفاً أن الأوكرانيين سيشاركون أيضاً في 16 مناورة عسكرية خارج أوكرانيا.
وجاء الرد الروسي على هذا الإعلان سريعاً، إذ اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، أن دخول كييف في مناورات عسكرية يشكل خطراً على أمن روسيا.
وقال لافروف، في تصريحات صحافية: “ببساطة لا نستبعد احتمال دخول نظام كييف في مغامرة عسكرية. كل هذا يشكل تهديداً مباشراً لأمن روسيا. تحدث الرئيس بوتين عن هذا في 18 نوفمبر (الماضي) في المجلس الموسع مع وزارتنا، وشدد على أننا لسنا بحاجة إلى صراعات، لكن إذا لم يستطع الغرب السيطرة على أوكرانيا وشجعها (على أفعالها)، فبالطبع سنتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان سلامتنا بشكل موثوق”.
أزمة أوكرانيا
آراء
أزمة أوكرانيا .. حرب مؤجلة
كذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان، اليوم، أن الدفاع الجماعي للناتو بكامله يتمركز على “الجناح الشرقي”، مضيفةً أن “التوسع غير المنضبط للحلف” و”ابتلاع المزيد والمزيد من الأراضي” يترافق مع نشر البنية التحتية العسكرية هناك “التي تستخدم لتعزيز خطاب الناتو العدواني”.
إلى ذلك، أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، اليوم، أن روسيا أبلغت واشنطن بأنها لا تعد خططاً للاعتداء على أوكرانيا، مضيفاً في مقابلة صحافية: “لكننا سنتابع مراقبة تحركات حلف الأطلسي وأوكرانيا قرب حدودنا”.
بدوره، قال جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية في بيان، اليوم، إن أميركا وبريطانيا تعملان على “تأجيج الصراع بين روسيا وأوكرانيا بشكل مصطنع، لإبراز روسيا بأنها المسؤولة عن جميع المشاكل على الحدود الأوكرانية”.
(العربي الجديد، وكالات)