قصفت قوات النظام السوري مجدداً أمس الخميس، بلدات عدة في عمق محافظة إدلب شمال غربي سورية، في سياق استراتيجية متعمدة غايتها إبقاء المناطق الخارجة عن سيطرتها تحت وطأة الاستهداف اليومي والضغط، خصوصاً قبيل جولات مسار أستانة التفاوضي، إذ من المقرر التئام اجتماع جديد لهذا المسار خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الحالي.
وذكر ناشطون محليون أن قوات النظام قصفت بالمدفعية، أمس، محيط بلدة بنش في ريف إدلب الشمالي، موضحين أن القصف أدى لإصابة سبعة مدنيين بينهم أطفال، بجروح. كما أكدت مصادر محلية أن القصف طاول بلدة سرمين في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، ما تسبب بحدوث دمار واسع في الممتلكات.
إصابة سبعة مدنيين بينهم أطفال بقصف للنظام على بنش
وتتعرض بلدات وقرى في محافظة إدلب، منذ أشهر، لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام، وجوي من الطائرات الروسية، ما أدى إلى مقتل وإصابة المئات من المدنيين. ويحدث ذلك لإبقاء المناطق الخارجة عن سيطرة النظام بحالة عدم استقرار.
ومن المفترض عقد جولة جديدة من مفاوضات أستانة قبل نهاية العام الحالي، وستكون الجولة 17 في سياق هذا المسار، الذي كان بدأ مطلع عام 2017 في العاصمة الكازاخية نور سلطان. وعُقدت الجولة السابقة منتصف العام الحالي، لكن لم يخرج الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (تركيا، روسيا، إيران) بأي اتفاقات يمكن أن تفضي إلى حلول جدية في العديد من الملفات الميدانية والسياسية التي دأب هذا المسار على تناولها على مدى أربع سنوات.
ومن المتوقع أن يفتح الجانب الروسي في الجولة المقبلة ملف الطريق الدولي “أم 4″، والذي يصل الساحل السوري بمدينة حلب شمال البلاد، والذي يعبر الجزء الأكبر منه ضمن محافظة إدلب. ويدفع الروس باتجاه استعادة الحركة التجارية على هذا الطريق، وهو ما يعني ترتيب الأوضاع الميدانية في ريف إدلب الجنوبي لصالح النظام السوري، الأمر الذي يرفضه الأتراك الذين يحرصون على عدم حدوث موجات نزوح جديدة خصوصاً أن الريف يضم نحو نصف مليون مدني. كما من المتوقع أن يتناول الثلاثي الضامن الأوضاع في منطقة شرقي نهر الفرات التي تعيش توتراً، تحديداً في ريف الرقة الشمالي حيث بلدة عين عيسى، وفي ريف الحسكة الشمالي الغربي حيث بلدة تل تمر.
تقارير عربية
تعويم عربي إضافي للنظام السوري
في السياق، أشار المحلل السياسي التركي، هشام جوناي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنه “لم تظهر حتى الآن تصريحات عن مسؤولين أتراك تخص الجولة المقبلة من أستانة”، لكنه لفت إلى أن “الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال قبل يومين إن العلاقات مع روسيا على أفضل وجه”. وأعرب جوناي عن اعتقاده بأن هذه التصريحات “تؤكد أنه لن يكون هناك خلاف كبير بين أنقرة وموسكو حول التطورات في سورية”، مستبعداً أن يتغير الوضع في شمال سورية في حال انعقاد جولة أخرى من مباحثات أستانة. ولفت إلى أن “مخرجات أستانة لم تطبق أصلاً على أرض الواقع”. وبرأيه، فإن “تركيا قدمت تنازلات للجانب الروسي حتى وصلنا إلى هذه النتيجة”.
من جانبه، أشار المحلل العسكري، العميد مصطفى الفرحات، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “التصعيد من قبل النظام وحلفائه الروس والإيرانيين، قبيل كل استحقاق تفاوضي بات مكشوفاً وبلا جدوى”، مضيفاً أن “فصائل المعارضة السورية وتركيا الداعمة لها، لن يتنازلوا عما بقي من أرض محررة”. واعتبر أن “الهدف من القصف إبقاء السكان في محافظة إدلب بحالة قلق دائم”، مشيراً إلى أن “هذا القصف هو استمرار للضغط على فصائل المعارضة”.
ارتفاع بعمليات الاعتقال والإخفاء في درعا الشهر الماضي
فلتان في درعا
وفي جنوب سورية، لا تزال محافظة درعا تشهد حالة من الفلتان الأمني والفوضى، على الرغم من انتهاء التسويات مع النظام منذ أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي السياق، أوضح “تجمع أحرار حوران”، والذي يضم ناشطين وصحافيين ينقلون أخبار الجنوب السوري، في أحدث تقرير له أمس، أنه قتل خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 41 شخصاً بينهم امرأتان وطفلة في محافظة درعا، لافتاً إلى أن الإحصائيات لا تشمل أعداد قتلى الجنايات.
كما سجّل مكتب التوثيق في التجمع، مقتل 12 من قوات النظام في محافظة درعا خلال الشهر الفائت، بينهم 6 ضباط خلال عمليات استهداف متفرقة. كذلك، وثق المكتب 55 حالة اعتقال نفذتها قوات النظام في المحافظة، وقد أُفرج عن 28 من هؤلاء خلال الشهر ذاته. وأشار إلى أن قوات النظام نفذت 9 عمليات مداهمة في درعا؛ 5 من هذه العمليات نفذتها قوات تابعة لفرع المخابرات الجوية برفقة مليشيات إيرانية ضد خيم ومزارع عشائر البدو النازحة شرق درعا، أسفرت عن اعتقال 13 شخصاً، بالإضافة لحرق العديد من الخيم بعد سرقة المواشي.
من جهته، بيّن “مكتب توثيق الشهداء في درعا” أن الشهر الفائت “شهد ارتفاعاً حاداً في عمليات الاعتقال والإخفاء والتغييب القسري من قبل الأفرع الأمنية التابعة لقوات النظام في محافظة درعا مقارنة بالأشهر السابقة”. وأشار إلى أنه وثّق أسماء 71 معتقلاً ومختطفاً، تم إطلاق سراح 31 منهم. وأوضح “أن هذه الإحصائية لا تتضمن من تم اعتقالهم بهدف سوقهم للخدمتين الإلزامية والاحتياطية”.
العربي الجديد