بلينكن في جنوب شرقي آسيا: الأولوية للصين دائماً

بلينكن في جنوب شرقي آسيا: الأولوية للصين دائماً

بدأ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الإثنين، من إندونيسيا، جولة في جنوب شرقي آسيا، هي الأولى له في المنطقة منذ تولي جو بايدن الرئاسة الأميركية، في يناير/كانون الثاني الماضي، والأطول التي سيقضيها في زيارة خارجية منذ توليه منصبه، حيث تستمر الجولة ثمانية أيام.

محطات جولة بلينكن في شرقي آسيا
والتقى بلينكن أمس، في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، الرئيس جوكو ويدودو ونظيره ريتنو مارسودي ومسؤولين آخرين، على أن يلقي اليوم الثلاثاء، كلمة مهمة تتعلق باستراتيجية بلاده في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تعد مسرحاً رئيسياً للتنافس بينها وبين الصين، على أن يزور أيضاً ماليزيا وتايلاند.

وسبقت جولة بلينكن في شرقي آسيا زيارة أجراها مستشار الخارجية الأميركية، ديريك شوليت، إلى كمبوديا وإندونيسيا الأسبوع الماضي، حيث نقل إلى السلطات الكمبودية قلق واشنطن بشأن الوضع في ميانمار بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه الجيش ضد الحكومة المدنية.

تستضيف إندونيسيا مقر رابطة “آسيان”، وهو التكتل الاقتصادي الأكبر في المنطقة

كما نقل شوليت قلقه إلى السلطات الكمبودية، بشأن تعاظم الوجود العسكري الصيني في بلدهم. وجاء ذلك بعد فرض الولايات المتحدة حظراً على تصدير السلاح إلى كمبوديا، على خلفية ما وصفته بتعمق النفوذ العسكري الصيني والفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.

وتستضيف إندونيسيا مقر رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وهو التكتل الاقتصادي الأكبر في المنطقة، الذي يضم 10 دول، ويسعى إلى لعب دور لحلّ الأزمة في ميانمار.

ويفترض أن يبحث بلينكن هذه الأزمة، وسط تصاعد الانتهاكات من قبل العسكر منذ الإطاحة بحكم الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي في فبراير/شباط الماضي، حيث يرجح أن يعرب عن موقف متشدد لبلاده حيال السلطات العسكرية الحاكمة هناك، والمدعومة من بكين.

تعزيز الروابط الاقتصادية بين أميركا و”آسيان”
لكن العنوان الأبرز في الزيارة الأميركية، هو السعي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين أميركا ورابطة “آسيان”، التي تعد لاعباً أساسياً في شؤون المنطقة، لا سيما دولتا إندونيسيا وماليزيا.

تقارير دولية
العزلة الدبلوماسية… استراتيجية الصين لاستعادة تايوان
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أميركي بارز، قوله إن بلينكن سيسعى لتحقيق هدف بايدن في تعزيز التعاون مع الرابطة، وبحث وجهة نظر الرئيس الأميركي في شأن إطار عمل اقتصادي المنطقة.

وستستضيف جاكرتا بعد مغادرة بلينكن، الممثلة التجارية للولايات المتحدة، كاترين تاي، لمتابعة الملفات المشتركة.

وبحسب نائب بلينكن لشؤون منطقة شرق آسيا، دانيال كريتنبرينك، فإن الأول سيناقش في إندونيسيا وماليزيا وتايلاند “تعزيز البنية التحتية الأمنية الإقليمية رداً على مضايقات الصين في بحر الصين الجنوبي”.

وقال كريتنبرينك: “إننا نعارض كل تصرفات جمهورية الصين الشعبية أو أي جهة فاعلة أخرى تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة”، بما يتعارض مع القانون الدولي، مدافعاً عن “حرية الملاحة والتحليق”.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس، إن الوزير “سيبحث في كل دولة الأزمة المتفاقمة في ميانمار”.

التوتر في بحر الصين الجنوبي
ويناقش وزير الخارجية الأميركي، خلال الجولة، مع مسؤولي الدول الثلاث، ارتفاع منسوب التوتر في بحر الصين الجنوبي، الذي يشهد نزاعات حدودية بين الصين وعدد من الدول الجارة لها والمطلة عليه.

ويحظى هذا النزاع بأولوية في الصراع الصيني الأميركي، نظراً للأهمية الاقتصادية للمنطقة، حيث سيكون التركيز على ضرورة أن تكون التجارة في المنطقة “حرّة ومفتوحة”.

يناقش الوزير الأميركي في الدول الثلاث، ارتفاع منسوب التوتر في بحر الصين الجنوبي

وتقع الدول العشر المنضوية في “آسيان”، وهي إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وكمبوديا وميانمار وسلطنة بروناي وفيتنام ولاوس وسنغافورة والفيليبين، في مركز جغرافي يعتبر في صلب الأجندة الأميركية لـ”منطقة حرّة ومفتوحة في الهادئ – الهندي”، فيما توسع الصين نفوذها الاقتصادي في المنطقة بمزيد من التعاون الاستراتيجي.

وأواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ، لقاء افتراضياً مع زعماء هذه الدول، حيث توافقت بلدانهم على رفع العلاقات إلى “شراكة استراتيجية شاملة”.

وفي هذا السياق، يلقي بلينكن اليوم، كلمة في جاكرتا، ستحمل الرؤية السياسية والاقتصادية لإدارة بايدن حول الهادئ – الهندي، ما يذّكر بخطاب الرئيس الأسبق باراك أوباما في أستراليا، في نوفمبر 2011، حين أشّرت مفرداته إلى الاستدارة الأميركية شرقاً، وهي السياسة التي تعتبرها إدارة بايدن أولوية، وأن عليها التمايز فيها عن نهج سلفه، دونالد ترامب، الذي أطلق حرباً تجارية مع الصين لم تثمر كثيراً.

ويركز بايدن على تقوية تحالفاته في المنطقة، فيما كان قد أعطى انطباعاً خاطئاً حول سياسته هذه إلى حلفاء بلاده الأوروبيين، بإفشال صفقة غواصات تقليدية بين باريس وكانبيرا، التي استبدلتها بصفقة غواصات نووية مع واشنطن ولندن، و”شراكة استراتيجية” حملت اسم “أوكوس”.

وتذكّر جولة بلينكن في شرقي آسيا، بالزيارة التي قامت بها نائبة بايدن، كامالا هاريس، إلى فيتنام، في خضم الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، في أغسطس/آب الماضي.

إذ تأتي جولته لإعادة التذكير بأولويات بلاده، وهي الصين، فيما تعيش الولايات المتحدة على وقع أزمة متصاعدة أيضاً مع روسيا، على خلفية تحشيد الأخيرة على حدود أوكرانيا.

ووصل بلينكن إلى آسيا، قادماً من بريطانيا، حيث عقد اجتماعاً مع نظرائه في مجموعة السبع لبحث الأزمة الأوكرانية.

ويصادف وجود بلينكن في جاكرتا، مع زيارة يجريها سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيكولاي باتروشيف، إلى العاصمة الإندونيسية، تستمر يومين أيضاً، فيما أعلن الكرملين أمس، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني سيعقدان غداً الأربعاء قمة افتراضية.
(العربي الجديد، رويترز، فرانس برس، أسوشييتد برس)