بعد يوم واحد من الإعلان في العاصمة العراقية بغداد، عن ولادة أول تحالف مدني برلماني حمل اسم “تحالف من أجل الشعب”، وإعلانه مسبقاً انحيازه إلى جانب المعارضة، قال رئيس حركة “امتداد” المدنية، المرشح الفائز في الانتخابات، علاء الركابي، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أمس الخميس، إن التحالف يملك فرصة حقيقية للعمل المعارض للمرة الأولى منذ عام 2003.
واعتبر الركابي أن السبب عائد “لوجود فواعل سياسية جديدة تهدف إلى إزاحة ومحاسبة الفاسدين ومنع أي قرارات برلمانية أو حكومية لا تخدم العراقيين”.
وأشار الركابي إلى أن “تظاهرات الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2019، وما جاء فيها من مطالبات تشمل الحياة الكريمة وإيقاف العصابات المسلحة ومحاسبتها على الأنشطة القمعية التي قامت بها بحق المدنيين والمتظاهرين، إضافة إلى تحجيم نفوذ الأحزاب الفاسدة، هي من أساسيات عمل تحالف “من أجل الشعب” الذي يسعى إلى أن يكون نواة أولى لقهر الدكتاتوريات الحزبية التي تحكم الحياة السياسية في السابق”.
البرنامج السياسي الذي أعده التحالف، لم يهمل أوراق محتجي تشرين
خطط تحالف “من أجل الشعب” العراقي
وحول خطط تحالف “من أجل الشعب” والتوجه العام الذي تقرر أن يكون منهجاً له، قال الركابي إن “العراق يعاني من أحزاب تدعم مليشيات، والأخيرة بدورها تمارس الابتزاز والقتل والخطف، إضافة إلى أن شكل الحكومات العراقية السابقة اعتمد منهجاً بوليسياً في التعامل مع المواطنين”.
واعتبر الركابي أن هذا النوع من الحكومات “لم يختلف عن أي حكومة بوليسية سواءً قبل عام 2003 أو في دول المنطقة، التي تمنع الحريات وتمارس القمع ضد أي جماعة معترضة”.
وأضاف رئيس حركة “امتداد” أن “التحالف الجديد مع شباب الجيل الجديد، يسعى إلى تكوين أسس لعمل المعارضة العراقية سواء في الوقت الحالي، أو في المراحل المقبلة التي نأمل أن يتم فيها تفعيل الحس السياسي المعارض، وعدم مواصلة مبدأ المحاصصة والتوافق بين الأحزاب في إدارة البلاد”.
الاهتمام بمطالب الاحتجاجات العراقية
ولفت الركابي إلى أن “البرنامج السياسي الذي أعده التحالف، لم يهمل أيا من الأوراق السياسية التي طرحتها خيام المحتجين والمتظاهرين المدنيين والسلميين. وبالتالي فإننا في التحالف الجديد نعلن أننا نحمل هموم العراقيين والمتظاهرين في تشرين الأول، ونسعى إلى تحطيم الثوابت غير الدستورية في العمل السياسي العراقي بعد عام 2003”.
وأفاد الركابي بأن “البداية ستكون برفض المحاصصة الحزبية والطائفية التي دمّرت العراق. ويتفق معنا حراك جيل جديد، كما نحظى بدعم جماهيري يؤهلنا لخوض الاشتباك السياسي مع الأحزاب والمليشيات المتنفذة في العراق”.
رؤية حراك “جيل جديد”
من جهته، أشار المتحدث باسم حراك “جيل جديد”، ريبوار جلبي، وهو الشق الثاني من التحالف المدني الجديد، إلى أن “العدد الفعلي لأعضاء تحالف “من أجل الشعب” هو 28 نائباً في البرلمان، لكننا نملك تقارباً مع الكثير من النواب المستقلين والكتل السياسية الجديدة (التشرينية)، ومنها الكتلة الشعبية المستقلة.
وأكد جلبي في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “التحالف لا يملك أي علاقات أو تخادم مع قوى سياسية تقليدية، بل يسعى إلى وضع حدٍ للتجاوزات التي تمارسها أحزاب السلطة المعروفة ومحاسبة المليشيات”.
وكان من المفترض أن تنضم “الكتلة الشعبية المستقلة” بأعضائها الستة إلى التحالف الجديد، لكن ذلك لم يتحقق.
ولدى الاستفسار من عضو الكتلة باسم خشان، كشف في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “علاء الركابي وسروة عبد الواحد (شقيقة شاسوار عبد الواحد رئيس جيل جديد) اعترضا على وجوده في التحالف”، من دون الحديث عن السبب.
تقارير عربية
العراق: خلافات تؤخر اندماج القوى المدنية في تحالف برلماني
وأضاف خشان أن “تحالف المعارضة الجديد هو خطوة في اتجاه تحقيق تغيير، لكن هناك الكثير من الملاحظات، وأبرزها النظرة السطحية للتحالف عن شكل العمل السياسي”، معتبراً أنه “هناك فرق كبير بين المعارضة السياسية والمعارضة البرلمانية، وما يحدث حالياً يهدف إلى تحالف برلماني قد لا يشكل أي فارق في الوصول بالبلاد إلى التغيير”.
ورأى خشان أن التحالف “لا يتواصل مع الكيانات السياسية التي تشبهه بالآراء والأفكار والأهداف المشتركة، لكن بطبيعة الحال نأمل أن يكون تحالفاً حقيقياً ومتماسكاً ونحن نسعى إلى التعامل معه في المراحل المقبلة”. وشدّد على أن “الكتلة الشعبية هي معارضة أيضاً، وتعمل بطريقة واعية”.
الكتلة الشعبية المستقلة: التحالف لا يتواصل مع الكيانات السياسية التي تشبهه
الموقف من الحكومة العراقية
من جهته، أكد رئيس حراك “البيت العراقي” محيي الأنصاري، أن “حراكه ينظر بعين التفاؤل لكل تحرك من شأنه توحيد الصف السياسي لقوى التغيير المجددة من داخل العملية السياسية في البلاد، ونحن لسنا بعيدين عنهم وسبق لنا أن تبادلنا الرؤى والافكار وحصل بيننا وبين امتداد وجيل جديد تفاهمات مبدئية للمرحلة المقبلة”.
وأوضح الأنصاري في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أن “التفكير بإحداث تغيير شامل وجذري حالة مستعصية في الوضع العراقي، وكل المحاولات الجزئية التي تذهب باتجاه المشاركة بالحكومة أو مقاطعتها، هي حالات صحية تدل على حرص ووعي الجيل السياسي الجديد في محاولاته لإحداث فارق”، بعد تحقيقه اختراقات مهمة في الانتخابات العراقية.
وكان قد أُعلن في بغداد، مساء أول من أمس الأربعاء، عن تشكيل تحالف مدني سياسي معارض هو الأول من نوعه تحت قبة البرلمان، يتألف من 28 عضواً فائزاً في الانتخابات العراقية التي أجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، باسم “من أجل الشعب”.
ويضمّ التحالف حركة “امتداد” برئاسة الركابي، وحركة “جيل جديد” المدنية برئاسة شاسوار عبد الواحد، الناشطة في إقليم كردستان، شمالي البلاد. وجاء إعلان تشكيل التحالف عبر مؤتمر صحافي لقادة الحركتين في بغداد.
وتضم الكتلتان 9 أعضاء لكل واحدة منهما في البرلمان الجديد، كما انضم إليهم 10 آخرون من المستقلين الذين فازوا في الانتخابات، وسط تأكيدات على استمرار التحرك نحو مستقلين آخرين بهدف ضمهم إلى التحالف الجديد.
وهو التحالف الأول من نوعه منذ أول انتخابات شهدها العراق عقب الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، والتي أجريت منتصف عام 2005 وشهدت بروز القوى الدينية آنذاك بشكل واضح.
وكان التحالف المعارض الجديد، المولود من الانتخابات العراقية، قد أكد أنه لن يكون جزءاً من حكومة محاصصة، بل معارضة قوية وبناءة من أجل مراقبة ومساءلة الحكومة، كما أكد أن أعضاء التحالف سيعملون داخل البرلمان للدفاع عن حقوق المواطن العراقي وخدمته.
وتعتبر حركة “امتداد” من أبرز القوى المدنية التي ولدت في الانتخابات العراقية، بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها مدن جنوب ووسط العراق وبغداد في الربع الأخير لعام 2019 واستمرت لأكثر من 14 شهراً، وراح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى نتيجة القمع المفرط الذي واجه به الأمن المحتجين.
وتعدّ حركة “جيل جديد”، التيار المدني الأقوى في إقليم كردستان، منذ تأسيسها في عام 2017 وقادت تظاهرات واسعة داخل الإقليم ضد الحزبين الحاكمين هناك “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني”.
العربي الجديد