عام آخر يرخي سدوله وكوكب الأرض وسكانه الذين يقتربون من ثمانية مليارات إنسان، يتعرضون بشكل جماعي لوباء خطير ما زال الانفكاك منه وتحوراته العديدة بعيد المنال. لقد فرضت الجائحة على البشر جميعا مسلكيات معينة دخلت في تفاصيل حياة كل فرد وشملت التنفس والمأكل والمشرب والسفر والنوم وزيارة الأصدقاء والأقارب والذهاب إلى مكان العمل والجلوس على مقاعد الدراسة طلابا أو الوقوف أمامهم مدرسا. وإذا سجل عام 2020 سابقة انتشار الوباء فقد سجل 2021 بداية حملات التطعيم الدولية في محاولة لاحتوائه. لكن الحقيقة ظلت ضاغطة ومفادها أن اللقاحات تذهب أولا للأغنياء وما بقي من فائض منها قد يصل الدول الفقيرة.
وسنراجع في نهاية هذه العام أهم التحديات التي واجهتها الأمم المتحدة التي من المفروض أن تنسق الاستجابة الجمعية لعلل هذا الكون فتصف الداء وتبحث عن الدواء كي تضمن للأجيال القادمة ألا يعيشوا ويلات الحروب والكوارث الطبيعية وأنياب الجوع ومرارة التشرد واللجوء وشراسة التمييز القائم على اللون أو العرق أو الجنس أو الأصل أو الوضع الاجتماعي، ووجع انتهاكات الحقوق الأساسية التي ولدت مع الإنسان ولم تعط له مِنّة من حاكم أو رجل دين.
لقد تميز عام 2021 بتحديات أربعة رئيسية عدا التحديات الأخرى، عملت الأمم المتحدة وما زالت من أجل تخفيف وطأتها أو احتوائها أو التنبيه من مخاطرها: وباء كوفيد-19، والتغير المناخي، وانتشار الفقر المدقع والنزاعات المسلحة.
1-جائحة كوفيد-19 ومتحوراتها
ونحن نغلق العام الثاني على انتشار هذا الوباء، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية أن عدد الوفيات بتاريخ وصل إلى نحو 5300000 ضحية بينما وصل عدد المصابين إلى نحو 268 مليونا. لم ينج بلد كبير أو صغير، فقير أو غني من هذا الوباء. لقد احتلت الولايات المتحدة، أغنى الدول وأقواها، المرتبة الأولى في عدد الوفيات والإصابات.
لقد غيرت الجائحة كل شيء. الاقتصاد والاستثمارات والإنتاج والتجارة والصحة والسياحة والسفر والتعليم وغير ذلك. وأثرت على سير أعمال الأمم المتحدة بشكل حاد السنة الماضية وأقل حدية في النصف الثاني من عام 2021 حيث بدأت بعض الدول تمزج في الاجتماعات بين الحضور الشخصي والمرئي عبر تقنية الفيديو.
لقد وضعت منظمة الصحة العالمية هدفا للوصول إلى نسبة تطعيم عالمية تصل إلى 40 بالمئة مع نهاية 2021 و 70 بالمئة بحلول منتصف عام 2022. لكن الهدفين لم يتحققا بسبب اختلال نسبة توزيع اللقاحات. فلم تتمكن 98 دولة من تحقيق هدف 40 بالمئة مع نهاية هذا العام، ولم تتمكن 40 دولة حتى الآن من تطعيم 10 بالمئة من سكانها. بينما لم تصل نسبة التطعيم في البلدان ذات الدخل المنخفض إلا نحو 4 بالمئة من السكان. كما تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدلات التطعيم في البلدان ذات الدخل المرتفع أعلى بمقدار 8 مرات من دول أفريقيا حسب المعدلات الحالية.
لقد أكدت المنظمة الدولية أن العالم لا يمكنه هزيمة الوباء إلا بالتنسيق الجماعي والعمل على تقديم مساعدات سخية للدول الفقيرة وتوزيع اللقاحات بشكل سريع ومجاني والتخلي عن براءة الاختراع. وكما قال، عبد الله شاهد، رئيس الجمعية العامة لدورتها الحالية 76: «إما أن نكون جميعا آمنين أو لا أحد فينا آمن».
2-التغير المناخي
تطوران مهمان حدثا هذا العام يتعلقان بالمناخ. مؤتمر غلاسكو الذي لم يحقق الهدف المنشود واستخدام روسيا حق النقض «الفيتو» للإطاحة بمشروع قرار يربط بين المناخ والأمن.
أن التحدي الذي يمثله التغير المناخي ناتج عن الاحتباس الحراري الذي يسببه التلوث بسبب انبعاثات أكسيد الكربون. والهدف العالمي هو الوصول إلى مستوى صفر انبعاثات بحلول 2050 وتجميد ارتفاع حرارة الأرض بحدود 1.5 درجة مئوية. ولا أحد يشك أن التغير المناخي هو أحد الأسباب الرئيسية للكوارث الطبيعية التي زادت عددا وقوة تدمير وتنوعا في السنوات الثلاثين الماضية.
في غلاسكو الأسكتلندية عقد مؤتمر قمة للأطراف الموقعة على اتفاق باريس للمناخ الذي اعتمد عام 2015 والتي بلغ عددها 200 دولة وبمشاركة نحو 50000 شخص بين حضور مباشر أو عبر تقنيات التواصل عن بعد. بدأت أعمال المؤتمر COP26 31 تشرين الأول/أكتوبر واستمرت حتى 13 تشرين الثاني/نوفمبر. وتبنت الدول الأطراف وثيقة ختامية تمثل، وفقا للأمين العام للأمم المتحدة، انعكاسا للمصالح والتناقضات وحالة الإرادة السياسية في العالم اليوم.
ووصف الأمين العام غوتيريش المؤتمر بأنه «خطوة مهمة ولكنها ليست كافية. يجب علينا تسريع العمل المناخي بهدف الإبقاء على الهدف المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى حدود 1.5 درجة مئوية».
ودعت الوثيقة الختامية التي وافقت عليها 197 دولة إلى الإبلاغ عن تقدم كل دولة نحو المزيد من الطموح المناخي العام المقبل في مؤتمر COP27 المقرر عقده في مصر.
ويشير النص الذي تم اعتماده ، إلى «خفض تدريجي» لاستخدام الفحم كما يطالب الاتفاق بمواعيد نهائية أكثر صرامة للحكومات فيما يتعلق بتحديث خططها الرامية لخفض الانبعاثات. ومن بين القرارات الإيجابية التي اتخذها المؤتمر وقف استهداف الغابات تماما بحلول 2030. ودعت الوثيقة إلى الوصول إلى مستوى عال من التمويل يتجاوز 100 مليار في السنة من أجل تحقيق أهداف مؤتمر باريس.
والإحباط الثاني المتعلق بالمناخ جاء بعد فشل مجلس الأمن الدولي، يوم 13 كانون الأول/ديسمبر في تبني مشروع قرار بشأن المناخ والأمن بسبب استخدام روسيا حق النقض. وحظي مشروع القرار، الذي صاغته أيرلندا والنيجر وأيدته 113 دولة عضو أخرى خارج المجلس، بتأييد 12 صوتا، وصوتت ضده روسيا والهند، فيما امتنعت الصين عن التصويت. ويطلب المشروع من الأمين العام للأمم المتحدة «دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ كعنصر مركزي في استراتيجيات الأمم المتحدة الشاملة لمنع نشوب النزاعات».
3- الفقر والجوع والتشرد
لقد ارتفع عدد اللاجئين والمشردين عام 2021 ليصل 65 مليونا، وعدد الجوعى دون خط الفقر يزيدون عن 800 مليون إنسان، والفقراء يزيدون عن المليارين.
لقد تمكنت جائحة كوفيد-19 من وقف عقدين من التقدم العالمي نحو التغطية الصحية الشاملة، وفقا لتقارير منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، والتي كشفت عن دفع أكثر من نصف مليار شخص جديد إلى الفقر المدقع لأنهم مضطرون لدفع مقابل الخدمات الصحية من جيوبهم الخاصة.
وحسب مكتب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية فإن ما مجموعه 274 مليون شخص في جميع أنحاء العالم سيحتاجون إلى مساعدات طارئة وحماية خلال عام 2022 بزيادة قدرها 17 بالمئة مقارنة بعام 2021. ووضع المكتب وثيقة تتعامل مع الحالات الطارئة تشمل 37 خطة استجابة تغطي 63 دولة وتقدر تكاليفها بـ 41 مليار دولار لتوفير الإغاثة والحماية لـ 183 مليون شخص في أمس الحاجة إليها. ووفقا للتقرير، فإن أكثر من واحد بالمئة من سكان العالم مشردون والفقر المدقع يرتفع مرة أخرى وخاصة بين النساء.
وكشف تقرير صدر مؤخرا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» أن الجوع في العالم العربي مستمر في الارتفاع، حيث ارتفع بنسبة 91.9 بالمئة منذ عام 2000. وحسب للتقرير، يعاني ما يقرب من ثلث سكان المنطقة، أي 141 مليون شخص، من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد. وتعود أسباب انتشار الجوع والفقر المدقع إلى الأزمات الممتدة والاضطرابات الاجتماعية والتعرّض لصدمات وضغوط متعددة مثل النزاعات وعدم المساواة وتغيّر المناخ وندرة الموارد الطبيعية والتداعيات الاقتصادية المرتبطة بجائحة كوفيد-19.
4-النزاعات الدولية
بقيت النزاعات المُرحّلة من الأعوام السابقة مستمرة صعودا كما في حالة اليمن وهبوطا كما في سوريا وليبيا. وزادت حدة المواجهات في الأرض الفلسطينية المحتلة حيس شنت إسرائيل عدوانا جديدا على قطاع غزة في شهر رمضان الماضي أدى إلى وقوع المئات من الضحايا من بينهم 62 طفلا. لقد فشل مجلس الأمن فشلا ذريعا في إصدار بيان جماعي، يدعو لوقف العدوان وحماية المدنيين. الأمين العام نفسه تجاهل استفزازت القدس والشيخ جراح طوال شهر رمضان ولم يصدر بيانا إلا بعد أن حذرت المقاومة باستهداف مسيرة الأعلام في القدس. وعندما لم يتم إلغاء المسيرة وأطلقت المقاومة مقذوفاتها التحذيرية لفض المسيرة سارع وأصدر بيانا يدين بأقسى العبارات إطلاق المقذوفات لكنه لم يتحل بنوع من الشجاعة مثل جريدة هآرتس أو نيويورك تايمز بإدانة قتل الأطفال الفلسطينين.
لقد عقدت جلسة مفتوحة لمجلس الأمن يوم 15 أيار/مايو على مستوى الوزراء ناقشت الوضع دون أن يخرج عنها شيء. وما زال 64 بالمئة من سكان غزة أو 1.6 مليون يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات الإنسانية. وتقول الأمم المتحدة إن الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الداخلي والتصعيد المتكرر كلها عوامل تغذي الاعتماد على المساعدة، وتبقي نسبة البطالة والفقر عند 44.7 بالمئة و59.3 بالمئة على التوالي.
وفي ليبيا ظل وقف إطلاق النار قائما لغاية الآن رغم الكثير من الاستفزازات، وركزت الأمم المتحدة في جهودها على عقد الانتخابات الرئاسية والتشريعية كما يريدها الليبيون. وتركت مبعوثة الأمين العام بالوكالة، ستيفاني وليمز، منصبها في كانون الثاني/ يناير الماضي وعين مكانها يان كوبيتش الذي اتخذ جنيف مقرا لعمله. لكنه أصيب بحالة من الإحباط لتعثر التوافق الليبي حول الانتخابات والفشل في إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية ما يهدد السلم الاجتماعي في ليبيا، ولذا أعلن عن استقالته نهاية تشرين الثاني/نوفمبر. فما كان من الأمين العام إلا أن اعاد ستيفاني وليمز كمستشار خاص له لتتابع ما قامت به.
تشمل مهمات الأمم المتحدة في ليبيا مجموعة مسارات: السياسي والإنساني وملف حقوق الإنسان والمهاجرين والأسماء المطلوبة لمحكمة الجنايات الدولية ومراقبة حظر التسليح بناء على قرار 1970 (2011) والموكل للجنة خبراء مختصة تراقب عمليات إرسال شحنات الأسلحة للأطراف المتحاربة. واقترحت الأمم المتحدة أن تجرى الانتخابات الليبية يوم 24 كانون الأول/ديمسبر 2021 وتبدو الصوة ضبابية في موضوع الانتخابات وكل الدلائل تشير إلى أنها ستؤجل على الأقل لشهرين أو ثلاثة.
في اليمن تفاقمت الأمور أكثر خلال هذا العام وتم تغيير المبعوث الخاص حيث ترك مارتن غريفيث المنصب بعد اختيار هانز غروندبيرغ.
يدخل الصراع في اليمن عامه السابع ويشهد تكثيفا في المناطق الحدودية على الخطوط الأمامية، لا سيّما في الشرق في مأرب ومدن أخرى مثل تعز والحديدة وحتى مناطق على ساحل البحر الأحمر.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الأزمة في اليمن هي سياسية أصلا أدت إلى أزمة أمنية، وهذه أدت إلى انهيار في الاقتصاد، حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد هو 50 بالمئة مما كان عليه في السابق، ومئات الآلاف من الأشخاص فقدوا مصادر رزقهم، والوظائف لم تعد موجودة. حتى مصايد الأسماك، كانت ثالث أكبر عائد تصدير للبلاد على طول ساحل البحر الأحمر انهارت بالكامل. وتقوم الأمم المتحدة بمساعدة نحو 13 مليون يمني يعيشون دون خط الفقر. وتمت الاستفادة من حوالي 2.2 مليار دولار من الدول المانحة لدعم شعب اليمن، ولكن هذا المبلغ أقل من 60 بالمئة من المطلوب، ولا يزال يوجد نقص بقيمة 1.6 مليار دولار في هذه المرحلة.
وتراقب الأمم المتحدة التصعيد من قبل الحوثيين على جبهات القتال وتوسيع رقعة المواجهات. ويرى مبعوث الأمين العام غروندبيرغ أن «حل الصراع ينبغي أن يكون عبر تسوية سياسية تفاوضية شاملة، مع ضرورة التزام أطراف النزاع بالتقيّد بالقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية».
أما سوريا فلم تطرأ تغييرات جوهرية ولم يحصل أي تقدم بعد لقاء اللجنة الدستورية في جنيف بين 17 و 22 تشرين الأول /أكتوبر. ووصف المبعوث الخاص للأمين العام، غير بيدرسون، بعد انفضاض الاجتماع المناقشة حول قضايا الدستور بأنها خيبة أمل كبيرة، قائلا: «لم نحقق ما كنا نأمل في تحقيقه على مدار الأيام الخمسة الماضية». وقام بيدرسون بزيارة دمشق يوم 12 كانون الأول/ديسمبر والتقى وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، وقال إنه قد تباحث مع الوزير بشكل مفصل في جميع التحديات التي تواجه سوريا. ومن بين المسائل التي نوقشت «الوضع العسكري والاقتصادي والإنساني وبالطبع العملية السياسية المرتبطة بذلك».
الوضع العام في سوريا ما زال قاتماً بشكل متزايد. فبالإضافة إلى تصاعد العنف، يتدهور الاقتصاد، وأصبحت مجاري الأنهار الشهيرة في بلاد ما بين النهرين في أكثر حالاتها جفافاً منذ عقود، ويبدو أنه لا يمكن إيقاف انتقال فيروس كورونا المستجد في المجتمع المحلي بسبب نظام الرعاية الصحية الذي أهلكته الحرب ونقص الأكسجين واللقاحات. ولا يعتبر هذا الوقت المناسب كي يظن أحد أن سوريا بلد صالح لعودة اللاجئين، حسب ما صرحت به المفوضة كارين كونينغ أبو زيد، في تقريرها الأخير قبل استقالتها. وقد شهدت الأشهر الأخيرة تزايدًا في القتال والعنف في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي والجنوب في البلاد، كما جاء في التقرير الأخير للأمين العام المقدم لمجلس الأمن.
ويبقى الملف السوري مجمدا بانتظار انفراجات أخرى تتعلق بالأوضاع الإقليمية والدولية. وما زال أكثر من 12 مليون سوري بين مهجر ولاجئ ويرزح في السجون السورية نحو 159 ألف معتقل بينما أكدت اللجنة المستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في سوريا المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان أن عدد الضحايا في النزاع السوري فاق 35000 ضحية بشكل موثق.
قضايا تثير اهتمام الأمم المتحدة
سد النهضة
أصرت مصر على بحث أزمة سد النهضة أمام مجلس الأمن. عقدت جلسة في حزيران/يونيو 2020 وأخرى في تموز/يوليو 2021 ثم صدر بيان عن مجلس الأمن أغلق ملف التدويل. حيث اعتمد المجلس في 15 أيلول/سبتمبر بيانا رئاسيا حول أزمة سد النهضة أنهى المراهنات المصرية السودانية على تدويل الأزمة ورفع مستواها لتصنف على أنها مصدر تهديد للأمن والسلم الدوليين. لقد أغلق مجلس الأمن الباب أمام محاولات الدولتين العودة إلى المجلس عندما أكد أن هذا البيان لا يعتبر سابقة لحل أي منازعات تتعلق بالمياه العابرة للحدود. فدور مجلس الأمن الرئيسي هو في صيانة السلم والأمن الدوليين حسب ميثاق الأمم المتحدة. أي أن مجلس الأمن الدولي لم يعتبر أزمة سد النهضة من اختصاصه لأنها، كما وصفها البيان «فنية وإدارية».
الانقلاب في السودان
لعب المبعوث الخاص للأمين العام إلى السودان، فولكر بيرثس، دورا محوريا في أزمة السودان بعد انقلاب عبد الفتاح البرهان يوم 25 تشرين الأول/اكتوبر الذي أدى إلى وقف العمل باتفاق الشراكة المؤقت بين المكونين العسكري والسياسي وتعطيل الفترة الانتقالية في السودان. انخرطت الأمم المتحدة بشكل كبير في عملية الوساطة بين الأطراف، الأمر الذي أسفر عن عودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر إلى منصب رئيس الوزراء وهو ما لم يحظ بإجماع شعبي داخل البلاد.
وكان مجلس الأمن أعرب يوم 28 تشرين الثاني/أكتوبرعن قلقه البالغ إزاء «الاستيلاء العسكري على السلطة» في السودان، في 25 تشرين الأول/ أكتوبر، وتعليق بعض المؤسسات الانتقالية، وإعلان حالة الطوارئ، واحتجاز رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، فضلا عن أعضاء مدنيين آخرين في الحكومة الانتقالية. واتخذ الاتحاد الأفريقي موقفا متشددا من الانقلاب ما أدى في النتيجة إلى الإطاحة به. الاتفاق يدخل مرحلة الاختبار بعد أن وضعت الأمم المتحدة خريطة طريقة للتعافي والعودة إلى المسار الديمقراطي يبدأ بإطلاق سراح السجناء جميعا واحترام الحق في التظاهر والتجمع وتحسين مستوى معيشة الفرد والعمل على السماح لحرية الأحزاب وتحديد موعد لانتخابات حرة ونزيهة وضمان المنافسة السليمة واحترام النتائج.
الانقلاب في ميانمار
أطاح جيش ميانمار بالحكومة المنتخبة ديمقراطيا في انقلاب بتاريح 1 شباط/فبراير. قام الشعب بالاحتجاج السلمي ضد الاتقلاب وقد تصدى الجيش بالقوة للمتظاهرين وأردى منهم المئات. تعمّقت حالة حقوق الإنسان في ميانمار على نطاق غير مسبوق بحسب مجلس حقوق الإنسان. وما زالت الانتهاكات الخطيرة تقع يوميا وخاصة الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي، وحظر التعذيب، والحق في محاكمة عادلة وحرية التعبير. ومنذ ذلك الحين، احتجز الجيش أكثر من 10.000 من معارضيه بشكل تعسفي، مع الإبلاغ عن وفاة 175 شخصا على الأقل في الحجز- من بينهم الكثير من أعضاء الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية- وقد ورد أنهم توفوا على الأرجح بسبب سوء المعاملة أو التعذيب. وتقول تقارير مجلس حقوق الإنسان إن أكثر من 1100 شخص قد لقوا حتفهم منذ الانقلاب كما تم اعتقال أكثر من 8000 شخص.
وكان أعضاء مجلس الأمن قد رفضوا الانقلاب وعلقت الجمعية العامة عضوية ميانمار. كما أصدر مجلس الأمن بيانا يعرب فيه عن قلقه العميق إزاء إدانة مستشارة الدولة أونغ سان سوتشي والحكم عيها بالسجن أربع سنوات يوم 5 كانون الثاني/ديسمبر، وجددوا الدعوة للإفراج عن جميع المعتقلين تعسفيا منذ 1 شباط/فبراير 2021.
الحرب الأهلية في إثيوبيا
ما زالت قضية الحرب الأهلية التي انطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 وما زالت متواصلة حتى اليوم تثير قلق المجتمع الدولي خاصة وأن حكومة أبي أحمد لم تتعاون مع مبعوثي الاتحاد الأفريقي أو الولايات المتحدة أو الوساطة الجزائرية، وما زالت ترفض كل محاولات جادة لوقف إطلاق النار.
وقد أدت الحرب إلى تفاقم الأزمة الإنسانية حيث أعلن برنامج الأغذية العالمية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» باستمرار نزوح الأشخاص بسبب النزاع في أمهرة وعفار وغرب تيغراي، في الوقت الذي تقدّر الأمم المتحدة الحاجة الماسة لنحو 9.4 مليون شخص إلى المساعدة الغذائية في تلك المناطق الثلاث.
كما أعرب خبراء حقوق إنسان عن قلقهم البالغ إزاء انتشار العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي المرتكب ضد النساء والفتيات في تيغراي وأمهرة وعفار بإثيوبيا من قبل أطراف النزاع.
وقال الخبراء في بيان إن هذه الأعمال يبدو أنها استُخدمت كجزء من استراتيجية متعمدة لترويع وإهانة وإذلال الضحايا ومجموعة الأقليات العرقية التي ينتمون إليها، بموافقة الدولة وأطراف النزاع من الجهات غير الحكومية.
هذه بعض القضايا المتداولة على جدول أعمال مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو مجلس حقوق الإنسان ولا يتسع المجال لبحث قضايا أخرى مثل أفغانستان ومالي والنيجر وقبرص ولبنان والصومال وملف إيران النووي والأزمة المتطورة حاليا بين روسيا وأكرانيا.
القدس العربي