بدأت الهجمات الجوية الإسرائيلية مع فجر يوم الثالث عشر من حزيران 2025 باستخدام عشرات الطائرات المقاتلة في ضربة استباقية طالت عديد من الأهداف العسكرية والأمنية داخل العمق الإيراني استهدفت قيادات كبيرة ومنشأت نووية ومطارات جوية وعلماء بارزين في البرنامج النووي الإيراني عبر خطوات ميدانية مركزة شملت إزالة القدرة القتالية لإيران وشل امكانياتها الدفاعية والصاروخية بعيدة المدى.
واصابت العملية الهجومية مقر القيادة العامة للحرس الثوري وهيئة الأركان الإيرانية في في العاصمة الإيرانية ( طهران) ومنازل لمسؤولين وقادة عسكريين وسياسين ومناطق أخرى، كما امتدت الضربات الجوية الإسرائيلية التي بلغت زهاء ( 250) غارة لعدد من المحافظات الإيرانية منها ( كرمنشاه وتبرير ولرستان وكرج ومهران) ومواقع للدفاعات الجوية في محيط مطار خميني ومنازل ومقرات تابعة للحرس الثوري وعلماء بارزين في مدن (لويزان وبارجين وباسدران ونوبيناد وجيتكر وقصر شيرين) الإيرانية.
تزامنت الضربات العسكرية مع سلسلة من العمليات السرية التي قام بها عناصر من جهاز الموساد الإسرائيلي داخل إيران وشملت ضرب مواقع ومنشأت ومنظومات للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، والتي تمكنت من إيجاد قاعدة لها في العمق الإيراني عبر تواجد قوات كوماندوز تابعة للموساد ساهمت في جمع المعلومات وتعيين الأهداف ورسم خطط الاستهداف قبل بدأ الضربات الجوية، وأدت العمليات الاستخبارية إلى تدمير المضادات الدفاعية الإيرانية وبطاريات الدفاع الجوي بواسطة قاعدة كبيرة بتجهيزات جديدة أنشأت لطائرات مسيرة استخدمها عناصر الموساد ووحدة العمليات الخاصة من داخل إيران.
أدت العملية العسكرية إلى مقتل رئيس أركان الجيش الإيراني محمد باقري وحسين سلامي قائد الحرس الثوري وأمير على حاجي زادة قائد القوة الجوفضائية في الجيش والعميد داود شيخيان قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري والعميد مهدي رباني مساعد شؤون القوات المسلحة الإيرانية وغلام علي قائد مقر خاتم الأنبياء والجنرال غلام علي رشيد نائب قائد الجيش الإيراني ومحمد مهدي طهرانجي رئيس جامعة آزاد الإسلامية وفريدون عباسي الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية والدكتور عبد الحميد مينوتشهر العالم النووي وعضو الهيئة التدريسية ورئيس كلية الهندسة النووية في جامعة شهيد بهشتي، وألحقت الأضرار بمنشأة نطنز النووية ومصنع لصنع الصواريخ في مدينة شيراز جنوب إيران وتدمير مطار تبريز العسكري وبرنامج الصواريخ الباليستية وتخصيب اليورانيوم والتسلح النووي واصابة علي شمخاني مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي للشؤون السياسية بجروح بليغة ونقله للمستشفى العام في طهران.
تلقت القيادة الإيرانية الهجمات الإسرائيلية بشكل مفاجئ ولم تكن تتوقع هجوم شامل كالذي حصل لمراكزهم السياسية والأمنية والعسكرية والمنشأت النووية وقياداتهم الميدانية والتي جعلت المرشد علي خامنئي أن يبادر مخاطبًا الإيرانيين بأن الضربات القادمة ستكون عقابًا قاسيًا لإسرائيل وسوف لا تتركها القوات الإيرانية وشأنها وأنها رسمت لنفسها ( مصيرًا مؤلمًا وستلقاه بلا شك)، واتهمت القيادة العسكرية الإيرانية الإدارة الأميركية بتقديم الدعم الكامل لإسرائيل في هجومها داخل العمق الإيراني.
وجاء الرد الأمريكي على لسان الرئيس ترامب بقوله (تم إبلاغي بالهجمات مسبقًا ولا توجد مفاجأت، لكن الولايات المتحدة غير متورطة عسكريًا وتأمل أن تعود إيران لطاولة المفاوضات) وأضاف موضحًا ملامح التطورات القادمة بأن على ( إيران التوصل لاتفاق قبل أن لا يبقى شئ وانقاذ ما كان يعرف سابقا بالامبراطورية الإيرانية، والهجمات القادمة ستكون أكثر عدوانية)، وأن الولايات المتحدة مستعدة للدفاع عن نفسها وعن إسرائيل في حال ردت إيران عسكريًا على الهجمات الإسرائيلية.
وهو ما يعطي دلالة عن حقيقة المواقف الأمريكية بكلام دقيق وواضح عن النية في استمرار العمليات العسكرية وردع إيران واقناعها بأن الخيار العسكري لإسرائيل ليس مجرد حالة نظرية وإنما خيار جدي وعليها ان تتعامل برؤية ميدانية فاعلة عند النظر في أي جولات أو مفاوضات قادمة بخصوص برنامجها النووي وباقي الملفات السياسية والأمنية.
وأكد الرأي السياسي الأمريكي وزير الخارجية ماركو روبيو بقوله ( لم يكن هناك أي تدخل أو مساعدة أميركية في الضربات الإسرائيلية ضد إيران ولسنا متورطين في العملية العسكرية الإسرائيلية، وأن على إيران ألا تستهدف المصالح أو الأفراد الأميركيين).
وقامت القوات الإيرانية بتوجيه مباشر من المرشد الأعلى علي خامنئي باطلاق (800) طائرة مسيرة وعدد من صواريخ كروز تجاه العمق الإسرائيلي ردًا على الهجمات التي أصابت المواقع العسكرية والمنشآت النووية ومنظومات الدفاع الجوي، مما حدى بالقوات الأمريكية البريطانية الاعلان عن تقديم المساعدة التامة للقوات الإسرائيلية في أي اعتراض للطائرات المسيرة الإيرانية.
أكدت العملية العسكرية الإسرائيلية أن الجهد الامني والمعلوماتي الميداني لشعبة الاستخبارات قد سهل عملية تنفيذ الهجوم الإسرائيلي، وأن العملية قد تم التهئ والاعداد لها بشكل دقيق ووسائل وأدوات استخبارية متقدمة ومعلومات ميدانية فاعلة، أدت إلى أحداث ارتباك فوضى في المنظومة العسكرية والأمنية الإيرانية وهيكلية النظام السياسي والعسكري القائم في طهران عبر استهداف قياداته العسكرية والأمنية والعديد من العلماء النشطين والعاملين في المجال النووي والأنشطة الفنية والتقنية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني واستهداف مقر قيادة الحرس الثوري والهيئات التابعة له، وأن أهمية التنفيذ انها تمت من الداخل عبر قواعد ومقرات تم إنشاؤها من قبل الموساد الإسرائيلي داخل الأراضي الإيرانية واستخدمت الطائرات المسيرة في تنفيذ عملياتها الخاصة التي صاحبت الهجوم الجوي بواسطة الطائرات المقاتلة نوع (أف 35) والتي أدت مهامها في تنفيذ أهدافها تجاه المقرات والمواقع الإيرانية الرئيسية والمهمة وادت إلى مقتل العديد من القيادات الميدانية وأحداث خلل وشلل كبير في قدرة منظومات الدفاع الجوي، أظهرت هشاسة وضعف الجبهة الداخلية بوصول الإسرائيليين لمواقع عسكرية استراتيجية وقيادات كبيرة واستهدافهم.
الغاية العملية من الهجمات العسكرية الإسرائيلية هي العمل على إعادة النظر في سياسية الرد المقابل ورفع مستوى الأداء فيه والوصول به إلى درجة لا تستطيع فيه القيادات العسكرية الإيرانية من الرد الموازي والمقابل بمثله وفي هذه الحالة عليها القبول بالحوار والانصياع للشروط الأمريكية وإضعافها في أي حوارات قادمة أو مفاوضات لاحقة بشأن البرنامج النووي ودفعها لتقديم تنازلات عملية توصلها لاتفاق نووي دائم، مع ملاحظة أن العملية جاءت في توقيت محدد سبق موعد عقد جلسة المفاوضات السادسة بين واشنطن وطهران في العاصمة العُمانية ( مسقط)، ثم إن الأساليب الأمنية المتبعة في تنفيذ العملية أثبت أن هناك جهات دولية تتمتع إيران بعلاقات وطيدة معها قد خدعتها في عدم إمكانية قيام إسرائيل بهجوم عسكري على أراضيها ومنشأتها العسكرية والنووية.
وأخيرًا كانت الخدعة الكبيرة التي اعدت من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لاحداث حالة من الاطمئنان لدى القيادة الإيرانية من عدم أقدام القوات الإسرائيلية لأي فعالية هجومية، بإرسال تلميحات ومعلومات بعدم حدوث أي شئ يتعلق بالمواجهة المباشرة بين تل أبيب وطهران قبل زفاف نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والذي أعلن عن تمتعه بعطلة في الشمال الإسرائيلي مع وجود تحذيرات للرئيس ترامب لعدم شن هجوم ضد إسرائيل.
وحدة الدراسات الإيرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجة