الرياض – حمل خطاب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، لدى افتتاحه أعمال مجلس الشورى عبر الاتصال المرئي مساء الأربعاء العديد من الرسائل، أبرزها الموجهة لطهران والتي تعكس قلق المملكة من النووي الإيراني وسلوكها الاستفزازي المتواصل في المنطقة.
وقال الملك سلمان إن “إيران دولة جارة للمملكة، ونأمل أن تغير من سياستها وسلوكها السلبي في المنطقة، وأن تتجه نحو الحوار والتعاون”.
وفي نوفمبر الماضي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن “محادثات بلاده مع إيران، المقاطعة العلاقات معها منذ 2016، ستستمر، ومن المتوقع إجراء جولة إضافية من المفاوضات قريبا”، وذلك بعد نحو شهر على كشفه عن عقد جولة رابعة من المفاوضات المباشرة في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي.
وأشار الملك سلمان في خطابه إلى سياسة النظام الإيراني “المزعزعة للأمن والاستقرار بالمنطقة، ودعمها لميليشيا الحوثي باليمن”، وهي اتهامات عادة ما تنفيها طهران.
وقال العاهل السعودي “نتابع بقلق بالغ سياسة النظام الإيراني المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة، بما في ذلك إنشاء ودعم الميليشيات الطائفية والمسلحة والنشر الممنهج لقدراته العسكرية في دول المنطقة، وعدم تعاونه مع المجتمع الدولي في ما يخص البرنامج النووي وتطويره برامج الصواريخ الباليستية”.
وأكد أن “المملكة تتابع دعم النظام الإيراني لميليشيا الحوثي الإرهابية، الذي يطيل أمد الحرب في اليمن ويفاقم الأزمة الإنسانية فيه، ويهدد أمن المملكة والمنطقة”، مشددا على أن “المملكة حريصة على أمن واستقرار الجمهورية اليمنية والمنطقة بأكملها”.
كذلك لفت إلى أن بلاده حريصة على تقديم مصالح الشعب اليمني أولا، مؤكدا أن المملكة مازالت تدعو الحوثيين إلى الاحتكام للحكمة والعقل.
وجدد التأكيد على أن المبادرة السعودية هي الحل لإنهاء الصراع في اليمن.
وتمثل السعودية الخصم التقليدي لسلوك إيران التخريبي في المنطقة، وتقود الرياض منذ 2014 تحالفا عسكريا داعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في مواجهة المتمرّدين الحوثيين المقرّبين من إيران.
وكان التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، اتهم الأحد إيران وحزب الله اللبناني بإرسال خبراء وعناصر إلى مطار صنعاء لمساعدة المتمردين على إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة تجاه المملكة من المطار.
وقد تسبب أحدها في مقتل شخصين مساء الجمعة الماضي، في هجوم هو الأكثر دموية في السعودية منذ نحو ثلاث سنوات.
واليمن غارق في حرب مدمرة منذ أكثر من سبع سنوات، دفعته إلى شفير المجاعة وسط تدهور كبير في نظام الرعاية الصحية.
وأدّى النزاع منذ 2014 بين المتمردين الحوثيين والسلطات اليمنية إلى نزوح الملايين من اليمنيين. وتوقعت الأمم المتحدة أن ترتفع حصيلة ضحايا الحرب بشكل مباشر وغير مباشر إلى 377 ألف قتيل بحلول نهاية العام الحالي.
وعن بيروت التي تشهد أزمة دبلوماسية وتجارية مع الرياض، قال الملك سلمان “تقف المملكة إلى جانب الشعب اللبناني، وتحث جميع القيادات اللبنانية على تغليب مصالح شعبها، والعمل على تحقيق ما يتطلع إليه (..)، وإيقاف هيمنة حزب الله الإرهابي على مفاصل الدولة”.
وكانت السعودية ودول خليجية أخرى طردت في التاسع والعشرين من أكتوبر الماضي سفراء لبنان، على خلفية أزمة دبلوماسية ناجمة عن تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن حرب اليمن، حيث تقود المملكة تحالفا عسكريا في مواجهة الحوثيين.
وفي نوفمبر الماضي، اعتبر وزير الخارجية السعودي أن “التعامل مع بيروت غير ذي جدوى في ظل هيمنة حزب الله على النظام السياسي اللبناني. ليست هناك أزمة مع لبنان، بل أزمة في لبنان بسبب هيمنة وكلاء إيران”.
وسياسيا، أكد الملك سلمان ضرورة تسريع إجراءات التكامل الخليجي، مؤكدا أن “القضية الفلسطينية تأتي على رأس أولويات سياسة المملكة الخارجية”.
وفي الشأنين السوري والليبي أكد دعم المملكة “لجميع الجهود الرامية إلى الوصول إلى الحلول السياسية التي تحافظ على سيادة ووحدة وسلامة البلدين الشقيقين”.
وأكد الملك سلمان أن “المملكة تدعم استقرار وتنمية العراق، وتجدد دعمها الكامل للحكومة العراقية، بما يضمن أمن وسيادة واستقرار العراق، وارتباطه بعمقه العربي”.
ورحب العاهل السعودي “بما توصلت إليه أطراف المرحلة الانتقالية في السودان من اتفاق حول استكمال مهام المرحلة الانتقالية لتحقيق تطلعات الشعب السوداني”.
وأعلن الملك سلمان أن “المملكة تتابع باهتمام تطورات الأوضاع في أفغانستان وتؤكد أهمية استقرار وأمن أفغانستان، وألا تكون ملاذا للتنظيمات الإرهابية”، مشيرا إلى أن “المملكة دعت إلى عقد اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي في شهر ديسمبر 2021 لإغاثة شعب أفغانستان الشقيق”.
وعلى الصعيد الاقتصادي، جدد العاهل السعودي حرص المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، على استمرار العمل باتفاق مجموعة أوبك بلاس “لدوره الجوهري في استقرار أسواق البترول”.
وفي بداية الشهر الحالي، قرر أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحلفاؤهم العشرة في تحالف “أوبك+” (بلاس)، مواصلة سياسة زيادة الإنتاج تدريجيا، رغم المخاوف المتعلقة بالمتحورة أوميكرون لفايروس كورونا.
العرب