في جميع أنحاء المدينة، مشى الأطفال على شكل مجموعات، مرتدين الزي المدرسي الأزرق والأبيض، بعد بدء السنة الدراسية أواخر الشهر الماضي، والتي تم تأخيرها هذا العام بسبب أن العراق هو في حالة حرب مرة أخرى.وحام المتسوقون في الميدان العام المزدحم أيضًا لشراء الخضار والدجاج. بينما وقف 12 جنديًا عراقيًا مرتدين الزي الرسمي عند مدخل السوق.
وبالنسبة لهذه المدينة، التي يقال إنها تحت تهديد قاتل من قبل المتطرفين من “الدولة الإسلامية”، لم يكن هناك أي علامة على الخوف أو الذعر. ويعود السبب هذه الطمأنينة لما يقول سكان ومسؤولون هنا إنه تحالف ناشئ في أبو غريب بين زعماء القبائل السنية، والقوات الحكومية التي يسيطر عليها الشيعة وميليشياتهم.
وفي بلاد يمزقها العداء بين السنة والشيعة، يعد هذا التعاون أمرًا نادر الحدوث. وبالنسبة للحكومة العراقية، توفر هذه الشراكة في أبو غريب بصيصًا من الأمل في الوقت الذي تعاني فيه قوات الأمن محاولةً تجميع صفوفها، واستعادة الأراضي التي استولت عليها “الدولة الإسلامية”.
وقد ازدهرت المجموعة المروعة والمتزمتة، نتيجة دعم السنة الذين كانوا يشعرون بالظلم نتيجة ما يرون أنه خسارتهم للسلطة لصالح الإدارة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد. ولكن، ومن خلال اتخاذ خطوات على الفور لإزالة مصادر الاحتكاك بين السنة والشيعة في شوارع أبو غريب وتجنب اللجوء إلى القوة، تحول سكان أبو غريب الملتئمون (حتى الآن على الأقل) إلى حاجز فعال أمام مزيد من تقدم “الدولة الإسلامية” باتجاه بغداد، التي تبعد 25 كيلومترًا إلى الشرق.
وقال الجنرال سعد معن، وهو مسؤول في مركز القيادة العملية في العاصمة: “لقد سيطرنا على الوضع بطريقة سياسية”. وأضاف: “إن مهمتنا الأولى هي حماية بغداد، وهذه المهمة تبدأ بحماية مشارف العاصمة”.
وبالنسبة لكلا الجانبين، تعد لعبة السيطرة على أبو غريب لعبة عالية المخاطر والأرباح. للمتمردين، والذين سعوا منذ مايو لإقامة موطئ قدم لهم في المدينة، هي انطلاقة محتملة لشن هجمات على العاصمة القريبة. ولقوات الأمن العراقية، أبو غريب هي محور منطقة عازلة لحماية الجناح الغربي لبغداد من مزيد من اعتداءات قوات “الدولة الإسلامية”، التي اكتسبت السيطرة على معظم مناطق محافظة الأنبار الأخرى.
وانضمت أبو غريب إلى المعركة في يونيو/حزيران، عندما تقدمت “الدولة الإسلامية” جنوبًا باتجاه بغداد بعد استيلائها على مدينة الموصل شمال العراق. وردًا على دعوة لحمل السلاح من قبل القادة السياسيين والدينيين، دخلت الميليشيات الشيعية الموالية لإيران بقوة إلى أبو غريب لدعم القوات الحكومية ومساعدتها في الدفاع عن المدينة، التي كانت بالفعل تتعرض لهجمات كر وفر.
وقد واجهت الحكومة وضعًا غير مؤاتٍ منذ البداية. حيث إته، وفي أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 للإطاحة بصدام حسين، كانت أبو غريب محورًا للتمرد الذي قاده السنة ضد القوات الأجنبية، وللإدارة التي أرادت تثبيتها. ومع دائرتها من المتشددين السنة، أصبحت المدينة مركزًا يمكن الاعتماد عليه بالنسبة لسلف “الدولة الإسلامية” الأيديولوجي، تنظيم القاعدة، لشن هجمات على بغداد. وتوطدت صورة أبو غريب بوصفها بوتقة غضب السنة مع نشر الصور التي أظهرت حراس الجيش الأمريكي يقومون بإساءة معاملة وتعذيب السجناء في سجن المدينة.
ووفقًا لطلال الزوبعي، وهو العضو السني في البرلمان من أبو غريب، تسبب وجود الميليشيات الشيعية في شوارع المدينة على الفور باندلاع احتكاكات، وهدد بتحويل أبو غريب إلى أرض خصبة لـ “الدولة الإسلامية”.
وقد شكا السنة من أنهم تعرضوا للمضايقات، واعتقلوا في بعض الأحيان، من قبل أفراد الميليشيات الشيعية. وقال أحمد يونس، 23 عامًا، إن المقاتلين الشيعة دخلوا مرارًا إلى متجره في سوق خان باري في المدينة، وسرقوا شواحن وبطاقات الهاتف المحمول، تحت تهديد السلاح.
عندما طلب يونس، وأصحاب المحلات التجارية الأخرى، المساعدة من القادة العسكريين العراقيين المحليين، تم استقبال مطالبهم بنوع من اللامبالاة أو العجز. ولك، وكما يتذكر يونس، “اختفت الميليشيات من السوق، وأصبح الجيش مرئيًا، تقريبًا بين عشية وضحاها”.
وقال ضابط كبير في الجيش في أبو غريب: “لقد أكدنا للناس أن الجيش لن يسمح بارتكاب أي مخالفات في هذا المجال، سواء على أيدي قوات الأمن أو الميليشيات”. وأضاف الضابط إنه، وللحد من الاحتكاك، منعت الشرطة الميليشيات الشيعية من التواجد داخل أبو غريب، وحولتهم من حراسة نقاط تفتيش داخل المدينة إلى القيام بدوريات على الطرق السريعة التي تحيط بالمدينة.
وكان الدعم من زعماء العشائر السنية قويًا أيضًا في هذا المجال. ويرى مسؤولون أمريكيون وعراقيون أن دعم هؤلاء القادة ضرورة إذا ما كانت الحكومة تريد أن تحقق أي نجاح في تحجيم “الدولة الإسلامية”، ليس فقط في أبو غريب، ولكن حتى في أماكن أخرى من العراق.
وقال سيف الجميلي، وهو زعيم قبلي: “أبو غريب الجديدة ليست مثل أبو غريب القديمة”. وأضاف: “الجيش غير الطريقة التي يتعامل بها مع الناس، والناس استجابوا وغيروا الطريقة التي يتعاملون بها مع الجيش. نحن نثق في بعضنا البعض الآن”.
وفي حين أن الشك بين السنة والشيعة لا يزال بعيدًا عن الزوال، حفزت المعارضة المشتركة في أبو غريب لتنظيم “الدولة الإسلامية” حدوث هذا التعاون النادر. نجاح “الدولة الإسلامية” بدأ بسرعة البرق في يونيو، وقد أفاق سكان هذه المدينة وغيرهم من العراقيين على حد سواء ليروا التكاليف الحقيقية للحقد الطائفي المنتشر بينهم. وعن هذا، قال الجنرال معان: “لقد كان درسًا قاسيًا بالنسبة لنا كشعب عراقي”.
وبالنسبة لكثير من السنة هنا، فإن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد والميليشيات الشيعية المنتشرة في مدينتهم هي شر أهون مما يسمعونه في شهادات العراقيين الذين فروا من مناطق البلاد التي تسيطر عليها “الدولة الإسلامية”، وفقًا لما قاله الجميلي. وأضاف الأخير: “هل تعتقد أن الناس سوف تبدل السلامة والأمن بغباء وعنف الدولة الإسلامية؟”.
وول ستريت جورنال – التقرير
http://altagreer.com/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D9%86%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D9%8A%D8%AC%D8%AF%D8%AF-%D8%A7