بغداد تستعين ببكين لبناء أكبر مصفاة للنفط قرب ساحلها الخليجي

بغداد تستعين ببكين لبناء أكبر مصفاة للنفط قرب ساحلها الخليجي

يسعى العراق لجلب استثمارات كبيرة في قطاع المصافي الذي يعاني من عدم قدرته على سد الحاجة المحلية من مختلف أنواع الوقود، بعد زيادة عدد السيارات والمعامل ومحطات الكهرباء وغيرها من المنشآت الصناعية.

وعلى الرغم من محاولات الحكومات العراقية السابقة التوقيع على إنشاء مصافي نفطية استثمارية، إلا أنها لم تحقق نجاحاً يّذكر في تحويل العديد من التصريحات ومذكرات التفاهم الموقعة مع عدد من الشركات منذ عام 2010 وحتى 2018 إلى مشاريع على أرض الواقع.

وأصدر العراق في عام 2007 قانون الاستثمار الخاص في تصفية النفط الخام، وتم تعديله في عام 2011 ليتيح بشكل واسع وعبر امتيازات وتسهيلات للشركات العالمية، الاستثمار في هذا المجال عبر أسعار تفضيلية للنفط الخام، وبيع منتجاتها داخل العراق بالأسعار العالمية.

الإنتاج محدود

وبحسب تقرير ديوان الرقابة المالية العراقي، فإن معدل استهلاك العراق من البنزين يبلغ سنوياً 8.12 مليار ليتر، فيما بلغ مجموع الانتاج المحلي 4.8 مليار ليتر، بينما بلغ مجموع الاستيراد من البنزين 3.3 مليار ليتر لغاية 2018.

وزاد عدد المركبات في العراق من نحو 350 ألف مركبة خلال 2003 إلى نحو 7 ملايين، يوجد منها مليون ونصف مليون سيارة في العاصمة بغداد.

وتبلغ كُلفة استيراد الوقود سنوياً بحسب ما أقرته الموازنة العراقية وإحصاءات وزارة النفط العراقية، نحو 4 مليارات دولار من دون أن يضاف لها تكاليف استيراد الوقود الخاص بمحطات الكهرباء بمختلف أنواعه.

ويبدو أن هذه المؤشرات دفعت الحكومة العراقية إلى التحرك سريعاً نحو الشركات العالمية، للبدء بمشاريع مصافي كبرى قادرة على تلبية الطلب المتصاعد على الوقود بمختلف أنواعه نتيجة توسع الأنشطة الاقتصادية.

مصفى الفاو الاستثماري

وأبرمت بغداد أول عقد استثماري قد يكون الأوسع من نوعه في تاريخ قطاع المصافي العراقية، بكلفة تقدر بـ20 مليار دولار أميركي.

وقال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إن العقد الذي وقع مع شركة “هوالو” الصينية لإنشاء مصفى استثماري في قضاء الفاو، سيعزز من دور العراق في الصناعات التحويلة والبتروكيماويات، ويسهم في التنمية المستدامة، مشيراً إلى أهمية المشروع في توفير المنتجات بمواصفات حديثة.

وأضاف عبد الجبار أن العقد الذي تصل قيمة استثماراته ما بين 7 و8 مليارات دولار وصولاً إلى 29 ملياراً، جاء ثمرة جهود بذلها الوزراء والوكلاء والدوائر المعنية على مدى السنوات الماضية، مؤكداً أن هذا العقد يُعدّ الأضخم في الصناعة النفطية، وأنه سوف يعزز من دور العراق في هذا المجال.

ووقع العقد عن وزارة النفط حسام حسين الولي مدير عام شركة مصافي الجنوب وعن الجانب الصيني يو فانك شونك مدير عام شركة “هوالو”.

اقرأ المزيد

إجراءات دولية للحد من البطالة في العراق

واردات النفط العراقي إلى النصف… و”منحة مالية” للفقراء
20 مليار دولار في الفاو

من جانبه، قال مدير الشركة الصينية في العراق أحمد عبد اللطيف، إن حجم الاستثمارات ستكون بحدود 20 مليار دولار وعلى مرحلتين، كاشفاً أن قدرة المصفى ستبلغ 300 ألف برميل يومياً.

وأضاف “أن قدرة المصفى تقدر بـ300 ألف برميل في اليوم، باستثمارات في المرحلة الأولى تقدر ما بين 7 و8 مليارات دولار”، مشيراً إلى أن المرحلة الثانية من المشروع تتضمن إنشاء مجمع مصانع للبتروكيماويات بكلفة تخمينية تقدر بـ 12 مليار دولار.

وبيّن عبد اللطيف أن الشركة ماضية بإنجاز المرحلتين في آن واحد.

الأفضل عالمياً

بدوره، قال مدير شركة مصافي الجنوب حسام ولي إن الاتفاق يلزم الطرفين بتنفيذ بعض الالتزامات، عاداً إياه من أفضل المشاريع الاستثمارية بالعالم.

وأوضح أن اختيار موقع الفاو خلفه أسباب عدة، أبرزها قرب منافذ تصدير النفط والمنتجات النفطية.

60 ألف فرصة عمل

وبحسب العقد، فإن المصفى سيوفر 10 آلاف فرصة عمل من العمال العراقيين في السنة الأولى من العمل الذي يمتد إلى عام 2025، فيما سيشغل في عامه الثاني 20 ألف عامل، وفي العام الثالث 30 ألفاً، ليكون مجموع العمال 60 ألف عامل محلي، فيما سيلزم الشركة المستثمرة بتشغيل 70 في المئة من العمالة المحلية.

تحقيق الاكتفاء الذاتي

والهدف من هذا المشروع بحسب وزير النفط، إحراز العراق الاكتفاء الذاتي من منتجات البتروكيماويات، وسيضيف طاقة منتوجات نفطية لتلبية الحاجة المحلية.

وبحسب خبراء، فإن العراق سيشهد طفرة نوعية في توفير المشتقات النفطية تلبي احتياجاته المحلية، لا سيما بعد افتتاح سلسلة من المصافي ومنها مصفى كربلاء بطاقة 150 ألف برميل يومياً، والذي من المؤمل افتتاحه عام 2022 في مرحلته الأولى وعام 2023 بجميع مراحله، والذي بلغت تكلفة إنشائه 6 مليارات و500 مليون دولار ومصفى الناصرية بطاقة 100 ألف برميل.

توفير العملة الصعبة

وقال عضو لجنة النفط والطاقة الأسبق عبد الهادي الحساني إن إكمال المصافي قيد الإنشاء سيعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك المنتوجات، فيما لفت إلى أن إنشاء المجمع المصنعي للبتروكيماويات سيوفر العملة الصعبة في البلد.

تحقيق الاكتفاء الذاتي

ويضيف الحساني “إنشاء مصفى الفاو بطاقة 300 ألف برميل في اليوم سيعمل على توفير المنتجات النفطية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من تلك المصافي، لا سيما أن هناك مصفيين آخرين قيد الإنشاء هما مصفى كربلاء ومصفى الناصرية، ما سيساهم في تحقيق اكتفاء ذاتي، وقد نتجه للتصدير مسستقبلاً”.

تكامل اقتصادي

وأضاف الحساني أن “إنشاء معمل للبتروكيماويات في الفاو سيسهل تصدير هذه المنتجات بعد تغطية حاجة العراق منها، ما سيوفر العملة الصعبة وبذلك سندعم الاقتصاد”.

ولفت إلى أن المصنع والمصفى سيعملان على تحقيق التكامل مع مشروع ميناء الفاو، الذي سيربط الشرق والغرب، ليكون مجمعاً متكاملاً ويمهد السبيل لإكمال طريق الحرير.

ويتم حالياً إنشاء ميناء الفاو الكبير في شبه جزيرة الفاو جنوب محافظة البصرة، وتبلغ تكلفة المشروع حوالى 4.6 مليار يورو، وتقدر طاقة الميناء بـ 99 مليون طن سنوياً، ليكون واحداً من أكبر الموانئ المطلة على الخليج والعاشر على مستوى العالم. ووضع حجر الأساس له عام 2010 حين بدأ العمل ببناء كاسر الأمواج، ومن المقرر اكتمال العمل بالمشروع عام 2025.

اندبندت عربي