في الهند، الدعوات إلى الإبادة الجماعية للمسلمين تتصاعد

في الهند، الدعوات إلى الإبادة الجماعية للمسلمين تتصاعد

أنه نصير لحرية التعبير وسيادة القانون وروح العلمانية والتعددية، لكن العالم يرى كيف أنه هو وحزبه مستعدون للاعتماد على التهديدات وصفارات الكلاب والترهيب والعنف لتعزيز السيطرة.

وتحدث كل هذه الدعوات إلى الإبادة الجماعية للمسلمين في سياق انتخابات الولايات.

* *

“في المرة الأولى التي قيل فيها إن أصدقاءنا يُذبحون، انطلقت صرخة رُعب.

في ذلك الوقت، ذُبح مائة. ولكن عندما ذُبح ألف شخص ولم تكن هناك نهاية للمجزرة، انسدل رداء من الصمت. عندما يأتي الشر مثل المطر المتساقط، لا أحد يرفع صوته لينادي: “توقف!”.

هذه السطور، التي كتبها الشاعر والكاتب المسرحي الألماني بيرتولت بريخت، تبادرت إلى ذهني عندما سمعت الخطب المروعة التي ألقاها القوميون الهندوس خلال مؤتمر ديني عُقد في كانون الثاني (ديسمبر)، عندما أطلق القادة دعوات مباشرة إلى الإبادة الجماعية ضد المسلمين.

قال بوجا شكون باندي، زعيم منظمة “هندو ماهاسابها” المتشددة، في مؤتمر عُقد في مدينة هاريدوار، على بعد 150 ميلاً شمال نيودلهي: “إذا كان 100 منا مستعدين لقتل مليونين منهم، فسوف ننتصر.

كونوا مستعدين للقتل والذهاب إلى السجن”.

وفي الحدث نفسه، استشهد عرَّاف هندوسي آخر بالقمع الذي يُمارس ضد مسلمي الروهينجا في ميانمار كنموذج لما يمكن فعله لطرد المسلمين والتخلص منهم، وقال ذلك في حدَث وحشي تمت تغطيته في وسائل الإعلام.

كان من الحاضرين في “دارما سانساد” (المؤتمر الهندوسي) أعضاء من الحزب الحاكم لرئيس الوزراء ناريندرا مودي.

وتم تداول مقاطع فيديو للحدث المزدحم على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد تعهد الحاضرون بتحويل الهند إلى أمة هندوسية.

ولم يكن من المفاجئ أن الدعوات إلى العنف والإبادة قوبلت بالصمت من قبل مودي والآخرين -وهو صمت يُترجم على أنه تأييد لما قيل في المؤتمر.

إن التحريض على العنف هو جريمة في الهند، لكن باندي والمتحدثين الآخرين ما يزالون أحرارًا في قول ما يريدون. ومن المفترض أن تحقق الشرطة.

لكنها كانت بطيئة جدًا في التحرك -لأنها تعرف جيدًا أن هؤلاء القادة يتمتعون بحماية الطبقة السياسية الحاكمة.

وفي الواقع، شجع هؤلاء القادة الهندوس الآن على تشكيل قوة شبه عسكرية من الرهبان الذين يزعمون أنهم سيقودون معركة مسلحة ضد 220 مليون مسلم في الهند.

وبعد أيام من المؤتمر، دعا تيجاسوي سوريا، زعيم الشباب الذي اختاره مودي، وعضو البرلمان من حزب “بهاراتيا جاناتا”، إلى إعادة المسلمين والمسيحيين الهنود إلى الهندوسية، “الديانة الأم”. ثم حاول التراجع عن تعليقاته لاحقاً.

ماذا يحدث في الهند، حيث الدعوات إلى الإبادة الجماعية والتطهير العرقي هي محور مناقشاتنا السياسية؟ وحيث يقوم القادة الوطنيون بتمجيد القومي الهندوسي الذي اغتال الماهاتما غادني، الرمز العالمي للمقاومة اللاعنفية؟

ماذا يحدث في الهند، عندما تفشل غالبية الجالية الهندوسية في نبذ أعمال الإرهاب التي تُطلق باسمها؟ حيث يُعدم المسلمون في الشوارع؛ حيث تتعرض احتفالات عيد الميلاد للهجوم؛ وحيث منعت الحكومة الجمعية الخيرية لأيقونة حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل، الأم تيريزا، من تلقي التبرعات الدولية؟

اقرأ المزيد في ترجمات

ما الذي يحدث في الهند، حيث يدعو سوريش شافانك، المالك المؤثر لقناة إخبارية قومية يمينية، الناس إلى “القتال والموت والقتل إذا لزم الأمر” لجعل الهند “أمة هندوسية” في حدث أقيم يوم 19 كانون الأول (ديسمبر) في العاصمة الوطنية، بينما كانت الكاميرات تدور وكانت الشرطة تراقب.

ما الذي يحدث في الهند، حيث يغلب أن تحقق أجهزة إنفاذ القانون مع الصحفيين بسبب التغريدات، ومع أبناء الشخصيات العامة المنتقدة بشأن الحيازة المزعومة للماريوانا، بدلاً من ملاحقة المتعصبين الذين يطالبون بالقتل الجماعي؟

ماذا يحدث في الهند، حيث يفقد قائد فريق الكريكيت الهندي، فيرات كوهلي، مركزه بسبب دفاعه عن زميل مسلم تم استهدافه بسبب دينه؟

إن صوت الجواب عالٍ وواضح تماماً مثلما هو صوت الكراهية المنبعثة من هذه الأحداث؛ ومثل صوت الغوغاء الذين حصلوا على تصريح مجاني لمهاجمة الأقليات.

إن صمت مودي لا يشجع العناصر الأكثر خطورة التي تهدد الهند فحسب، لكنَّ صمت حلفائنا يمكِّنهم أيضًا.

خلال “قمة الديمقراطية” التي استضافها الرئيس بايدن في كانون الأول (ديسمبر)، ادعى مودي أنه نصير لحرية التعبير وسيادة القانون وروح العلمانية والتعددية، لكن العالم يرى كيف أنه هو وحزبه مستعدون للاعتماد على التهديدات وصفارات الكلاب والترهيب والعنف لتعزيز السيطرة.

وتحدث كل هذه الدعوات إلى الإبادة الجماعية في سياق انتخابات الولايات.

فهل هذا هو نوع “الديمقراطية” الذي يناصره ويشيد به بايدن والحلفاء الآخرون؟

لقد زرع مودي هذا النوع من الكراهية لعقود. ونحن نعرف ما يحدث في الهند الآن. لكنني أخشى مما سيأتي بعد ذلك.

*رنا أيوب: كاتبة هندية مساهمة في قسم “الآراء العالمية” في صحيفة “الواشنطن بوست”.

وهي عضو مهم في حركة الكتاب التقدميين. عملت في Tehelka، وهي مجلة استقصائية وإخبارية سياسية مقرها دلهي.

كانت في السابق تنتقد حزب بهاراتيا جاناتا بشكل عام وناريندرا مودي من خلال حسابها الخاص.

وكان لتقرير أعدته دور أساسي في إرسال أميت شاه، المقرب من ناريندرا مودي، إلى السجن لأشهر عدة في العام 2010.

الغد