رغم مضاعفة ثمنها.. لماذا تصر إسرائيل على صفقة الغواصات الألمانية؟

رغم مضاعفة ثمنها.. لماذا تصر إسرائيل على صفقة الغواصات الألمانية؟

لم يستيقظ جهاز الأمن بعد من قضية السفن وملف 3000، ولم يتم بعد تشكيل لجنة التحقيق الرسمية، لكن شراء إسرائيل للغواصات من ألمانيا يواصل الفضائح، وحكومة إسرائيل تعمل مرة أخرى على إخفاء الفشل.

الشركة الألمانية التي تنتج الغواصات “تسنكروف”، رفعت مؤخراً ثمن الغواصات الجديدة التي طلبتها وزارة الدفاع منها، بمبلغ ضخم هو 1.2 مليار يورو. وهذا الرفع طرح للنقاش في اللجنة الوزارية لشؤون التسلح، وصودق عليه فيها أول أمس.

الغواصات الثلاث التي ارتفع ثمنها تضاف إلى الثلاث التي سبق بيعها لجهاز الأمن من حوض السفن (الغواصات 4 – 6) واحتلت مركز قضية السفن في ملف 3000. اشتريت هذه الغواصات مقابل 1.5 مليار يورو، وتم تسليم غواصتين منها. الغواصات الثلاث الأخرى، في المقابل، ستزود للجيش قبل انتهاء هذا العقد، ومن شأنها أن تحل محل غواصات قديمة يستخدمها سلاح البحرية منذ العام 2000.

من أجل الصفقة الإضافية، وقعت حكومات إسرائيل وألمانيا في 2017 على مذكرة تفاهم، بحسبها تشتري وزارة الدفاع الغواصات من “تسنكروف” مقابل 1.8 مليار يورو. هذا بعد أن وافقت حكومة ألمانيا على تحمل ثلث الثمن (600 مليون يورو).

ولكن قبل بضعة أشهر، تبين أنه مع تقدم المفاوضات مع “تسنكروف” قبل التوقيع على اتفاق مفصل، تفاجأت وزارة الدفاع بأن ألمانيا رفعت طلباتها المالية إلى 3 مليارات يورو. في حين أن حكومة ألمانيا لم تجدد دعمها طبقاً لذلك. ويبدو أنه مطلوب من إسرائيل دفع مبلغ مضاعف، 2.4 مليار يورو بدلاً من 1.2 مليار يورو.

لم يتم إبلاغ الجمهور أو الكنيست برفع السعر. وحسب التقديرات، قد تكون مبررات ذلك ثلاثة: التباطؤ في قرارات الجيش الإسرائيلي الذي أدى إلى الحاجة لتحديث السعر الأصلي الذي يستند إلى تقدير من العام 2016، ومتطلبات معدات إضافية اقترحها سلاح البحرية، وتقدير تنقصه البيانات تم إرساله من وزارة الدفاع والجيش إلى الحكومة في 2017.

مع ذلك، الثمن الجديد غير تنافسي، وربما ارتفع جراء اعتبار تجاري واستغلال ضعف جهاز الأمن في المفاوضات؛ أي استغلال حقيقة أن سبق لإسرائيل أن اشترت من “تسنكروف” ثلاث غواصات في السابق دون أن تصل إلى اتفاق نهائي على سعر الغواصات الثلاث الأخرى، وهي الآن مقيدة لحوض السفن حتى في صفقات الشراء التالية لعدم تقسيم أسطول الغواصات بين حوضين.

وربما كانت هناك اعتبارات سياسية واستراتيجية أخرى أمام المفاوضين أدت إلى المطالبة برفع الثمن، ولكنها غير معروفة، ومشكوك فيه إذا كانت قيمتها تعادل الزيادة الكبيرة في السعر.

قبل النشر أمس، مع بداية المفاوضات مع “تسنكروف”، أعاقت حكومة ألمانيا عقد الصفقة، في ضوء فتح تحقيق جنائي في إسرائيل. بعد انتهاء التحقيق، ألقت المستشارة الألمانية السابقة انغيلا ميركل، بكل ثقلها لعقد الصفقة حتى بعد تولي أولف شولتس منصبه وريثاً لها.

         

       لبيد طرح أسئلة صعبة، وساعة من النقاشات كانت كافية

استجاب جهاز الأمن لطلب ألمانيا. مساء أول أمس، اجتمعت اللجنة الوزارية لشؤون التسلح لمناقشة طلب الوزارة المصادقة على شراء ثلاث غواصات أخرى من “تسنكروف” بالثمن الجديد المرتفع.

 شارك في النقاش رئيس الحكومة نفتالي بينيت، ورئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية يئير لبيد، ووزير الدفاع بني غانتس، ووزير المالية افيغدور ليبرمان، ووزيرة الداخلية اييلت شكيد، فيما غاب وزير العدل جدعون ساعر عن النقاش. عرض موظفو وزارة الدفاع تطورات الصفقة والحاجة إلى تنفيذها رغم ارتفاع الثمن. كان لبيد قد صعّب عليهم الأمر، هو الذي طالب بتوضيحات لسبب رفع السعر، وتساءل لماذا لم يكن لإسرائيل مرونة لرفض طلب الدفع هذا.

مع ذلك، وبعد ساعة على الاجتماع، صادق أعضاء اللجنة على الصفقة “بقلب ثقيل”، وهي صفقة قد توقع بصورة رسمية في الأيام القريبة القادمة. كما يبدو، بعد أن يتم تقديم الصفقة للحصول على مصادقة اللجنة المالية في الكنيست.

أما بخصوص المصدر المالي لشراء الغواصات، فيتوقع أن يكون هذا “صداعاً” لجهاز الأمن. إزاء مذكرة التفاهم التي وقعت في 2017 فإن ميزانية الدفاع للسنوات القادمة تبين الإنفاق الأصلي لشراء الغواصات الثلاث، أي 1.2 مليار يورو.

مضاعفة الإنفاق تقتضي بالتالي إيجاد مصدر تمويل آخر، لكنها إضافة تتحملها ميزانية وزارة الدفاع. وتحسب لصالحها أن يمتد الدفع على مسافة 10 – 15 سنة، مما سينتج عنه اقتطاع سنوي يصل إلى بضع مئات ملايين الشواكل فقط.

رفضت وزارة الدفاع و”تسنكروف” التطرق إلى هذه الأمور.

لجنة تحقيق؟ غير مؤكد. أعطيت المصادقة على شراء الغواصات الثلاث الأخرى من “تسنكروف” في الوقت الذي يواصل فيه الائتلاف مناقشة مسألة تشكيل لجنة تحقيق رسمية لقضية الغواصات.

في نهاية الأسبوع الماضي، أزال رئيس الحكومة بينيت الفيتو الذي فرضه بهذا الشأن، والذي بسببه تأخر تشكيل هذه اللجنة شهرين ونصف الشهر. سارع الوزيران لبيد وغانتس لمباركة تشكيل اللجنة التي وعدا بها في الحملة الانتخابية لحزب “يوجد مستقبل” وحزب “أزرق أبيض”. ولكن لم يكن هناك، حتى أمس، أي يقين بأن سيتم تقديم اقتراح تشكيل اللجنة يوم الأحد القادم من أجل مصادقة الحكومة عليها.

قد تفحص اللجنة الإجراءات التي سبقت شراء الغواصات الثلاث (1.5 مليار يورو)، وسفن الصواريخ (430 مليون يورو)، وكذلك المصادقة المجهولة التي أعطيت لبيع غواصات ألمانية لمصر، من وراء ظهر جهاز الأمن.

كل ذلك بموازاة لوائح الاتهام التي قدمت في إطار ملف 3000 ضد ميكي غانور، الذي عمل كوكيل لشركة “تسنكروف” في إسرائيل؛ وافرئيل بار يوسف الذي شغل في حينه منصب نائب رئيس هيئة الأمن القومي؛ ودافيد شيرن الذي شغل في حينه منصب مدير مكتب رئيس الحكومة؛ واليعيزر زندبرغ الذي كان الرئيس السابق للصندوق التأسيسي؛ ورجل الأعمال شاي بروش؛ والمستشار السياسي رامي تايب؛ والمستشار الإعلامي تساحي ليبر. هؤلاء متهمون بجرائم رشوة وتبييض أموال، وعدد منهم أيضاً بالاحتيال وخرق الأمانة.

لم تكن هذه الفضيحة الوحيدة التي رافقت شراء الغواصات. تباطأت “تسنكروف” طوال خمس سنوات فيما يتعلق بتنفيذ التزاماتها بالشراء المقابل من إسرائيل. ووقعت الشركة الألمانية في تموز الماضي، على اتفاق مع هيئة التعاون الصناعي، الذي بحسبه تنفذ في السنوات الخمس القادمة عمليات شراء من إسرائيل بمبلغ 300 مليون يورو.

بقلمآفي بار- ايلي

القدس العربي