التهدئة التركية – الإماراتية تخلق مناخا جديدا في ليبيا

التهدئة التركية – الإماراتية تخلق مناخا جديدا في ليبيا

انعكست التحولات السياسية والدبلوماسية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وخاصة على مستوى العلاقات الإماراتية – التركية، على الوضع في ليبيا، وأدت التهدئة بين تركيا والإمارات إلى حراك جديد تشهده الساحة الليبية وهو ما بات يمثل مؤشرا على الانطلاق نحو مرحلة مختلفة عن السابق، ولاسيما بعد وصول سفير دولة الإمارات العربية المتحدة إلى طرابلس والسفير التركي إلى شرق البلاد الخاضع لنفوذ الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن التأثيرات الإقليمية كانت حاسمة في تغيير المواقف والتوجهات في الداخل الليبي، وإن انطلاق تركيا نحو المصالحة مع أبوظبي وفتح جسور التواصل مع القاهرة وتغيير الخطاب تجاه الرياض في انتظار زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إليها خلال الشهر القادم، أدت بالفعل إلى إحداث تحولات مهمة في العلاقة بين أبوظبي وطرابلس، وأنقرة وشرق ليبيا، وكذلك في العلاقات الداخلية بين الأطراف الليبية، ولاسيما بين رئيسي مجلس النواب عقيلة صالح ومجلس الدولة خالد المشري اللذين اجتمعا مؤخرا في الرباط لبحث آفاق التعاون بين المجلسين من أجل حلحلة الوضع السياسي إثر خيبة الانتخابات.

والاثنين الماضي أعلن رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة عن إعادة فتح سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في طرابلس، بعد لقاء السفير الإماراتي الجديد لدى ليبيا محمد علي الشامسي، وتمت مناقشة موضوع السماح للمواطنين الليبيين بالتقدّم لطلب التأشيرة الإماراتية إلكترونيّا، كما تمت مناقشة مسألة استئناف عمل اللجنة العليا المشتركة بين البلدين.

وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إن الشامسي قدم أوراق اعتماده إلى محمد يونس المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي سفيرا لدولة الإمارات لدى ليبيا، وتم خلال اللقاء استعراض مجالات التعاون بين دولة الإمارات وليبيا، وبحث سبل تنميتها وتطويرها، بما يحقق مصالح وطموحات البلدين والشعبين الصديقين.

وكانت سفارة الإمارات في طرابلس تعرضت لهجوم بالصواريخ في يوليو 2013 وتم إغلاقها نهائيا في 2014، وذلك بسبب موقف الميليشيات المرتبطة بتيار الإسلام السياسي من الإمارات ومن حلف الاعتدال العربي، ولاسيما بعد الإطاحة بحكم الإخوان في مصر إثر ثورة الثلاثين من يوليو 2013 وانقلاب التيار الديني في ليبيا على نتائج الانتخابات البرلمانية التي انتظمت في يونيو 2014 وذلك من خلال منظومة فجر ليبيا المدعومة من تركيا وقطر.

ومنذ ذلك الحين قامت قوِى الإسلام السياسي والجماعات التكفيرية وعدد من أمراء الحرب والسياسيين الانعزاليين الدائرين في فلك قطر وتركيا بحملات معادية للإمارات نتيجة دعمها لعملية الكرامة التي أطلقها الجيش في شرق البلاد في ربيع 2014 ولسلطة البرلمان وحكومته المؤقتة التي كانت تمارس مهامها من مدينة البيضاء، وتم النظر إلى ليبيا على أنها دولة منقسمة بين محورين الأول للتحالف القطري – التركي – الإخواني والثاني للتحالف المصري – الإماراتي – السعودي.

والأربعاء استقبل عقيلة صالح السفير التركي لدى طرابلس كنان يلماز، في إشارة واضحة إلى تجاوز جوانب مهمة من الصراع الذي ميز العلاقات بين الطرفين خلال السنوات الماضية.

وقال السفير يلماز إنه ذهب إلى مدينة القبة بناء على دعوة وجهها له صالح، مؤكدا أن الزيارة كانت مثمرة وسادها الود.

وذكر السفير التركي أن المحادثات حول منطقة شرقي ليبيا في الفترة الأخيرة أظهرت تطورا إيجابيا، لافتا إلى التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو نهاية العام الماضي بشأن نيته زيارة المنطقة الشرقية، وأضاف “نحن نرى الدولة الشقيقة والصديقة ليبيا التي تربطنا بها علاقات تاريخية متجذرة كلًّا واحدا، ولا نفرق بين مناطقها”، مشددا على أن تركيا تولي أهمية لمسألة تطوير العلاقات مع كافة الأطراف في البلاد.

Thumbnail

وبحسب المراقبين تمثل زيارة السفير التركي إلى شرق ليبيا واجتماعه مع رئيس البلاد تحولا مهما في موقف أنقرة من الفريق المساند لقيادة الجيش، وفي موقف مجلس النواب من نظام أردوغان الداعم لتيار الإسلام السياسي وأمراء الحرب في المنطقة الغربية، وتمثل كذلك تأسيسا لمرحلة جديدة ينتظر أن تتميز بالكشف عن وجود جسور للتواصل بين السلطات التركية والقيادة العامة للجيش في ضاحية الرجمة بمدينة طرابلس التي تحدث يلماز عن زيارته القريبة إليها.

وفي منتصف ديسمبر الماضي قام وفد من مجلس النواب الليبي، بقيادة رئيسه المؤقت فوزي النويري، بزيارة إلى تركيا تم استقباله خلالها من قبل الرئيس رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ورئيس مجلس الأمة مصطفى شنطوب ورئيس مجموعة الصداقة البرلمانية التركية – الليبية النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم أحمد يلدز وعدد من القيادات البرلمانية والمسؤولين الأتراك.

وتصب هذه التطورات في مصلحة رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة الذي يواجه محاولات من قبل البرلمان وبعض الشخصيات السياسية للإطاحة بحكومته التي انتهت ولايتها في الخامس والعشرين من ديسمبر