في يونيو/حزيران 2021 فاجأت السلفادور العالم باعتماد برلمانها للبتكوين عملة قانونية بالبلاد بجوار الدولار الأميركي.
وأورد موقع فورشن الأميركي (Fortune) أن خطة السلفادور، لأن تكون الدولة الأولى التي تعتمد البتكوين عملة رسمية لها، انتهت إلى فشل ذريع لاقتصادها وفوضى بكل المقاييس.
وأوضح أن هناك مخاوف من أن الشرطة العالمية لغسل الأموال تستعد لاتخاذ إجراءات صارمة ضد السلفادور، وأن هذه التجربة قوضت الثقة في البرنامج الاقتصادي لرئيسها لدرجة أن ديون بلاده تباع الآن بـ 36 سنتا للدولار.
وقال الموقع إن اقتصاد السلفادور كان يعمل بشكل جيد عندما كان الدولار هو عملتها الرئيسية قبل أن يُستبدل بالبتكوين، فخلال العقدين الماضيين، تمتعت البلاد بمتوسط تضخم بلغ 2.03% فقط، مثلما هو حال الولايات المتحدة، وكانت معدلات الرهن العقاري مستقرة ومعتدلة بالنسبة لدولة نامية بنسبة 7%، ونما اقتصادها بمعدل أفضل من متوسط جيرانها بأميركا اللاتينية.
ورغم هذا السجل النقدي النموذجي، قام الرئيس نيب بوكيلي (37 عاما) بعد انتخابه في مايو/أيار 2019 بنقل مستقبل اقتصاده إلى البتكوين في يونيو/حزيران الماضي، وأصدر قانونا جعل البتكوين عملة رسمية، لكن القواعد المطبقة عليها كانت بمثابة خروج مذهل عن النموذج السابق الذي كان يعمل بشكل جيد.
ويتطلب القانون الجديد من جميع التجار والبنوك قبول البتكوين للدفع من أي مستهلك أو شركة أخرى ترغب في الدفع به، أي أن التعامل بالبتكوين أصبح إجباريا.
وكان تبرير بوكيلي هو أن التعامل بالبتكوين سيحسن “الشمول المالي” بشكل كبير من خلال منح قطاع عريض من 70% من السلفادوريين -الذين يفتقرون إلى الحسابات المصرفية- إمكانية الوصول إلى الخدمات المالية، كما أنه سيخفض رسوم تحويلات المهاجرين إلى داخل البلاد.
للوهلة الأولى، بدا أن حجج بوكيلي الرئيسية منطقية وجذبت شهرة دولية جعلت منه بطلا شعبيا في دوائر التشفير، علما بأن اقتصاد السلفادور يعتمد بشكل كبير على تحويلات مهاجريها التي تمثل ربع ناتجها المحلي الإجمالي، وهي أعلى حصة بأي بلد في نصف الكرة الغربي.
ونقل الموقع عن ستيف هانكي أستاذ الاقتصاد التطبيقي بجامعة جونز هوبكنز قوله إن تلك الحجج كانت كذبة نموذجية، إذ أصبحت تكاليف التحويلات في السلفادور تحتل المرتبة السادسة في أدنى مستوى في مسح شمل 104 دول بنسبة 2.8%.
وأضاف “لكن تلك السياسة حققت هدف بوكيلي الحقيقي وهو تعزيز قبضته على الأمة، إنه يجبر أعداءه على اتباع قانون بتكوين، وإذا لم يفعلوا ذلك فإنه يضعهم في السجن، ويسمح لأصدقائه بتجاهل القانون”.
واجتذب بوكيلي المستخدمين من خلال منح كل من قام بالتسجيل في التطبيق الحكومي الخاص بالتحويلات مكافأة بالبتكوين تعادل 30 دولارا يتم الاحتفاظ بها في محفظة رقمية تسمى شيفو وصفها هانكي بأنها “رشوة مقابل التسجيل في التطبيق” لكن الذين حصلوا عليها صرفوا في الغالب 30 دولارا من العملات المشفرة مقابل الدولارات، وتخلصوا من التطبيق.
الجهل بالبتكوين
وأشار الموقع الأميركي إلى أن إحدى المشكلات التي واجهت خطة بوكيلي تتمثل بالجهل واسع النطاق بالعملة الجديدة، فقد وجدت دراسة استقصائية لجامعة أميركا الوسطى أن 9 من كل 10 سلفادوريين لا يعرفون ما هي البتكوين، وأن 8 من كل 10 لا يثقون بها، كما أن الحكومة أحبطت المستخدمين المحتملين بإفشالها عملية الإطلاق في سبتمبر/أيلول الماضي، إذ لم يتمكن الناس من استبدال رصيد البتكوين الخاص بهم مقابل النقود لفشل التطبيق في كثير من الأحيان في الاتصال بأجهزة الصراف الآلي للبتكوين بالبلاد.
ووفقا للمقع قال أكثر من 80% من الأشخاص -الذين شملهم استطلاع من قبل غرفة التجارة بالسلفادور- إنهم لا يريدون تحويلات مالية بعملة البتكوين، ورفض أكثر من 9 من كل 10 فكرة أخذ رواتبهم في شكل عملات معدنية.
وتوقع هانكي أن تستهدف السلفادور من قبل قوة شرطة مكافحة الإرهاب وغسل الأموال التي تمتد عبر الحدود الوطنية، مضيفا أن هذا البلد الآن في وضع يمكنه من انتهاك لوائح الأصول الافتراضية لمجموعة العمل المالي “إف إيه تي إف” (FATF). وإذا تم إدراجه في القائمة الرمادية، كما يقول، فستواجه بنوكه وشركاته أكثر من 20 لائحة صارمة لإعداد التقارير سيكون من المستحيل عمليا الوفاء بها.
ويشير إلى أن جميع معاملات البتكوين تتمحور حول عدم الكشف عن هويتها، وإذا اتخذت مجموعة “إف إيه تي إف” إجراء، فسيتعين على أي شخص يفتح حسابا الامتثال لقواعد “اعرف عميلك” التي تتطلب الكشف عن مصدر الأموال وتفاصيل كل تحويل.
ويقول الموقع الأميركي إن السلفادور المثقلة بالديون تسعى للحصول على قرض بمليار دولار من صندوق النقد الدولي، والحصول على مساعدة من البنك الدولي، لكنها لم تصل إلى أي نتيجة مع كليهما، وانتقد هذا الصندوق الدولي بشدة حملة بوكيلي لإنشاء أول اقتصاد مدعوم بالبتكوين.
المصدر : الصحافة الأميركية