على خطى فرنسا: ألمانيا تشرع في تحجيم نفوذ الجمعيات المشبوهة

على خطى فرنسا: ألمانيا تشرع في تحجيم نفوذ الجمعيات المشبوهة

برلين – انتقلت المعركة مع الجماعات المتطرفة من فرنسا إلى ألمانيا، حيث تسعى الحكومة الاتحادية هناك لتضييق الخناق على الجمعيات المشتبه فيها، في خطوة قد يقرأها البعض على أنها متأخرة خاصة بعد ما شهدته السنوات الماضية من استقطاب للألمان كما غيرهم إلى الجماعات الإرهابية على غرار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وأسقط المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا الاثنين عضوية التجمع الإسلامي الألماني بسبب صلاته بالمتطرفين، في خطوة جاءت غداة تصنيف جهاز حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) لهذا التجمع شبكةً تابعة لجماعة الإخوان المسلمين ما يشي بأن حملة تلوح في الأفق لتحجيم نفوذ الجمعيات المتطرفة وخاصة تلك القريبة من الإخوان.

وتستغل تلك الجمعيات الحريات الممنوحة في أوروبا للتغلغل هناك حيث وحدت نفسها خالية من أي قيود بما مكنها من تكوين شبكات لم تتردد فرنسا في مكافحتها في أعقاب هجمات إرهابية دامية شهدتها، قبل أن تبدأ ألمانيا السير على خطاها.

وقالت المنظمة الجامعة الاثنين إن المجلس المركزي قرر خلال الجمعية العامة لممثليه، والتي انعقدت افتراضيا في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، استبعاد جمعية التجمع الإسلامي الألماني “دي أم جي” وأعضائها، مشيرة إلى أن طلبا بهذا الخصوص حصل على تأييد أغلبية الثلثين التي تشترطها اللائحة التأسيسية.

وجاء في تقرير هيئة حماية الدستور عن عام 2020 أن جمعية “دي أم جي” التي كانت تسمى سابقا “التجمع الإسلامي في ألمانيا” يمكن اعتبارها جزءا من الشبكة العالمية للإخوان المسلمين ومنظمتها المركزية في ألمانيا، وذلك بناء على التشابكات الوثيقة في الهياكل والمناصب مع الإخوان المسلمين.

المجلس المركزي للمسلمين أسقط عضوية التجمع الإسلامي الألماني بسبب صلاته بالمتطرفين، في خطوة جاءت غداة تصنيف الاستخبارات الداخلية لهذا التجمع شبكةً تابعةً للإخوان المسلمين

ونقلت الاستخبارات الداخلية عن حكم صادر من المحكمة الإدارية في ولاية هيسن في عام 2017 القول إن القناعات الأساسية للجمعية تتضمن إقامة أنظمة سيادة إسلامية لا تتوافق مع مبادئ الديمقراطية مثل حرية الرأي والسيادة الشعبية والمساواة.

وتشير التقديرات إلى أن عدد أعضاء جمعية “دي أم جي” يصل حاليا إلى 1450 عضوا.

وذكر المكتب الاتحادي لحماية الدستور أن هذه الجمعية جزء مما يطلق عليه الطيف القانوني، والمقصود به المجموعات التي لا تسعى لتحقيق أهدافها عن طريق شن هجمات إرهابية بل عن طريق إحداث تغيير على المدى البعيد استنادا إلى القوانين المحلية.

ويتولى أيمن مازيك الرئاسة التنفيذية للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، وبحكم منصبه يشارك مازيك منذ سنوات في فعاليات تنظمها الحكومة الألمانية الاتحادية.

ونجح الإسلاميون في ترسيخ موطئ قدم في أوروبا حيث كشف تقرير يعود إلى العام 2015 أن نحو 43 ألف إسلامي يعيشون حاليا في ألمانيا. ويقصد بصفة “إسلامية”، بحسب التقرير، تلك المجموعات التي تنشط في مجال الدعوة وجمع التبرعات ومنها الخلايا المسؤولة عن التسفير إلى سوريا والعراق.

وتستضيف ألمانيا أكبر عدد من المسلمين بعد فرنسا التي تحتضن أكثر من 6 ملايين ونصف مليون مسلم، بينما تُحصي الحكومة في برلين عدد المسلمين الذين يعيشون في البلاد بحوالي 5 ملايين ونصف مليون مسلم.

وليس من الواضح ما إذا كانت الحملة ضد الجمعيات المشبوهة في ألمانيا ستتصاعد في الأيام المقبلة لكن هناك عوامل تعطي انطباعا بأن برلين تتجه إلى ذلك المنحى، خاصة أن هناك تدرجا في مواجهة تلك الجماعات.

5 ملايين ونصف مليون مسلم تستضيفهم ألمانيا بينما تحتضن فرنسا أكثر من 6 ملايين ونصف مليون مسلم

فجمعية التجمع الإسلامي الألماني جرى تعليق عضويتها في المجلس المركزي لمسلمي ألمانيا عام 2019 إثر صدور التقرير الذي يتهمها بالانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين قبل أن يتم إسقاط عضويتها.

وهناك خطوات فعلية لمحاصرة الجمعيات الإسلامية المشتبه فيها، حيث أعلنت ألمانيا في يونيو الماضي حظر منظمة “أنصار الدولية” الإسلامية غير الحكومية، المتهمة بتمويل الإرهاب تحت غطاء العمل الخيري.

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية وقتها هورست زيهوفر “إذا كنت تريد محاربة الإرهاب فعليك تجفيف مصادر تمويله”، وأضاف “ولا يمكن السماح لمن يجمعون التبرعات لأغراض خيرية على ما يبدو، ثم يمولون الإرهاب، بالتستر وراء قوانيننا المتعلقة بالجمعيات”.

وتعكس الخطوات الألمانية مسايرةً للحزم الأوروبي إزاء الجمعيات الإسلامية المشتبه فيها، وخاصة الجهود التي تبذلها فرنسا لمحاصرة تلك الجمعيات.

واتخذت فرنسا سلسلة من الإجراءات التي لا يزال صداها يتردد، على غرار إقرار الجمعية الوطنية (البرلمان) لقانون مكافحة الانفصالية الإسلامية، وهو ما يُشكل تحولا حازما في تعقب التطرف الإسلامي وحواضنه الأيديولوجية والفكرية في فرنسا التي أدمتها الهجمات الإرهابية المتعاقبة.

العرب