كشفت مكالمة بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ووزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد، وتلميح المسؤول الإيراني إلى خطر “الكيان الصهيوني” وما تلا ذلك من إطلاق مُسيّرات من العراق، عن الوجه الحقيقي لإيران التي وجهت تهديدا مبطنا إلى الإمارات ومن ورائها دول الخليج ثم أمرت أذرعها في العراق بتنفيذ تهديداتها بهدف الضغط والابتزاز.
وقال متابعون للشأن الخليجي إن إيران أظهرت أن الحوار الذي تهدف إليه مع دول الخليج وما صاحبه من عروض للتعاون الاقتصادي ليس سوى مناورة لربح الوقت وتخفيف الضغوط عنها؛ فنوايا إيران تجاه دول الخليج تقوم على العداء المستحكم.
وأشار المتابعون إلى أن طهران، بتحريك أذرعها في العراق من أجل استهداف الإمارات، تخطط لتوسيع رقعة المواجهة وفتح جبهة الشمال بعد أن نجحت أبوظبي في التصدي للهجمات الحوثية وأفشلت سعي إيران لإرباك الوضع الأمني والتأثير على صورة الإمارات كرمز اقتصادي إقليمي ودولي.
ويرى هؤلاء أن إيران قد تكون بصدد الاستعداد للسيناريو الأسوأ ألا وهو تكبّد الحوثيين هزيمة قاسية على أيدي قوات حليفة للإمارات، ولهذا تسعى لتنشيط جبهة الميليشيات العراقية كبديل، لافتين إلى أن تحريك هذه الجبهة وإن كان تأثيره على الإمارات محدودا إلا أنه سيفاقم الضغوط على إيران ويثبت اتّهامَها باستخدام العراق كواجهة لخدمة أجندتها، سواء تعلّقت هذه الأجندة بالولايات المتحدة أو بدول الخليج.
وأثار الكشف عن هذه الهجمات غضب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر -الذي سيكون الحاكم الفعلي في العراق- من استهداف دول الجوار والمس من صورته كشخص قوي يمكن أن يسيطر على الوضع الأمني في البلاد.
إيران تخطط لتوسيع رقعة المواجهة بفتح جبهة الشمال وتستعد للسيناريو الأسوأ ألا وهو تكبّد الحوثيين هزيمة قاسية
ولا يستبعد المتابعون أن تكون إشارات الصدر الحازمة موجهة إلى قادة أساسيين في ميليشيا الحشد الشعبي ممن خسروا الانتخابات ويريدون الآن فرض أمر واقع جديد من خلال استخدام الصواريخ الإيرانية والفوضى الأمنية وعدم حسم مسائل الكتلة الأكبر ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وحرص الصدر -في بيان أصدره الخميس- على رفع الغطاء السياسي عن المهاجمين، وكذلك طمأنة الخليجيين بأن العراق في المرحلة القادمة لن يكون تابعا لأي أجندة تهدد أمنهم.
وقال الصدر إن “بعض الإرهابيين الخارجين عن القانون سارع إلى زج العراق في حرب إقليمية خطرة من خلال استهداف دولة خليجية بحجة التطبيع أو بحجة حرب اليمن”.
وأكد أن” العراق بحاجة إلى ألا يكون السلام والهيبة وعدم التبعية لأوامر الخارج منطلقا للاعتداء على دول الجوار والدول الإقليمية، وعلى الحكومة العراقية التعامل مع الفاعلين بجد وحزم”.
ودعا الحكومة إلى “التعامل مع الفاعلين (المسؤولين عن الهجوم) بجد وحزم، وإلا فإنها ستكون مقصرة، بل قد يتسبب سكوتها بما لا تُحمد عقباه”.
وقالت الإمارات إنها اعترضت ودمرت ثلاث طائرات مسيرة اخترقت مجالها الجوي فجر يوم الأربعاء بعيدا عن المناطق المأهولة بالسكان في رابع هجوم من نوعه خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وأعلنت جماعة مغمورة تطلق على نفسها اسم “ألوية الوعد الحق” مسؤوليتها عن إطلاق الطائرات المسيرة يوم الأربعاء، مشيرة إلى أن ما دفعها إلى شن الهجوم هو تدخل الإمارات في اليمن والعراق، وذلك حسب ما أفادت به مجموعة سايت للاستخبارات (مقرها الولايات المتحدة) التي تتابع المواقع الإلكترونية للمتشددين.
وسبق أن تبنت الجماعة هجوما واحدا آخر وذلك في يناير 2021 عندما قالت إنها أطلقت طائرة مسيرة نحو السعودية.
لكن مراقبين ومحللين سياسيين يقولون إن هذا الاسم وهمي، وهو غطاء لإحدى المجموعات المسلحة المتحالفة مع إيران، والتي تنفذ العمليات بأوامرها ووفق أجندتها.
وقال مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تغريدة على تويتر “إذا كانت ألوية الوعد الحق قد خرجت من مكامنها ونفذت بالفعل هجمات بطائرات مسيرة على الإمارات… فإن هذه العملية إما تكون بتوجيه من إيران أو على الأقل سمحت بها إيران”.
وأكدت وزارة الدفاع الإماراتية في بيان أنها “على أهبة الاستعداد والجاهزية للتعامل مع أية تهديدات، وأنها تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الدولة” التي تفتخر كثيرا بسمعتها كملاذ آمن للأعمال.
وأعلنت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء أنها سترسل طائرات مقاتلة لمساعدة الإمارات في أعقاب الهجمات الصاروخية التي استهدف هجوم منها قاعدة تستضيف قوات أميركية وعقب هجوم يوم السابع عشر من يناير الماضي الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص في أبوظبي.
ويعتقد المراقبون أن تكرار الهجمات على دول خليجية واستهداف مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة سيدفعان الولايات المتحدة وإسرائيل إلى مغادرة مربع التحفظ والرد بشكل فعلي على التهديدات الإيرانية.
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى تعميق التعاون الإقليمي بين إسرائيل وحلفائها لمواجهة “التهديدات البحرية والجوية”، وذلك خلال زيارة إلى مقر الأسطول الخامس الأميركي في البحرين قبالة إيران.
وأجرى غانتس -وهو أوّل وزير دفاع إسرائيلي يزور البحرين- جولة على متن المدمّرة الأميركية “يو أس أس كول” التي من المقرر أن تتجه إلى أبوظبي لمساعدة الدولة الخليجية الحليفة في التصدي لهجمات المتمردين الحوثيين.
ويقع مقر الأسطول الأميركي قبالة مياه الخليج على بُعد بضع مئات الكليومترات من إيران، وعند منطقة بحرية تعبرها يوميا المئات من الناقلات المحمّلة بالنفط، وقد شهدت في السنوات الأخيرة هجمات ضد سفن اتُهمت طهران بالوقوف خلفها.
وكتب غانتس في تغريدة على تويتر أنه “على خلفية التهديدات البحرية والجوية المتزايدة، أصبح تعاوننا الوثيق أشد أهمية من أي وقت مضى”.