رغم عدم مغادرته سوريا أو حتى مدينته حلب منذ عام 2012، تلقى شريف الحلبي (اسم مستعار) رسالة في هاتفه المحمول تبلغه باستبعاده من الدعم الحكومي لأسباب سفره خارج البلاد، مما يحتم عليه شراء الخبز والغاز والوقود بالسعر الحر غير المدعوم من حكومة النظام.
وأكد الحلبي أن جواز سفره يؤكد عدم خروجه من سوريا، مبديا استغرابه من الآلية التي اعتمدت في استبعاده من الدعم وإيقافه عن أسرته، في وقت يعاني فيه من أزمة كبيرة في الحصول على مستحقاته من الخبز والغاز المدعوم.
وأشار الحلبي -في حديث للجزيرة نت- إلى أنه من الواجب عليه -وفق إعلام النظام- أن يقدم اعتراضا إلكترونيا، أو التوجه إلى فرع الهجرة والجوازات، لتصحيح الخطأ في حال وروده، كي يستمر دعم الحكومة لأسرته.
دعم الفقراء
وبدأت حكومة النظام السوري -الثلاثاء الماضي- استبعاد مئات الآلاف من الأسر السورية من الدعم، وكشفت مصادر حكومية تابعة للنظام عن إيقاف الدعم عن نصف مليون أسرة كمرحلة أولى، ضمن ما وصفته بتحويل الدعم إلى الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة من السوريين.
ووفق تصريح فاديا سليمان معاونة وزير الاتصالات في حكومة النظام، فإن 596 ألفا و628 عائلة استبعدت من الدعم الحكومي، وتوقف العمل بالبطاقة الذكية التي يحملونها.
وحسب فاديا سليمان، فإن أبرز الفئات التي سيوقف عنها الدعم تشمل أصحاب السيارات الخاصة التي تتجاوز سعة محركها 1500 سي سي، وسنة صنعها ما بعد عام 2008، ومالكي أكثر من منزل في محافظة سورية واحدة، والمغتربين السوريين الذين مضى أكثر من عام على مغادرتهم البلاد.
بعد استبعاد آلاف الأسر من الدعم سيضطر أفرادها إلى شراء الخبز والغاز المنزلي ومازوت التدفئة من السوق السوداء بسعر غير مدعوم، مما يعني تحمل تلك الأسر مبالغ إضافية وفروقا في المصروف الشهري.
ووفق مواطنين وتجار في مناطق سيطرة النظام السوري، فقد أصبح سعر ربطة الخبز 1300 ليرة (0.52 دولار) سورية بدل 250 ليرة (0.10 دولار)، وسعر أسطوانة الغاز المنزلي وصل إلى 30 ألفا و600 ليرة (12.19 دولارا) بدل 10 آلاف و600 ليرة (4.22 دولارات).
كما بات سعر ليتر المازوت 1700 ليرة (0.68 دولار) بدل 500 ليرة (0.20 دولار)، وسعر ليتر البنزين 2500 ليرة (دولار واحد) عوضا عن 1100 ليرة سورية (0.44 دولار أميركي).
ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على المواد المدعومة من الحكومة، إذ شهدت أسعار الخضار والفواكه واللحوم ارتفاعا ملحوظا في اليومين الفائتين، على وقع استمرار تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، وسجل سعر الصرف اليوم 3630 ليرة للدولار الواحد.
وتوقع الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم أن تشهد أسعار جميع المواد الغذائية والمشتقات النفطية ارتفاعا واضحا، معربا عن مخاوفه من أن يمس ذلك قطاعي التعليم والطب.
ولفت الكريم -في حديث للجزيرة نت- إلى احتمالية انخفاض قيمة العملة السورية أكثر، نتيجة رد فعل الحكومة لمواجهة ارتفاع الأسعار وازدياد الطلب على الليرة لدفع التكاليف المتزايدة، متسائلا عن إمكانيات حكومة النظام نحو السماح بتداول الدولار الأميركي.
تخبط حكومي
ومنذ بدء تطبيق وقف الدعم وإلغاء البطاقات الذكية، تكشفت العملية عن أخطاء بالجملة تحدث عنها مواطنون مستبعدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى بات الأمر مادة للتندر والسخرية، الأمر الذي دفع حكومة النظام إلى التصريح والاعتراف بها.
ووصف وزير التجارة الداخلية في حكومة النظام عمرو سالم ما حدث بأنها “أخطاء تقنية” وليست قرارا، لافتا إلى إجراءات عاجلة لمعالجة “الخطأ”، ومن بينها موقع إلكتروني لتقديم الاعتراضات.
في حين أعلن وزير داخلية النظام محمد الرحمون أن 67 ألفا و83 شخصا قدموا اعتراضات لمنظومة الهجرة والجوازات حول استبعادهم، وأن ما تمت معالجته منها حتى الآن 17 ألفا و383 حالة.
وواقع إلغاء نصف مليون بطاقة دعم أسرة سورية هو الوضع الطبيعي لسوء إدارة النظام والفساد المستشري في مناطقه، في ظل ضعف الموارد والنشاط الاقتصادي، حسب المستشار الاقتصادي السوري أسامة القاضي.
ورأى القاضي أن إزالة بطاقة الدعم مجرد بداية فقط، مرجحا أن يلغى قسم آخر من البطاقات قبل نهاية العام الجاري، مع زيادة العجز في موازنة 2022، وشبه انعدام موارد النفط والسياحة والزراعة.
المصدر : الجزيرة