الباحثة شذى خليل*
تعد الشركات الصينية من أكبر المستثمرين في مجال الطاقة في العراق، وهذا يرجع بالدرجة الأساس إلى الاحتياطيات الكبيرة الموجودة في العراق، مما يوفر الجهد والوقت لسهولة الاستخراج النفطي بالنسبة لتلك الشركات.
حيث نشرت بعض الدراسات المتخصصة ان العراق هو الهدف الأعلى لمبادرة الحزام والطريق الصينية في عام 2021، حيث حصل على تمويل بقيمة 10.5 مليار دولار لمشاريع من بينها محطة لتوليد الطاقة بالنفط الثقيل.
حيث بلغت مشاركة الصين من خلال الاستثمارات والتعاون التعاقدي عبر 144 دولة في مبادرة الحزام والطريق 59.5 مليار دولار، بما يتماشى مع 60.5 مليار دولار في عام 2020 ، وفقًا لتقرير صادر عن مركز التمويل والتنمية الأخضر في جامعة فودان في شنغهاي.
وتشير أيضا الدراسات إلى أن الاستثمار في الدول العربية والشرق أوسطية ارتفع العام الماضي بنحو 360٪ والمشاركة في البناء بنسبة 116٪ مقارنة بعام 2020.
وبما ان الولايات المتحدة أنهت مهمتها القتالية العام الماضي ، أصبح العراق ثالث أكبر شريك في مبادرة الحزام والطريق للمشاركة في مجال الطاقة منذ 2013 ، بعد باكستان وروسيا.
تتعاون الصين والعراق لبناء محطة الخيرات لتوليد الطاقة بالنفط الثقيل بتكلفة 5 مليارات دولار في محافظة كربلاء، وحظيت شركة سينوبك الصينية (000554.SZ) بعقد تطوير حقل غاز المنصورية العراقي بالقرب من الحدود الإيرانية.
ويتعاون البلدان أيضًا في إنشاء المطارات والطاقة الشمسية ومشاريع أخرى.
بلغت قيمة عقود مبادرة الحزام والطريق الصينية في عام 2021 45.6 مليار دولار ، بزيادة من 37 مليار دولار في العام السابق ، في حين تقلصت الاستثمارات إلى 13.9 مليار دولار من 23.4 مليار دولار.
ارتفع تمويل الطاقة الخضراء والاستثمار فيها إلى 6.3 مليارات دولار مقارنة بـ 6.2 مليارات دولار في عام 2020 ، ولم تشارك الصين في مشاريع الفحم في عام 2021 ، تماشياً مع تعهد الرئيس شي جين بينغ بعدم بناء محطات تعمل بالفحم في الخارج.
بالنسبة لعام 2022، يتوقع الباحثون تسريع المشاريع الخضراء ، بما يتماشى مع الإرشادات الحكومية ، على الرغم من أن التمويل والاستثمار المرتبطين بالنفط في إطار مبادرة الحزام والطريق قفز إلى 6.4 مليارات دولار في عام 2021 من 1.9 مليار دولار في عام 2020.
يتوقع باحثو جامعة فودان تراجع مشاركة الصين لمبادرة الحزام والطريق ، مستشهدين بخطة الصين الخمسية للفترة 2021-2025 لاستثمار 550 مليار دولار في الخارج بما في ذلك البلدان غير الأعضاء في مبادرة الحزام والطريق ، بانخفاض 25٪ من 740 مليار دولار في الفترة 2016-2020.
ويرى مختصون أن هدف الصين الحقيقي هو إحياء مشروع “الحزام والطريق”، حيث يسعى العراق إلى أن يكون نقطة ربط رئيسة في طريق الحرير الجديد، ويخطط لتوسيع موانئه البحرية وتجديد خطوطه البرية، من أجل كسب مردودات إيجابية.
الصين تسعى لتكوين طرق سريعة تختصر المسافات والزمن وتقلل المخاطر، وبالتالي يعتبر العراق البلد المحوري في هذا الموضوع، ويوجد صراع بين أميركا والصين على العراق، وسعت الصين لجذب العراق للمشاركة في طريق الحرير، خصوصا أن ميناء الفاو الكبير هو المفصل الرئيس في هذا المشروع.
وتعد البصرة هي مفصل رئيس أفضل من دبي، ويؤكد ذلك تلك الحرب الشعواء بين الصين وأميركا وحلفائها على موضوع ميناء الفاو الكبير.
هدف بكين الرئيس في العراق هو طريق الحرير، لأن النفط ممكن أن تأخذه الصين من أي دولة أخرى، بينما مشروع حزام الطريق سيقلل الكلف كثيرا على النقل وينعكس إيجابيا على السلع الصينية المصدرة إلى أوروبا وتكون المنافسة واقعية.
إذا ما تم طريق الحرير فإن البواخر الصينية تأتي إلى ميناء الفاو وتفرغ حمولتها وتنقل عن طريق السكك الحديدية الذي يسمى الميناء الجاف إلى البحر الأبيض المتوسط أو إلى تركيا، وهناك تنافس كبير بين الدول لجني ثمار هذا المشروع.
استثمارات الطاقة في العراق بعد سحب القوات الامريكية ، أن الفرص الاستثمارية التي توفرت بعد انسحاب القوات الأميركية عام 2011، قد ولدت رغبة من الكتل السياسية في العراق إلى الشركات الصينية أكثر من الشركات البريطانية والأميركية وغيرها. ان أهم الحقول النفطية والغازية التي تستثمرها الصين في العراق حقل الأحدب في محافظة واسط، والذي يدار إنتاجه من قبل شركة البترول الوطنية الصينية، أما الحقل الثاني والكبير فهو حقل حلفاية في مدينة العمارة، والذي يقدر فيه احتياطي كبير من النفط الخام هذا من قبل شركة “سي.إن.بي.سي” (CNPC) الصينية حيث تستحوذ على 50% من إجمالي الاستثمارات هناك.
كذلك في حقل الرميلة تشارك الصين شركة بريتيش بتروليوم (BP) البريطانية وهو أكبر حقول العراق، بالإضافة إلى حقول أخرى”.
وتقدر صادرات العراق من النفط الخام إلى الصين بنسبة 44% من إجمالي صادرات النفط، حسب بيانات موقع تتبع ناقلات النفط، وهذا يعكس قوة العلاقات الاقتصادية الصينية وتزايد حاجة الصين من النفط ولا سيما النفط الخام العراقي.
ويذكر خبراء التجارة والنقل أن حجم التبادل التجاري بين العراق والصين يتجاوز 30 مليار دولار سنويا، وذلك لاعتماد السوق العراقي بشكل شبه كامل على السوق الإيراني والسوق الصيني، حيث ان السلع الصينية هي الأقل كلفة بالنسبة للمستهلك العراقي وتناسب جميع أو معظم طبقات المستهلكين وقدراتهم الشرائية.
ان الصين تسعى للاستثمار في مجالات مختلفة منها الإسكان ، وذكرت موازنة عام 2021 أن الشركات الصينية تعتزم بناء مدارس وإنشاء مستشفيات بسعة 100 سرير للمستشفى الواحد، وهناك مشاريع أخرى مثل إكمال محطات الكهرباء وبناء 4 آلاف وحدة سكنية في ميسان، وخطط لبناء مدارس ومجمعات سكنية ضمن صفقة النفط مقابل الإعمار.
مكاسب اقتصادية
يشير الاقتصاديون إلى أن طريق الحرير بدأت بالإستراتيجية التي تهدف الى إحياء الطرق البرية والبحرية التي كانت تتخذها الصين ممرات للوصول إلى قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا، عندما أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013 وأفصح عن إستراتيجية الحزام والطريق، وأن هذا المشروع مهم جدا وفيه فوائد اقتصادية كبيرة، إذا تم استثماره بطريقة ذكية ومن قبل إدارة نموذجية للحكومة العراقية، خصوصا إذا أنجز ميناء الفاو الذي سيعد حينها إنجازا كبيرا للحكومة ونقطة تحول في مسار الاستثمارات الاقتصادية للبلد .
تثبت الدراسات أن الصين تفضل ميناء الفاو لأن الغاطس يصل لعمق 24 مترا، بينما غاطس ميناء مبارك لا يتجاوز 16 مترا في أحسن حالاته، وهذا يمنع السفن ذات الغاطس العالي من الوصول إليه، وهذا المشروع إذا ما تمت إدارته من قبل الحكومة العراقية وتم التعامل بذكاء وحرفية ومهنية، فبالتأكيد سيغير كثيرا من واقع الاقتصاد العراقي لأنه سيعزز العراق بموارد اقتصادية جديدة.
اما بالنسبة الى عائدات مشروع طريق الحرير تتراوح بين 20-60 مليار دولار سنويا، وهذا بالتأكيد سيرفع من قيمة الاقتصاد العراقي ويوفر فرص عمل ويقضي على البطالة والتضخم وتحسين المستوى المعيشي وتقليل الفقر.
اما المخاطر المتوقعة من هذا المشروع في العراق
ان الإدارات الفاشلة ((الفساد المالي والإداري)) للمشاريع ، تقضي على المشاريع وتكبل العراق بالتزامات هو بغنى عنها سواء مع الصين او حتى المحلية عنصر هنا سنرى الاقتصاد العراقي في ضياع بين الديون والالتزامات التي ممكن ان تكبله لسنين غير معدودة ، ويخسر العراق كثيرا بعد أن تضع الصين يدها بالكامل على المشروع.
ومن مسؤولية الحكومة العراقية والجهات المختصة بإدارة المشاريع، التنظيم واختيار النزيهين للجان التي تشرف على دراسة المشروع لتعزيز نشاط الاقتصاد
ويذكر أن الصين أطلقت مبادرة الحزام والطريق عام 2013، لتعزيز الروابط التجارية مع عدة دول حول العالم، وأنفقت الكثير من الأموال على تطوير البنية الأساسية في عشرات البلدان، ويقول منتقدو هذا المشروع إن التمويل الذي تقدمه الصين عادة ما يكون غير مرغوب فيه، ويفتقر للشفافية، ويجعل بعض الدول الأكثر فقرا، خاصة في أفريقيا، معتمدة على الصين عن طريق الديون.
وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية