تعثرت صفقة قيمتها 27 مليار دولار بين شركة “توتال إنرجيز” (Total Energies) الفرنسية والعراق كانت بغداد تأمل أن تعيد بها شركات النفط الكبرى للبلاد، وسط خلافات على شروط ألغتها الحكومة العراقية الجديدة.
وقالت 3 مصادر عراقية من وزارة النفط لرويترز إن الوزارة لم تحصل على الموافقات على التفاصيل المالية للصفقة من جميع الإدارات الحكومية المعنية والمطلوب موافقتها، وغرقت في خلافات منذ ذلك الحين.
فبعد الانتخابات البرلمانية، تحتاج الصفقة الآن إلى موافقة الحكومة الجديدة، بما في ذلك وزيرا النفط والمالية اللذان لن يتوليا منصبيهما قبل مارس/آذار المقبل على الأقل.
وقالت وزارة النفط العراقية -لوكالة رويترز- إنها تتوقع استكمال الصفقة مع توتال إنرجيز بعد ذلك.
وقالت توتال إنها تحرز تقدما نحو إتمام الصفقة، لكنها أضافت “الاتفاق يخضع لشروط يتعين على الطرفين الوفاء بها”.
وأثارت الشروط التي لم يعلن عنها أو تنشر من قبل مخاوف ساسة عراقيين، وقالت مصادر -على صلة وثيقة بالصفقة- إنها شروط غير مسبوقة بالنسبة للعراق.
وطالبت مجموعة من النواب في خطاب لوزارة النفط يناير/كانون الثاني الماضي -أطلعت رويترز على نسخة منه- بالاطلاع على تفاصيل الصفقة، وسألوا عن سبب توقيعها من دون إجراءات تضمن المنافسة والشفافية. ويمكن للبرلمان أن يجبر الوزارة على إعادة النظر في الصفقة أو إلغائها.
وتقول المصادر إنه بموجب مسودة الشروط تعول توتال على الحصول على 10 مليارات دولار من الاستثمار الأولي لتمويل المشروع الأوسع نطاقا عن طريق بيع النفط من حقل أرطاوي، وهو أحد 4 مشروعات في الاتفاق الأشمل.
ويضخ حقل أرطاوي بالفعل 85 ألف برميل يوميا، وبدلا من أن تحصل توتال على حصتها تذهب العائدات إلى خزانة الدولة.
وقالت مصادر من قطاع النفط العراقي منخرطة في المفاوضات -لوكالة رويترز- إن من المقرر أن تحصل توتال على 40% من مبيعات حقل أرطاوي.
وهذه أعلى كثيرا من نسبة 10 إلى 15% كان المستثمرون يحصلون عليها في مشروعات سابقة بموجب عقود الخدمة التقنية العراقية التي تعوض الشركات الأجنبية عن رأس المال وتكاليف الإنتاج وتدفع رسما ثابتا بالنفط الخام.
وكلما زادت نسبة المشاركة في الإيرادات، زادت سرعة دفع مستحقات المستثمرين وقلت المخاطر.
ويقول مسؤولون بوزارة النفط إن العراق يحتاج لأن يكون أكثر تنافسية مع دول أخرى منتجة للنفط لجذب مستثمرين كبار مثل توتال.
وقال مسؤول بارز من وزارة النفط “نحتاج لتقديم حوافز أكبر”.
وتوتال أيضا لديها تخوفات تتعلق بالصفقة؛ إذ كانت الشركة الفرنسية قد رفضت مشاركة شركة النفط الوطنية العراقية لها في المشروع، وهذا من أسباب تعطل الصفقة، وفقا للمصادر ذاتها.
ولم تعلن الحكومة والبرلمان في العراق بعد عن الوضع القانوني الكامل لشركة النفط الوطنية العراقية، التي أعيد تشكيلها لتضاهي أرامكو السعودية، مما يشكل خطرا بالنسبة لتوتال.
ونمت طاقة العراق الإنتاجية من 3 ملايين إلى 5 ملايين برميل يوميا في السنوات الأخيرة، لكن خروج شركات نفط كبرى -مثل “إكسون موبيل” (ExxonMobil) و”شل” (Shell)- من عدة مشروعات بسبب ضعف العائد يعني أن النمو المستقبلي غير مضمون.
وتراجعت أنشطة التنمية كذلك، نتيجة تنامي تركيز المستثمرين على المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. واستهدف العراق ذات مرة أن يصبح منافسا لمنتجين عالميين، مثل السعودية التي تنتج 12 مليون برميل يوميا، أي أكثر من عُشر الطلب العالمي.
وإلى جانب حقل أرطاوي، تشمل الصفقة مع توتال منشأة للطاقة الشمسية تنتج 1 غيغا وات من الكهرباء، ومنشأة تنتج 600 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا، ومشروعا بتكلفة 3 مليارات دولار، لإمدادات مياه البحر، وهو مشروع مهم لزيادة إنتاج النفط في جنوب العراق.
وتعطل المشروع الأخير كذلك؛ إذ قررت وزارة النفط العراقية أغسطس/آب الماضي أنها تريد من مقاولي الإنشاءات دفع تكلفة المشروع، على عكس اتفاق سابق تحددت فيه قائمة مصغرة من الشركات التي يمكنها التنفيذ بأموال حكومية. وقالت المصادر إن المشروع ما زال يجمع عطاءات للتمويل.
ويواجه العراق صعوبات في جذب استثمارات كبيرة جديدة لقطاع الطاقة، منذ أن وقّع مجموعة من الصفقات في مرحلة ما بعد الغزو الأميركي منذ أكثر من 10 أعوام. وخفضت الحكومة مستويات الإنتاج المستهدفة مرارا مع رحيل الشركات العالمية التي أبرمت هذه الاتفاقات، بسبب ضعف العائد من عقود المشاركة في الإنتاج.
ووافقت توتال العام الماضي على الاستثمار في 4 مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة في منطقة البصرة جنوبي البلاد على مدى 25 عاما.
ووقعت وزارة النفط العراقية الاتفاق سبتمبر/أيلول 2021، بعد زيارة قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعراق.
المصدر : رويترز