رئيس مجلس القضاء الأعلى ينضم إلى الرئيس العراقي: حان الوقت لتعديل الدستور

رئيس مجلس القضاء الأعلى ينضم إلى الرئيس العراقي: حان الوقت لتعديل الدستور

كشفت الأزمة السياسية في العراق عن حاجة ملحة إلى إجراء تعديل على الدستور خصوصا بالنسبة إلى البنود التي تسببت أحكامها في تعثر تشكيل السلطات، كما هو الشأن بالنسبة إلى اختيار رئيس جديد للجمهورية.

بغداد – سلطت الأزمة السياسية المستحكمة في العراق الضوء مجددا على أهمية إجراء تعديل للدستور الذي أقر في العام 2005 والذي تتخلله الكثير من الثغرات التي دفعت المحكمة الاتحادية العليا في كثير من الأحيان إلى التدخل، وآخرها في ما يتعلق بتمديد مهام رئيس الجمهورية.

وطالب رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق فائق زيدان الاثنين بضرورة تعديل الدستور، معتبرا أن هناك مواد تجاوزتها الظروف وهو ما يتطلب إعادة مراجعتها.

وينضم رئيس مجلس القضاء الأعلى بذلك إلى الدعوات المتكررة للرئيس برهم صالح الذي سبق وحذر مرارا من الثغرات في النصوص الدستورية، وأكد صالح في أكثر من مناسبة على أنه يجب تعديل الدستور بما يضمن التفاهم بين العراقيين، وفي السياقات الدستورية هو استحقاق لا مناص منه، حيث لا يمكن حكم العراق بهكذا منظومة ودستور.

وقال زيدان في مقال نشر على موقع المجلس إن “الدستور صيغ في ظروف تختلف في حينه عن الظروف الحالية، ومعظم من اشتركوا في إخراجه بالشكل النافذ حاليا هم في مقدمة الداعين إلى تعديله الآن لظروف ومستجدات الواقع السياسي الذي وصل إلى مرحلة خرق الدستور في أكثر من مناسبة بسبب النصوص الدستورية التي لم تعد مناسبة للمرحلة الحالية”.

فائق زيدان: نصوص دستورية لم تعد مناسبة للمرحلة الحالية

وأضاف أن “أكثر النصوص الدستورية التي تبرز الحاجة إلى تعديلها هي المواد التي تسببت أحكامها في تعثر تشكيل السلطات ومنها تلك التي تشترط موافقة أغلبية ثلثي العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب”.

وأشار رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى أن “هذا القيد الذي وضعه المشرع الدستوري انقضت بسببه المدة الدستورية البالغة ثلاثين يوما من تاريخ أول انعقاد لمجلس النواب (في التاسع من يناير 2022) وهي المدة التي حددتها المادة (72/ ثانيا/ ب) من الدستور لاستمرار رئيس الجمهورية بممارسة مهامه إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد”.

واضطر الرئيس برهم صالح مؤخرا إلى طلب استشارة المحكمة الاتحادية التي تمثل أعلى هيئة قضائية في البلاد، لتفسير المادة الثانية والسبعين من الدستور لتمكينه من مواصلة عمله إلى حين استكمال متطلبات المادة السبعين من الدستور، وذلك بعد أن عجز البرلمان عن انتخاب رئيس جديد.

وتقضي المادة سبعون بأن “ينتخب مجلس النواب، من بين المرشحين، رئيسا للجمهورية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه”.

وجاء طلب الرئيس صالح مع انتهاء المدة الدستورية لولايته – والمحددة بأربع سنوات – رسميا يوم الثلاثاء الماضي الموافق للثامن من فبراير، باعتبار أن البرلمان عقد أول جلساته في التاسع من يناير الماضي.

وتنص الفقرة الثانية من المادة الثانية والسبعين من الدستور على أنه “تُحدد ولاية رئيس الجمهورية بأربع سنوات ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية”، ولم تشر المادة إلى الوضعية التي يعجز فيها مجلس النواب عن انتخاب رئيس جديد للبلاد.

ولتجنب الفراغ الرئاسي قررت المحكمة الاتحادية تمديد مهام الرئيس برهم صالح إلى حين التوصل إلى تسوية لهذا الملف، وقد أثار القرار جدلا بين خصوم الرئيس صالح الذين اعتبروا أن قرار المحكمة “سياسي” ويصب في صالحه، وبين من رأى أنه ضرورة للحيلولة دون شغور في رأس هرم السلطة.

ولا ينحصر الجدل المثار في التمديد للرئيس صالح، بل وأيضا في إعادة فتح باب الترشح لرئاسة العراق، بعد أن عجز مجلس النواب في التوصل إلى النصاب القانوني لاختيار الرئيس الجديد، وفي غياب سند دستوري رأى البعض أنه كان الأجدى الإبقاء على قائمة المرشحين الحاليين مع سحب ترشح القيادي الكردي هوشيار زيباري، بعد صدور حكم بعدم أهليته في الترشح للمنصب.

وتبقى الاشكالية الدستورية الأعمق وفق رئيس مجلس القضاء الأعلى في “صياغة المادة السادسة والسبعين التي نصت على أن يكلف رئيس الجمهورية مرشح ‘الكتلة النيابية الأكثر عددا’ بتشكيل مجلس الوزراء”، قائلا “إن المقصود بالكتلة النيابية الأكثر عددا هي (القائمة أو الكتلة الفائزة في الانتخابات) على اعتبار أن هذا التفسير هو الأقرب إلى منطق التنافس الانتخابي”.

ويتنافس التيار الصدري المتزعم لنتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت في العاشر من أكتوبر، والإطار التنسيقي الذي يضم قوى موالية لإيران معظمها تعرضت لخسارة انتخابية، على الكتلة النيابية الأكبر التي ستخول لأصحابها تشكيل حكومة جديدة.

وسبق وأن ردت المحكمة الاتحادية دعوى للإطار التنسيقي يزعم فيها أنه صاحب الأغلبية النيابية، لكن الأخير يرفض الاستجابة ويصر على أنه سيذهب إلى الجلسة البرلمانية المقبلة على أساس أنه صاحب الكتلة الأكبر الأمر الذي ينذر بمنعرج جديد للأزمة قد تفضي بالبلاد إلى متاهات أمنية.

وقال رئيس مجلس القضاء الأعلى إن “مجلس النواب أمام مسؤولية تاريخية وواجب وطني يتمثل في ضرورة العمل على تعديل المواد الدستورية المتقدم ذكرها لاسيما وأنها مواد ليست خلافية وإنما قابلة لإعادة الصياغة بشكل يضمن عدم دخول البلد في حالة خرق أو فراغ دستوري مستقبلا”.

وشدد على ضرورة تعديل المادة السادسة والسبعين والنص على مبدأ واضح غير قابل للاجتهاد بأن يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة أو القائمة الفائزة في الانتخابات بتشكيل مجلس الوزراء في نفس جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بعد استكمال إجراءات انتخابه دستوريا، وهذا يحسم الجدل المستمر منذ سنة 2010 وإلى الآن فيما لو تمت صياغة النص بشكل دقيق وواضح في الدستور، وفقا لقوله.

العرب