هل ذهب بوتين بعيداً هذه المرة؟ وهل تكون أوكرانيا أفغانستان جديدة؟

هل ذهب بوتين بعيداً هذه المرة؟ وهل تكون أوكرانيا أفغانستان جديدة؟

هل ستكون أوكرانيا أفغانستان بوتين؟ هكذا تساءلت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في مقال للصحافية المخضرمة إيزابيل لاسيير، قائلة إنه إذا كان من المحتمل أن تستسلم كييف في نهاية المطاف لهجوم الجيش الروسي، فإنه يمكننا بعد ذلك توقع مقاومة طويلة.

عادت الصحيفة إلى الوراء لتذكر بأنه في 11 ديسمبر 1994، عندما أطلق الكرملين قواته لمهاجمة الشيشان، أعلن مسؤول روسي أنه سينهي التمرد في غضون 48 ساعة. لكن الأمر استغرق خمسة أسابيع للقوات المسلحة الروسية، واندلاع غير مسبوق للعنف والقصف الجوي وهجمات الدبابات للسيطرة على القصر الرئاسي في عام 1995. واستمر الصراع عامين، أعقبه آخر أطول في عام 1999. دُمرت غروزني والشيشان. فالحروب لا تسير كما هو مخطط لها.  في غروزني أمس كما في كييف اليوم، تقول الصحيفة.

”لوفيغارو” أشارت إلى أن الهجوم الأول على كييف، الذي يُعتقد أنه حرب خاطفة، والذي كان لضمان الاستيلاء على مطار هوستوميل ثم غارة في وسط العاصمة لقطع رأس السلطة السياسية هناك أو القبض على فولوديمير زيلينسكي أو قتله، تم إحباطه من قبل المقاومة الأوكرانية. تقطعت السبل ببعض الدبابات الروسية على جانب الطريق. أسقط الدفاع الأوكراني قاذفات القنابل.

واعتبرت الصحيفة أنه ما يزال من السابق لأوانه الإجابة، ولكن ليس من السابق لأوانه طرح السؤال. هل ذهب فلاديمير بوتين بعيداً هذه المرة؟ هل ستكون الحرب في أوكرانيا أفغانستان جديدة لروسيا؟ هل ستكون بداية نهاية عهد رئيس أصبح قيصرا ثم ديكتاتورا؟

ورأت الصحيفة أن فلاديمير بوتين بإعلانه تكثيف الهجوم وتوسيعه ليشمل جميع أوكرانيا في اليوم الرابع من الحرب، ولجوئه إلى الكتائب الشيشانية لدعم الجنود الروس، يكون قد اتخذ خطوة جديدة في طريقه المتهور.

وتابعت القول إنه مثل العديد من السياسيين في أوروبا الغربية، استخف الرئيس الروسي بالقومية الأوكرانية، مقتنعا بأن أوكرانيا بلد “مصطنع” و“غير شرعي”. من الواضح أنه لم يقس مقاومة الجنود الأوكرانيين، ولكن أيضا مقاومة الشعب الأوكراني الذي ألقى زجاجات المولوتوف من النوافذ على الدبابات الروسية وتكتّل خلف رئيسه فولوديمير زيلينسكي، الذي رد على الإدارة الأمريكية عندما عرضت تهريبه بالقول: “لست بحاجة لسيارة أجرة، أنا بحاجة إلى أسلحة”.

لم تعد أوكرانيا عام 2022 هي تلك التي كانت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فقد ابتعدت بخطوات كبيرة عن سياسة الكرملين في العصور الوسطى لتتداخل مع القيم الأوروبية والديمقراطية، توضح “لوفيغارو”.

في غضون أيام قليلة، أثار فلاديمير بوتين غضب جميع الغربيين وجزء من المجتمع الدولي. وكانت  الحربان الروسيتان في الشيشان قد أثارتا ردود فعل قليلة في الولايات المتحدة وأوروبا، تشير “لوفيغارو”، مذكّرة أنه في عام 2008، أُدينت حرب جورجيا ولكنها سرعان ما نُسيت، كما أدى ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014 إلى عقوبات اقتصادية معتدلة، ثم نظر الغربيون في الاتجاه الآخر. لكن غزو أوكرانيا أثار هذه المرة ردود فعل ضخمة، حيث يجد القادة الأوروبيون أنفسهم مجبرين الآن على مواجهة الوجه الحقيقي لفلاديمير بوتين.

 فهل ستستمر ردود الفعل هذه؟  على أية حال، فإن عزل روسيا على الساحة الدولية، والركود الاقتصادي المعلن مع العقوبات التي تتراكم ضد البلاد ونظامها المصرفي، وأوليغارشيتها، يمكن أن يكون لها آثار سياسية داخل البلاد. فإذا كان ضم شبه جزيرة القرم قد سمح لفلاديمير بوتين بزيادة شرعيته في روسيا، فإن الحرب الأوكرانية تخاطر بتقويضها، تقول “لوفيغارو”.
القدس العربي