قناة السويس المصرية.. رسوم إضافية على ناقلات البترول الخام والمشتقات النفطية

قناة السويس المصرية.. رسوم إضافية على ناقلات البترول الخام والمشتقات النفطية

القاهرة- بدأت هيئة قناة السويس المصرية، الثلاثاء الماضي، في تطبيق قرار فرض رسوم إضافية على ناقلات البترول الخام والمشتقات النفطية العابرة للممر الملاحي في الاتجاهين بواقع 5%، فضلا عن زيادة رسوم العبور لناقلات الغاز المسال “المحملة والفارغة” بنسبة 10%.

وأعلنت هيئة قناة السويس، زيادة رسوم عبور الممر الملاحي بداية من الأول من مارس/آذار الجاري، وذلك بعد يومين فقط من بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وخلال فبراير/شباط الماضي، حققت حركة الملاحة بالقناة معدلات أداء وصفها مسؤولون حكوميون بغير المسبوقة حيث عُدت الأعلى مقارنة بالشهر ذاته عبر السنوات المتعاقبة على مدار تاريخ الممر المائي.

زيادة ثانية
يأتي الإعلان عن زيادة جديدة في رسوم عبور القناة بعد أقل من شهر واحد من تطبيق تعريفة رسوم جديدة للسفن العابرة، بدءا من أوائل فبراير/شباط الماضي.

وأعلنت الهيئة عن زيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن بنسبة 6% مقارنة بما كانت عليه خلال عام 2021، واستثنى القرار السفن السياحية وناقلات الغاز الطبيعي المسال.

وأمام ذلك ارتفعت حصيلة الإيرادات المحققة للقناة بنسبة 15.1% خلال فبراير/شباط، لتسجل 545.5 مليون دولار (غير شاملة الخدمات الملاحية) مقابل 474.1 مليونا خلال الشهر ذاته من العام الماضي بفارق 71.4 مليونا.

وأوضحت الهيئة، في بيان لها، أن حركة الملاحة بالقناة خلال الشهر الماضي سجلت أرقاما قياسية جديدة وغير مسبوقة على صعيد معدلات عبور السفن والحمولات الصافية بعبور 1713 سفينة بإجمالي حمولات صافية قدرها 100.1 مليون طن.

وبدوره، قال رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، إن الممر الملاحي المصري لا يوجد له منافس على مستوى العالم كونه الأقصر مسافة والأكثر أمانا، حسب وصفه.

وأوضح، خلال مداخلة هاتفية مع برنامج “على مسؤوليتي” المذاع على فضائية “صدى البلد”، قبل أيام من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وجود تحسن في حركة النقل البحري خلال عام 2021 مقارنة بعام 2020، ما أدى إلى جني أكثر من 6.3 مليارات دولار كإيرادات خلال السنة الماضية، وهو أكبر عائد في تاريخ القناة.

وعن خطط القناة خلال حرب روسيا الحالية على أوكرانيا، أكد ربيع جاهزية إدارة القناة لخطط محددة لتجنب أي خسائر قد تقع جراء الصراع، مشيرا إلى الطريقة التي تم التعامل بها خلال جائحة كورونا حيث تم الدفع بعدة حوافز وتخفيضات للسفن العابرة.

وبالتوازي مع الأخبار المتوالية حول الأرباح الضخمة والرسوم المتزايدة من جانب إدارة قناة السويس، طال الممر الملاحي المصري اتهامات تتعلق بالفساد وفق ما ذكرت شبكة مكافحة الفساد البحري (MACN)، في تقريرها الذي صدر، الأسبوع الماضي.

وأظهر تقرير حول وقائع الفساد في قطاع النقل البحري، تصدر قناة السويس قائمة أكثر الممرات الملاحية فسادا وطلبا للرشوة خلال نحو عقد كامل.

وذكرت الشبكة في تقريرها أنها تلقت ما يقارب 50 ألف واقعة فساد في أكثر من ألف ميناء في 149 دولة خلال الفترة الواقعة بين عامي 2011 و2020، لتتصدر قناة السويس وقائع الفساد بـ1795 واقعة.

فيما حل ميناء جاكرتا بإندونيسيا في المرتبة الثانية بـ1462 واقعة فساد، وجاء ميناء الإسكندرية شمالي مصر في المركز الثالث بواقع 993 حادثة.

وتضمنت وقائع الفساد والرشاوى طلب مسؤولين بالممرات الملاحية -قباطنة وعاملين- علب سجائر أو زجاجات كحول ونقودا، حسبما ذكر التقرير، الذي أكد تأخر عبور السفن حال عدم تلبية تلك الطلبات.

ومن جانبها، قالت الرئيسة التنفيذية لشبكة (MACN)، سيسيليا مولر توربراند، إن تكلفة الفساد عالية ولها عواقب وخيمة على الصناعة والتجارة.

وشددت على كون البيانات الواردة في التقرير لا يُقصد منها أن تكون بمثابة دليل أو أن تحل محل إنفاذ القانون، مشيرة إلى أن العديد من الدول أطلقت إجراءات وفتحت تحقيقات لاكتشاف الثغرات وتدريب مسؤولي الموانئ على النزاهة وتحسين الإدارة.

حق أصيل
فرض رسوم إضافية على السفن العابرة هو حق أصيل لقناة السويس، وفق رؤية الخبير في النقل البحري واللوجيستيات، أحمد الشامي.

وأوضح -في تصريحات صحفية- أن ذلك الحق ينطلق من ضرورة تعويض هيئة القناة ما تكبدته من مصروفات لخدمة التجارة الدولية، وقال “نوفر للتجارة الدولية مليارات الدولارات سنويا، وهو ما يصب في صالح الشركات الكبرى المالكة للخطوط الملاحية التي تحقق أضعاف موارد قناة السويس كصافي أرباح”.

وأضاف الشامي أن الرسوم الإضافية المقررة تتماشى مع النمو الملحوظ في التجارة العالمية وتحسن اقتصاديات النقل بالتزامن مع تطوير المجرى الملاحي المصري وخدمة العبور.

ورغم الأموال الطائلة التي أنفقتها قناة السويس على مدار السنوات السبع الأخيرة سواء لتطوير المرفق ككل أو حفر تفريعة قناة السويس الجديدة، استمرت مصر في تقديم الحوافز للسفن العابرة دون أي زيادة في الرسوم، حسب قول خبير النقل البحري.

وفي أغسطس/آب عام 2015 افتتح الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي مشروع تفريعة موازية لقناة السويس بطول 35 كيلومترا، بتكلفة وصلت لنحو 8 مليارات دولار، وهو المشروع الذي روج له الإعلام المصري على أنه ممر ملاحي جديد فيما سمي بـ”قناة السويس الجديدة”.

الحرب والملاحة
من جهته، شرح الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، كيفية حساب رسوم العبور في الممرات الملاحية، موضحا أن تكلفة المرور ليست ثابتة كما يعتقد البعض، بل هي متغيرة طبقا لحجم السفينة ووزنها، وحمولتها، ونوع الحمولة، وقيمة الحمولة وقت المرور.

وعلى ذلك قدمت قناة السويس حوافز لتشجيع السفن على المرور عبرها عندما تراجعت أسعار البترول، ومع عودة أسعار البترول لمستوياتها في الآونة الأخيرة، قامت إدارة القناة بإجراء طبيعي وهو رفع رسوم المرور، وفق قول عبدالمطلب.

أيضا فإن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت قبل أيام، بحسب الخبير الاقتصادي، كان لها أثر كبير في قرارات إدارة القناة بفرض رسوم إضافية على ناقلات البترول الخام والمشتقات البترولية العابرة للممر الملاحي في الاتجاهين.

وأوضح -في حديثه للجزيرة نت- أن تلك الحرب هي السبب المباشر في ارتفاع أسعار البترول، لذا فقرارات هيئة قناة السويس الأخيرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بحالة الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

وبالنسبة للاتهامات التي طالت إدارة قناة السويس بشأن وقائع فساد، رأى عبدالمطلب أنه لا يمكن التعويل عليها كثيرا في قياس الفساد بأي مكان.

واستطرد “تخضع عمليات تقدير الرسوم لعوامل كثيرة معقدة ومتداخلة، ويدور قدر كبير من المفاوضات والمساومات للاتفاق على تحديد الرسوم بالشكل الذي يرضي الطرفين، وهناك من يعتقد أن هذا النوع من المساومات هو طلب للرشاوى بطريق غير مباشر”.

وأكد الخبير الاقتصادي أن الفيصل في تحديد حجم الفساد هو عدد الدعاوى القضائية ضد إدارة الممر الملاحي أو الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضدها.

لكن أيضا لا أحد ينكر أن الفساد موجود في كل مكان، بحسب رأيه، متابعا “ربما يكون الفساد موجودا بشكل أكبر في الموانئ والمعابر المائية وإلا فكيف يتم تهريب السلع والمخدرات والبشر وغيرها.. وكلما كانت حركة العمل كبيرة ومجالات العمل متنوعة كانت احتمالات الفساد أكبر”.

المصدر : الجزيرة