لندن – رغم أن روسيا تدخلت عسكريا وسيطرت على مناطق من أوكرانيا، فإن الشعوب العربية في غالبيتها تظهر دعمها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا تبدي أيّ تعاطف مع أوكرانيا بالرغم من الحملات الإعلامية الغربية المتضامنة مع كييف والشعب الأوكراني، وما تنقله من صور للتفجيرات وموجة المهاجرين إلى دول الجوار.
ويقول عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي إنهم لن ينسوا لأوكرانيا أنها كانت قوة الاحتلال الثالثة عدديا في 2003 إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، وأنها شاركت لمدة خمس سنوات في احتلال العراق بخمسة آلاف جندي.
ويعتقد مراقبون أن العرب يحددون موقفهم دائما في الصف المعارض للولايات المتحدة التي لا يسمح سجلها في المنطقة خلال العقود الماضية بالتعاطف معها سواء في مواقفها الداعمة لإسرائيل، أو غزوها للعراق، أو برود علاقتها مع دول الخليج ومصر.
وتستفيد روسيا من هذا الموقف المسبق المعارض لمواقف الأميركيين والأوروبيين، وهو ما يفسر الإعجاب الذي يلاقيه بوتين في المنطقة كرئيس قوي قادر على اتخاذ القرار بسرعة وتنفيذه بشكل يدفع الولايات المتحدة إلى التراجع، وهو ما حدث في أوكرانيا وسوريا وليبيا قبل ذلك.
ولا ينحصر الإعجاب ببوتين كـ”زعيم ملهم” عند جمهور إيران وحزب الله اللبناني بسبب تقاطع المصالح في سوريا، ولكن الأمر يمتد خاصة إلى دول شمال أفريقيا التي تجد ميلا تلقائيا لروسيا والصين. كما أن الخليجيين بات مزاجهم يقترب أكثر من روسيا بسبب برود العلاقة مع إدارة الرئيس جو بايدن.
وقوبل تصويت دول عربية الأربعاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح إدانة روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا بنقد واسع على مواقع التواصل الاجتماعي اعتبر أن التصويت انحياز لا مصلحة للعرب فيه.
وتضرّرت أوكرانيا من صورة الولايات المتحدة رغم أنها تمتلك ما يفترض أن يجعل أغلب العرب في صفها، فأغلبهم يعيشون على ما تنتجه من قمح، ويعدّون الأيام من أجل أن تنتهي الحرب وتعود حركة نقل القمح إلى نسقها المعتاد حتى يقدروا على جلب شحنات جديدة من الغذاء تكفيهم لأشهر أخرى.
وألقى التعامل الغربي مع اللاجئين الهاربين من أوكرانيا بتأثيره على مواقف الجمهور العربي، حيث بدأ الناس يتحدثون عن التمييز الغربي ضد العرب والأفارقة ويهاجمون الثقافة الغربية الاستعلائية وتناسوا أصل القضية، وهي أن الهجرة الفوضوية هذه فرضها التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وأن الدول الغربية تريد إظهار تضامنها مع الشعب الأوكراني باستقبال اللاجئين الهاربين من الحرب دون أن تغير سياستها بالنسبة إلى اللاجئين من جنسيات أخرى.
وأثارت تصريحات لرئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف ضجة كبيرة غيرت بعض التضامن الذي أبداه العرب إلى جانب أوكرانيا حين قال “ما لدينا هنا ليس موجة اللاجئين التي اعتدنا عليها والتي لا نعرف كيف نتصرف حيالها (إذ كانت تتألف من) أناس ماضيهم غامض”، ووصف الأوكرانيين بأنهم أذكياء ومتعلمون وعلى درجة عالية من الكفاءة.
واستدعى الأمر تدخل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي حثت الدول المجاورة لأوكرانيا على فتح حدودها أمام المواطنين الأفارقة الفارين من الحرب.
ويسعى الآلاف من الأفارقة وغيرهم من الأجانب، وخصوصا الطلبة، جاهدين لمغادرة أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي يوم الرابع والعشرين من فبراير.
وأحدث هذا التمييز في المعاملة صدمة كبيرة في العالم، وتساءل لاجئون من جنسيات أخرى، وخاصة من العرب، عن سبب ازدواجية المعايير في التعامل مع اللاجئين بمن في ذلك من يتعرّضون لظروف قاسية مثل ما يحصل مع اللاجئين السوريين.
ونقلت رويترز شهادة للاجئ في مركز يؤوي 25 أسرة على مشارف مدينة صيدا اللبنانية على البحر المتوسط تساؤله “لماذا الأوكرانيون محل ترحيب في كل الدول بينما نحن كلاجئين سوريين ما زلنا في الخيام وتحت الثلج نواجه الموت ولا ينظر أحد لنا بعين الاعتبار؟”.
صحيفة العرب