– لا تخفي أوساط سياسية عراقية تشاؤمها حيال إمكانية توصل الفرقاء العراقيين إلى توافق قبيل انعقاد جلسة اختيار رئيس جديد للبلاد المقررة في السادس والعشرين من الشهر الجاري، وسط نذر مقاطعة لهذه الجلسة في سياق عملية لي الذراع بين الأطراف المختلفة.
وتحتدم الأزمة السياسية في العراق في ظل استمرار الخلافات بين الحزبين الكرديين الرئيسيين حول مرشح رئاسة الجمهورية، فالحزب الديمقراطي الكردستاني يصر على الدفع بمرشحه ريبر أحمد خالد، وفي المقابل يتمسك الاتحاد الوطني بدعم ترشيح الرئيس برهم صالح.
وتقول الأوساط السياسية إن الخلافات بين الحزبين الكرديين ليست بالتعقيد المطروح، وأنه بالإمكان حسمها في جلسة الانتخاب لهذا الطرف أو ذاك، كما جرى في العام 2018، لكن المعضلة الأساسية في العراق هي في الانسداد السياسي الحاصل داخل البيت الشيعي، والذي يخشى من أن يحول جلسة انتخاب الرئيس إلى “جلسة كسر”.
عمار الحكيم: الدولة لا تدار بلي الأذرع وكسر العظم، إنما بالحوار
وعاد التوتر يسيطر على العلاقة بين التيار الصدري الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبين الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، بعد أن برزت مؤشرات عن انفراجة بينهما على إثر الاتصال الهاتفي الذي جرى بين زعيم التيار مقتدى الصدر ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وما أعقبه من اجتماع بين الصدر ووفد من الإطار التنسيقي بقيادة زعيم تحالف الفتح هادي العامري.
وتوضح الأوساط السياسية أن السبب الأساسي في عودة الانسداد بين طرفي المعادلة الشيعية يعود إلى إصرار الإطار التنسيقي على تشكيل تحالف نيابي أغلبي مع الصدر أو ما يسمى بـ”الكتلة الأكبر”، وهو ما يرفضه الأخير الذي يرى في هكذا خطوة بمثابة فخ ينصب له للنيل من مكاسبه الانتخابية، وأيضا لضرب التحالف بينه وبين ائتلاف السيادة السني، والحزب الديمقراطي الكردستاني.
ولوح الإطار التنسيقي بإمكانية مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الأمر الذي قد يهدد النصاب القانوني لعقدها، والذي حددته المحكمة الاتحادية العليا بمشاركة ثلثي النواب ما يعني ضرورة حضور أكثر من 220 نائبا من أصل 329 نائبا.
وربطت قيادات تابعة للإطار في تصريحات صحافية الأحد المشاركة في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الجديد بحصول توافق مع التيار الصدري حول عملية تشكيل الحكومة، خلاف ذلك فإنهم يتجهون للمقاطعة.
كما وضع الإطار شرطا إضافيا بشأن دعم مرشح التيار الصدري لرئاسة الوزراء السفير العراقي لدى بريطانيا جعفر الصدر، في تراجع عن تعهد سابق قطعه الإطار بدعم الأخير الذي اعتبره شخصية توافقية قادرة على قيادة دفة الحكومة المقبلة.
وأوضح القيادي في الإطار عائد الهلالي أن “ترشيح جعفر الصدر لن يتم قبل الاتفاق على إعلان الكتلة الأكبر بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وبعد هذا الأمر يتم الاتفاق على اسم مرشح رئاسة الوزراء”.
وبين الهلالي أن “جعفر الصدر ضمن الأسماء المطروحة بقوة لتولي رئاسة الوزراء خلال المرحلة المقبلة، لكنه ليس الاسم الوحيد، فهناك مرشحون آخرون ينافسون على هذا المنصب، وحسم هذا الأمر يجب أن يكون من خلال الكتلة الأكبر، ولهذا لا حسم لاختيار أي اسم دون حسم تسمية الكتلة الأكبر بشكل رسمي”.
وتستبعد الأوساط السياسية أن يقبل التيار الصدري بهذا الابتزاز الذي يمارس عليه من قبل الإطار التنسيقي، وبالتالي من المرجح أن يحرص هو وحلفاؤه على ضمان حضور أكبر عدد من النواب وتحقيق النصاب القانوني لجلسة انتخاب الرئيس.
ويخشى من أن يؤدي فشل انعقاد الجلسة بالبلد إلى تعقيدات إضافية، وحذر رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم السبت من تحول جلسة انتخاب الرئيس إلى جلسة “كسر” بين الأطراف.
وأوضح الحكيم في بيان أن “الدولة لا تدار بلي الأذرع وكسر العظم، إنما بالحوار والتفاهم والتكامل وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة”.
صحيفة العرب