اعتماد الهند على الأسلحة الروسية يفسر ترددها في التنديد بغزو أوكرانيا

اعتماد الهند على الأسلحة الروسية يفسر ترددها في التنديد بغزو أوكرانيا

نيودلهي – يرى خبراء أن اتكال الهند على الأسلحة الروسية لحماية حدودها من جارتيها باكستان والصين يفسّر ترددها في التنديد بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي تحدّث عنه الرئيس الأميركي جو بايدن.

وخلافا للدول الأعضاء الأخرى في مجموعة “كواد” التي تضم أيضا أستراليا واليابان والولايات المتحدة، تواصل الهند شراء النفط الروسي وامتنعت عن التصويت على ثلاثة قرارات أممية تدين الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا.

ودافع مسؤولون في الحكومة الهندية عن قرار شراء النفط الروسي قائلين إن الدول الأوروبية تواصل شراء المحروقات من موسكو، وإن أسعار الخام المرتفعة لم تترك لنيودلهي خيارات واسعة.

واشترت مصافي النفط الهندية في الأيام الأخيرة عدة ملايين من البراميل من النفط الروسي بسعر مخفض، وفق تقارير صحافية.

70 في المئة من الترسانة العسكرية التي تستخدمها نيودلهي لضمان أمنها روسية الصنع

ووفق الصحافة المحلية، وضعت نيودلهي آلية تعامل بالروبية والروبل لتمويل واردات النفط خصوصا، تجنبا لإجراء التبادلات بالدولار الأميركي.

وأفاد مسؤولون في الحكومة الهندية، بأن الهند تستورد ما يقرب من 85 في المئة من احتياجاتها من النفط الخام، ولا يمثل النفط الروسي سوى حصة “هامشية” تقل عن 1 في المئة. والهند هي ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم.

وتعتبر نيودلهي موسكو “بلدا صديقا منذ وقت طويل” و”ركيزة أساسية” للسياسة الخارجية الهندية بسبب “الشراكة الاستراتيجية” لأمنها القومي.

ولا يتوقّع المحلّلون الهنود أن يتغير موقف الهند تجاه روسيا في أي وقت قريب.

وتنفق الهند المليارات من الدولارات سنويا على شراء وصيانة الأسلحة الروسية المنتشرة على طول حدودها المشتركة مع باكستان والصين.

ورغم أن الهند بدأت أخيرا استيراد أسلحة من الولايات المتحدة وإسرائيل وفرنسا وإيطاليا، ما زالت 60 إلى 70 في المئة من ترسانتها العسكرية روسية.

ويظهر تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيبري)، أن نسبة الواردات الهندية من روسيا بلغت 46 في المئة بين عامي 2017 و2021.

وأوضح ناندان أونيكريشنان من مؤسسة “أوبزرفر ريسيرتش” للبحوث ومقرها نيودلهي أن روسيا “لم تتأثر مطلقا بالضغوط الخارجية وقدمت لنا الدعم عندما كنا نحتاج إليه من دون تقصير”.

وأشار الخبير إلى أن موثوقية روسيا المستمرة منذ عقود طويلة تمثل حجر الزاوية في العلاقات الثنائية منذ شراء نيودلهي مقاتلات “ميغ -21” من الاتحاد السوفياتي للمرة الأولى عام 1962.

وتشكلت هذه العلاقات العسكرية وتعززت بعد هزيمة الهند على يد الصين في الحرب الحدودية عام 1962 ثم في الصراع مع باكستان عام 1971 الذي أدى إلى نشوء دولة بنغلادش. وتم توقيع معاهدة صداقة وتعاون هندية – سوفياتية تاريخية عام 1971.

وتساءل الخبير “الحرب في أوكرانيا لا تغير واقع منطقتنا، فلمَ يجب علينا التفكير في استبدال مورد موثوق به منذ فترة طويلة مع عدم وجود بديل فعلي؟”.

وبحسب المعهد الدولي للدراسات الأمنية، تملك الهند حوالى 3500 دبابة قتالية من أصل روسي مصنعة في الهند بموجب ترخيص، وأسطولا من مقاتلات سوخوي وميغ.

وأما حاملة الطائرات الوحيدة في الهند فهي “الأدميرال غورشكوف” وهي سفينة تم تجديدها تعود إلى الحقبة السوفياتية، كما أن أربعة من مدمراتها العشر من أصل روسي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ثمانية من الغواصات الـ14 غير العاملة بالطاقة النووية.

ولدى الهند أيضا طلبات روسية كبيرة معلّقة من بينها خصوصا صفقة بقيمة 5 مليارات دولار لأنظمة الدفاع الجوي إس – 400 بعيدة المدى، وقد بدأت عمليات التسليم العام الماضي، وأربع فرقاطات وغواصة تعمل بالطاقة النووية.

الهند تسعى لزيادة إنتاجها من الأسلحة، ويعزى ذلك خصوصا إلى التعاون مع مجموعة كلاشنيكوف من أجل تصنيع بنادق “إيه كاي – 203” الهجومية

وقال مانوج جوشي الخبير في السياسة الدولية “يجعل هذا الاعتماد من الصعب على الهند أن تتبنى موقفا آخر تجاه روسيا”.

وكذلك، فإن توريد الأسلحة ينطوي على التزامات طويلة الأجل تشمل صيانة دورية واستبدال أجزاء كما أوضح جوشي.

والتسلح الروسي رخيص نسبيا أيضا. كذلك، فإن الدول الغربية مترددة أكثر من موسكو في نقل التكنولوجيا للسماح بصنع أسلحة في الهند، وفق الخبراء.

وتسعى الهند لزيادة إنتاجها من الأسلحة، ويعزى ذلك خصوصا إلى التعاون مع مجموعة كلاشنيكوف من أجل تصنيع بنادق “إيه كاي – 203” الهجومية.

وكانت المجموعة الروسية أعلنت العام الماضي أنها توصلت إلى اتفاق لتوريد أكثر من 600 ألف بندقية هجومية، سيتم تصنيعها محليا.

وتتعاون الهند وروسيا أيضا في مجال الدفاع، على سبيل المثال في صنع صواريخ “براهموس كروز” التي أطلقت الهند أحدها على باكستان هذا الشهر عرضا.

وإلى جانب النفط والأسلحة، تستورد الهند الأسمدة والماس الخام من روسيا، في حين تصدر لها منتجات صيدلانية والشاي والقهوة.

واعتبرت ليديا باول الخبيرة في سياسة الطاقة في مؤسسة أوبزرفر ريسيرش التي تتخذ من نيودلهي مقرا لها “نحن دولة فقيرة نسبيا وأسعار النفط مهمة جدا انتخابيا وسياسيا واجتماعيا وغير ذلك”.

العرب