بغداد- قالت مصادر سياسية عراقية لـ”العرب” إن التحالف البرلماني للأحزاب الفائزة بالانتخابات “تحالف وطن” لم يضمن بعد النصاب القانوني لعقد جلسة انتخاب رئيس جديد للعراق، كاشفة عن أن كتلة المستقلين ستكون هي المحدد في عقد الجلسة من عدمه خاصة في ظل استياء داخل الكتلة من طريقة تعامل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع نوابها.
وأشارت هذه المصادر إلى أن الصدر يريد من النواب المستقلين (أكثر من 30 نائبا) التصويت لفائدة صفقته مع مسعود بارزاني، رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، القائمة على ترشيح ريبير أحمد لرئاسة الجمهورية وجعفر الصدر لمنصب رئيس مجلس الوزراء، دون عقد لقاء بهم والتفاوض بشأن مكاسبهم من التحالف معه على مستوى الحكومة.
وأضافت أن طريقة الصدر في التعامل مع كتلة المستقلين قادت إلى توسيع الهوة بينهما بشكل كبير، فهو ينظر إليهم كرقم وليس كمجموعة ذات مواقف، خاصة أن من بينهم نوابا مدعومين من شباب انتفاضة تشرين يعارضون المحاصصة والاسترضاء، فيما اختار هو طريق الصفقات من خلال سعيه للتحالف مع الإطار التنسيقي ولاحقا بتحالفه مع بارزاني على أرضية تقاسم السلطة، وليس على أرضية حكومة أغلبية وطنية كما دأب على إعلان ذلك.
◙ الصدر يطلب دعم المستقلين دون عقد لقاء بهم والتفاوض بشأن مكاسبهم من التحالف معه على مستوى الحكومة
ولفتت إلى أن الصدر لم يكن ليوجه رسالة علنية إلى المستقلين ويمتدح دورهم الوطني لو لم يكن على علم بصعوبة توفير النصاب القانوني لجلسة السبت، معتبرة أن الحديث عن أن أمر النصاب محسوم كلام غير واقعي، وإلا ما كان الصدر بحث عن التحالف مع الإطار التنسيقي.
وكان الصدر وجه تغريدات خاصة لامتداح المستقلين في أكثر من مرة، وقال “إنني إذ أوجه إليهم الشكر إذ قدّموا مصلحة الوطن على المصالح الخاصة ومتمنيا أن يتم هذا الإحساس القلبي على أتم وجه حبا في العراق، فإنني سأكون ملزما برد الجميل لهم في أقرب فرصة”.
ويحتاج انعقاد الجلسة إلى حضور ثلثي عدد النواب البالغ 325 نائبا لتحقيق النصاب القانوني، وهو ما لا يتوفر عليه التحالف الثلاثي حاليا إذا لم يحصل على دعم المستقلين وكتل صغيرة أخرى.
وكانت الكتلة الصدرية حصلت على 73 مقعدا وائتلاف “السيادة” السنية على 71 مقعدا بينما لم يحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني سوى على31 مقعدا.
ويقول مراقبون للمشاورات البرلمانية إن المستقلين كانوا اتفقوا مع الصدر على دعم بقاء الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح في رئاسة الجمهورية لولاية ثانية، وقد كانت لهم معه لقاءات وتوافقات على أرضية وطنية، وكان الصدر على علم بتفاصيل هذه اللقاءات لكن خضوعه لضغوط حليفه الكردي بارزاني دفعه إلى التراجع عن دعم شخصية قريبة من أفكاره واختيار شخصية غير معروفة كرديا وعراقيا مثل ريبير أحمد.
وألمحت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان فيان صبري في تصريحات لها إلى غياب النصاب المطلوب لتمرير صفقة الصدر – بارزاني.
وقالت في تصريحات صحافية إن إكمال النصاب القانوني المطلوب لعقد جلسة البرلمان الخاصة باختيار رئيس الجمهورية “مهمة جميع الأطراف”، و”سنحاول مع حلفائنا ضمان إكمال النصاب القانوني لجلسة السبت المقبل”.
فيان صبري: إكمال النصاب القانوني المطلوب لعقد جلسة البرلمان الخاصة باختيار رئيس الجمهورية مهمة جميع الأطراف
ويعتقد المراقبون أن التجاذبات ستستمر على وتيرة عالية خلال الساعات القادمة، وأن الإطار التنسيقي نجح في تحييد المستقلين وبعض الكتل الصغيرة مثل كتلة تحالف عزم السنية التي هي أقرب إلى الإطار التنسيقي، وحركة الجيل الجديد، وحركة امتداد التي تمثل قوى انتفاضة تشرين، والتي ما تزال مشاركتها غير مؤكدة، وإن كان أمينها العام علاء الركابي قال إن لدى الحركة مرشحها، وإنها قد تحضر وتمضي في عدم التصويت.
وكشف الإطار التنسيقي الشيعي الموالي لإيران أنه يستبعد عقد جلسة السبت، محذرا من انقسامات “وفجوة كبيرة” تطال “المكون الأكبر” في إشارة إلى الطائفة الشيعية التي سيطرت على الحكومة منذ 2003.
ويأتي موقف الإطار الشيعي بعد أن دعا الأربعاء الحزب الديمقراطي الكردستاني والكتلة الصدرية وائتلاف السيادة إلى تشكيل كتلة “إنقاذ الوطن النيابي” ودعم ترشيح وزير داخلية كردستان العراق ريبير أحمد لمنصب الرئيس والسفير جعفر الصدر لرئاسة الحكومة.
وقال الإطار في بيان له “إننا نرى أن ما يجري العمل عليه من ضغط وتهويل لعقد جلسة غير مكتملة الشروط من ناحية النصاب والقناعات، خصوصا لدى أهم الفواعل السياسية والمستقلين، سيؤدي إلى التفريط في حقوق المكون الأكبر من أبناء الشعب العراقي الذين عايشوا مختلف أشكال المرارات والآلام، وسيخلق فجوة كبيرة بين صفوفهم، ويمعن في تقسيمهم وتشتيت كلمتهم وضياع هيبتهم، وهذا ما لا يقبله العقل والمنطق”.
وأضاف أن جلسة يوم السبت (غدًا) لن تتحقق لعدم اكتمال النصاب داعيا إلى “استمرار الحوارات البناءة مع بقية القوى الأخرى لتوحيد الأفكار والرؤى وتحقيق المزيد من التفاهمات التي تسرّع في استكمال الاستحقاقات المقبلة”.
واعتبر متابعون للشأن العراقي أن قبول الصدر بأسلوب الترضيات والخضوع لبارزاني بتمرير شخصية غير معروفة لتكون رئيسا للعراق واختياره هو بنفسه شخصية بلا تاريخ لرئاسة الحكومة، من شأنه أن يطيح بصورته لدى الشارع العراقي، ولدى شباب انتفاضة تشرين 2019، ويظهره كشخصية تقليدية مثل غيره من منظومة المحاصصة والمحسوبية، ولا يستبعد أن يلجأ إلى إدماج أنصاره من ميليشيا السلام في مؤسسات الدولة.
وكان الصدر أعطى إيحاء للعراقيين بأنه سيعمل على مواجهة المحاصصة من خلال تكوين حكومة “أغلبية وطنية”، وأنه لأجل ذلك يتعرض إلى ضغوط وتهديدات.
وقال في إحدى تغريداته “كفاكم تهديدا ووعيدا فنحن لن نعيد البلد إلى أيدي الفاسدين ولن نبيع الوطن لمن هم خلف الحدود، فأغلب الشعب مع حكومة الأغلبية الوطنية ولن نقف مكتوفي الأيدي ولن نسمح للإرهاب والفساد أن يتحكما بنا”.
العرب