تدرس قوى الإطار التنسيقي جميع الخيارات المتاحة أمامها للخروج من الأزمة السياسية في العراق بأخف الأضرار الممكنة، مع انقضاء اثنى عشر يوما من مهلة الأربعين يوما التي حددها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لتسوية الأزمة قبل إعادة الكرة إليه.
وكشفت تسريبات أن قوى من داخل الإطار ترى أن الإبقاء على حكومة مصطفى الكاظمي، مع إجراء تعديلات وزارية عليها، قد يكون الخيار الأكثر واقعية والأنسب في ظل الانسداد السياسي الراهن لاسيما مع عدم إبداء التيار الصدري أي تعاون أو استجابة للمبادرة التي طرحها الإطار لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر.
وأبدى الإطار التنسيقي -الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران- في السابق ممانعة لإعادة تكليف رئيس الوزراء الحالي بتشكيل الحكومة المقبلة، معتبرا أن مواقف الكاظمي وسياساته شكلت عبئا ثقيلا عليه خلال السنتين الماضيتين لاسيما موقفه من النفوذ الإيراني وسلاح الميليشيات.
ويرى مراقبون أن الأزمة الراهنة تجبر الإطار على البحث عن خيارات بديلة ومن خارج الصندوق، في ظل قناعة لدى أقطابه بأنه لا أمل في الرهان على تسوية مع التيار الذي يتمسك زعيمه باعتكافه السلبي، بانتظار انقضاء المهلة التي تنتهي بعد عطلة العيد لإعادة دفة إدارة العملية السياسية إليه.
وأعرب ائتلاف دولة القانون، الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الخميس عن إمكانية تأييد خيار التجديد للكاظمي، مشيرا إلى أن موقفه المتحفظ في السابق كان من منطلق مبدئي وهو عدم التجديد للرئاسات الثلاث.
وأوضح عضو الائتلاف وائل الركابي الخميس أن “رئاسة الوزراء هي استحقاق شيعي كما أن رئاسة الجمهورية من استحقاق الأكراد ورئاسة البرلمان من استحقاق السنة، لذلك فإن رئيس الوزراء لا بد أن يجري بتوافق القوى الشيعية كالإطار والتيار وبعض القوى المستقلة”.
وقال إن “الإطار كان موقفه واضحا وهو عدم التجديد للرئاسات الثلاث ولكن بعد أن جدد التحالف الثلاثي لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي أصبح الأمر ممكنا بالنسبة إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء”.
ويؤكد الموقف الذي عبر عنه عضو ائتلاف دولة القانون أن الإطار بات يضع في اعتباره خيار التجديد للكاظمي، وما يعزز هذا التوجه هو تراجع الانتقادات الموجهة إلى الأخير، حيث كانت قيادات في الإطار لا تترك مناسبة دون التصويب على رئيس الوزراء الحالي، وتأكيد رفضها المطلق لإعادة تكليفه.
ويقول مراقبون عراقيون إن من الأسباب التي دفعت بعض أقطاب الإطار إلى إعادة النظر في موقفهم من الكاظمي خشيتهم من أن يقدم الصدر بعد انتهاء المهلة على إحياء سيناريو 2020 حينما تم تكليف رئيس الوزراء الحالي بتشكيل حكومة خلفا لحكومة عادل عبدالمهدي التي اضطرت حينها إلى الاستقالة على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر من عام 2019.
ويوضح المراقبون أن الصدر قد يدعو الحكومة الحالية إلى تقديم استقالتها، وهذا سيفرض على رئيس الجمهورية برهم صالح دعوة مرشح الكتلة الأكبر إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وإلا فإن العراق لن يسقط فقط في فراغ دستوري بل وأيضا في فراغ مؤسساتي.
وكان تحالف “إنقاذ وطن”، الذي يقوده التيار الصدري ويضم الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة السني، قد أعلن في مارس الماضي أنه الكتلة النيابية الأكبر. ورشح التحالف حينها ابن عم مقتدى الصدر، وسفير العراق في بريطانيا جعفر الصدر لرئاسة الحكومة.
ويقول المراقبون إن الإطار التنسيقي ليست لديه تحفظات على جعفر الصدر، وسبق أن أكدت قياداته ذلك، لكنها ترفض استفراد التيار الصدري بتشكيل الحكومة، وبالتالي إقصاءها من المعادلة السياسية.
التيار الصدري يرى أن إجراء انتخابات جديدة قد يكون الخيار الأمثل له في ظل اعتقاد سائد في صفوف قياداته بأن لديه ما يكفي من الإمكانيات لتعزيز وضعه الانتخابي
ويلفت المراقبون إلى أن من الدوافع التي تجبر الإطار على البحث بجدية في خيار التجديد للكاظمي، الخشية من أن يعمد التيار الصدري إلى الضغط باتجاه حل البرلمان والذهاب نحو انتخابات تشريعية جديدة.
وكانت القوى المنضوية ضمن الإطار قد تعرضت لخسارة قاسية في الاستحقاق السابق الذي جرى في العاشر من أكتوبر، وتخشى أن تجد نفسها أمام نزيف انتخابي جديد، يجعلها عاجزة فعلا عن فرض شروطها في العملية السياسية.
في المقابل يرى التيار الصدري أن إجراء انتخابات جديدة قد يكون الخيار الأمثل له، في ظل اعتقاد سائد في صفوف قياداته بأن لديه ما يكفي من الإمكانيات لتعزيز وضعه الانتخابي بما يفقد الخصوم سلاح “الثلث المعطل” الذي وظفوه بشكل كبير في التصدي لمشروعه السياسي.
وعادت قيادات في الإطار إلى مهاجمة التيار الصدري بعد هدنة قصيرة، وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون جواد الغزالي “بعض الكتل السياسية التي تحاول السيطرة على المشهد السياسي لديها توجهات لا تصب في مصلحة الشارع العراقي، وتفضل مصالحها الشخصية على حساب البلد”.
وأوضح النائب عن دولة القانون أن “المشهد السياسي الحالي يحتاج إلى وقفة وتعاون من جميع رؤساء الكتل وأحزاب العملية السياسية، واعتبار مصلحة الشعب هي الأسمى والأساس والابتعاد عن المصالح الشخصية وتجنبها لأنها لا تقدم فائدة بقدر ما تقدم منافع خاصة”، مبينا أن “الظرف الحالي يعد قاسيا ويعاني منه الشعب العراقي بجميع أشكاله وصوره”.
صحيفة العرب