تشهد الأحداث تسارعا واضحا في المواقف بين المتحاورين بخصوص البرنامج النووي الإيراني بعد (329) يوما وعدة جولات برزت فيها العديد من المطالبات والشروط بين طهران وواشنطن وبإشراف الدول الاوربية ( المانيا وبريطانيا وفرنسا) وكذلك روسيا والصين ولكن بقت القنوات مفتوحة الجانبين وتلقت خلالها فقرات وأراء انتهت إلى موضوعة رفع الحظر عن الحرس الثوري الإيراني وإلغاء العقوبات الأمريكية الخاصة به باعتباره منظمة إرهابية تؤثر على حالة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي، وهذا ما جاء في اعتراف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية ( سعيد خطيب زادة) عندما أكد أن( الفقرات المفتوحة في الاتفاق ليست قليلة وان الاختلاف في المواقف بين طهران وواشنطن لا ينحصر في مطلب رفع العقوبات عن حرس الثورة ومحاولة واشنطن تكريس مبدأ التقسيم الوظيفي لهذه العقوبات بين هذه المؤسسة ككل وبين الذراع الإقليمية لها المتمثلة في قوة القدس) ، وواضح من هذا الاعتراف أن هناك عقبات في عملية إنقاذ الاتفاق المشترك خاصة وأن النظام الإيراني يسعى إلى تحقيق إنجاز سياسي يخدم مصالحه الداخلية ويرفع من شأنه داخل البيت السياسي الإيراني عندما يتمكن من تحقيق رفع العقوبات عن قيادات الحرس الثوري التي تعتبر جزءا مهما من توجهات النظام الإيراني وطموحاته ومدى تنفيذه لبرنامجه التوسعي خارج إيران ، وكذلك أهميته في المنظومة السياسية كقوة اقتصادية يمكن تنشيط اعمالها وتوسيع استثماراتها حال رفع العقوبات الاقتصادية وتوقيع الاتفاق المشترك كون الحرس الثوري أصبح يمتلك العديد من الشركات المالية والمؤسسات الاقتصادية ولديه مساهمات عديدة عبر عمليات التبادل التجاري والنقل البحري وإدارة بعض المفاصل الرئيسية في الاقتصاد الإيراني والتي تحقق مكاسب مالية واستثمارات عالية تساهم في تعزيز وتحسين أداء المنظومة الاستخبارية والأمنية داخل وخارج إيران ولهذا يعمل الوفد الإيراني المفاوض إلى تفكيك بعض الملفات العالقة والتي يتم طرحها خارج الانفاق النووي وتحديدا موضوع المعتقلين الأمريكان البريطانيين من أصول أيرانية واسعاف الطلب الإيراني المتعلق برفع الحظر عن بعض الأموال المجمدة في البنوك العالمية أو لدى بعض الدول التي لديه مبادلات تجارية مع النظام الإيراني عبر عقود النفط والغاز.
ساهمت التوجهات العليا التي صدرت من قبل المرشد علي خامنئي بالتنسيق السياسي بين وزارة الخارجية الإيرانية والمجلس الأعلى للأمن القومي بحلحلة وتفكيك بعض الملفات والابتعاد عن الخطوط الحمراء التي تحاول واشنطن مناقشتها ومنها النفوذ الإقليمي وبرنامج الصواريخ البالستية والتي أصبحت بعد ذلك من الأمور الثانوية للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف والابتعاد عن محطات الفشل في الحوار كونه يهدد سلامة ومستقبل النظام السياسي الإيراني بسبب الاوضاع الاقتصادية السيئة والارتفاع الواضح في نسب الفقر والعوز لدى أبناء الشعوب الإيرانية وزيادة التضخم المالي والخوف من اندلاع تظاهرات شعبية عارمة كالتي حدثت في الأعوام السابقة ولهذا جاء الموسع الذي عقده المرشد علي خامنئي مع ( مسؤولي الإدارة والقيادة في الدولة والحكومة ) نهاية شهر آذار 2022 ليوضح متطلبات المرحلة القادمة وكيفية مواجهة التحديات والتطورات داخل المجتمع الإيراني والتعامل معها بوضوح ومزيد من الواقعية لتحقيق المنجز الاقتصادي في الوقوف والتصدي للعقوبات الأمريكية وإيجاد وسائل وطرق لتحقيق الانفراج الاقتصادي الذي يساعد النظام على الاستمرار ومعالجة جميع الأزمات ومنع حالة الخلاف في الحوار وعدم التوسع في الشروط التي قد تساهم في إيقاف جولات الحوار، خاصة وأن جميع المسؤولين الإيرانيين ليسوا على استعداد لتحمل مسؤولية الإخفاق السياسي في مفاوضات البرنامج النووي والخشية من أي تداعيات من الممكن أن تفرض نفسها على أي قرارات تخص المفاوضات ولهذا فإن( ابراهيم رئيسي ) رئيس الدولة والمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يحاول دائما ألتمسك بتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي ويعتبرها مرتكزات مهمة في توجيه الوفد الإيراني المفاوض برئاسة علي باقري كني مساعد وزير الخارجية لكي يبتعد الجميع عن أي نتائج مستقبلية تفضي إليها المفاوضات والتي قد تؤثر على مستقبلهم السياسي وجودهم داخل أروقة النظام الإيراني.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية