إيران تستغل الفراغ الروسي – الغربي في آسيا الوسطى

إيران تستغل الفراغ الروسي – الغربي في آسيا الوسطى

طهران – تحاول إيران استغلال الفراغ الروسي – الغربي في منطقة آسيا الوسطى بسبب الحرب الأوكرانية، لكن الاحتجاجات المناهضة لها في أفغانستان قد تعرقل تلك المساعي.

ويتوقع محللون أن تكون جهود طهران لاستغلال الفراغ الغربي قد تعززت في ظل انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا وهو ما يعني أن موسكو باتت أقل تركيزا على آسيا الوسطى.

وظهرت طموحات إيران في هذه المنطقة منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في أغسطس الماضي، حيث تسعى طهران لإنشاء خط سكة حديدية يربطها بآسيا الوسطى.

ويقول مراقبون إن الاحتجاجات المناهضة لطهران في أفغانستان وطعن ثلاثة رجال دين في إيران، تهدد جهود البلاد للاستفادة من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا في آسيا الوسطى.

جيمس دورسي: إيران سيصبح لديها الكثير لتقدمه لآسيا الوسطى إذا رفعت العقوبات الأميركية

واندلعت الاحتجاجات على التمثيل الدبلوماسي الإيراني في كابول وهرات بعد انتشار مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يُزعم أنها تظهر الشرطة وهي تضرب اللاجئين الأفغان في إيران.

ورفضت إيران، مثل الكثير من دول العالم، الاعتراف رسميا بحكومة طالبان، لكن التجارة مع أفغانستان، التي تشقها طرق برية متعددة إلى آسيا الوسطى لا تزال نشطة وتصل إلى نحو 2.9 مليار دولار سنويا.

وتأتي هذه الاحتجاجات بينما تناقش إيران مع طالبان إحياء مشروع السكك الحديدية الذي من شأنه أن يربط هرات بخاف في شمال شرق إيران قبل توسيعه لربط خمس دول في آسيا الوسطى. وقال مسؤول نقل إيراني إن هذا الخط يمكن أن يربط أفغانستان بالموانئ الجنوبية لإيران أيضا.

ويعدّ المشروع جزءا من خط سكة حديدية مقترحة تربط خمس دول. وتبلغ تكلفته ملياري دولار. ويمتد على ألفي كيلومتر من الصين عبر قيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وإيران. ويُعرف باسم رواق الأمم الخمس للسكك الحديدية أو ممر سكة حديد الدول الخمس.

ويرى الكاتب في مجلة فورين بوليسي جيمس دورسي أن المشروع يكتسب أهمية إضافية حيث تحبط العقوبات الأميركية والأوروبية ضد روسيا الآمال الروسية والإيرانية والهندية في إنشاء ممر نقل بين الشمال والجنوب يربط الهند بأفغانستان وآسيا الوسطى وروسيا وأوروبا عبر الموانئ الإيرانية.

وكان الإيرانيون والهنود يروّجون للممر قبل الغزو الأوكراني باعتباره بديلا قابلا للتطبيق لقناة السويس المصرية وإضافة إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية.

وعززت إيران أيضا تعاونها العسكري والأمني ​​مع دول آسيا الوسطى. وأنشأت مع طاجيكستان لجنة عسكرية مشتركة تركز على مكافحة الإرهاب في العام الماضي.

واجتمع جيران أفغانستان (الصين وروسيا وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان) في طهران في أكتوبر لمناقشة احتواء التداعيات الأمنية لسيطرة طالبان على كابول.

وبحسب دورسي فإنه “على الرغم من الاستفادة من المأزق الروسي، سترغب إيران في الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع موسكو حتى مع إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات الأميركية. فليس لدى إيران ما يضمن بقاء الاتفاق ساري المفعول إذا فقد الرئيس الأميركي جو بايدن السيطرة على الكونغرس في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام أو فاز الجمهوريون، ربما دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية لسنة 2024”. ويضيف “يجعل كل هذا المناورة في آسيا الوسطى منطقية بالنسبة إلى إيران. ومع ذلك، فإن ذلك لن يرضي العديد من اللاعبين”.

وتلقي هذه التطورات بظلالها على الضمانات الأمنية الروسية لدول آسيا الوسطى، بما في ذلك كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان المنتمية إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وطالبت الحكومة الكازاخية من منظمة معاهدة الأمن الجماعي في يناير المساعدة في إنهاء الاحتجاجات الجماهيرية المناهضة للحكومة وهو ما استجابت له روسيا والمنظمة.

وغادرت القوات الروسية وتلك التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي الدولة الواقعة في آسيا الوسطى منذ عودة الهدوء إلى البلد، لكن تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي صدرت قبل أسابيع من التدخل تركت صداها. وقال بوتين في مؤتمر صحافي في ديسمبر إن “كازاخستان دولة ناطقة بالروسية بالمعنى الكامل للكلمة”.

وكان بوتين أكد في تصريحات سابقة أن عضوية كازاخستان في الاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي المكون من خمس دول كانت في الاتحاد السوفياتي “يساعدها على البقاء داخل ما يسمى بالعالم الروسي الأكبر، والذي يعدّ جزءا من الحضارة العالمية”.

وحرصت دول آسيا الوسطى على عدم إدانة الغزو الروسي، لكنها لم تعترف بمنطقتي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيتين الانفصاليتين اللتين تدعمهما روسيا.

وقال دورسي “بعيدا عن الجغرافيا والوجود الأمني ​​الروسي في المنطقة، يحتاج سكان وسط آسيا إلى إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع روسيا، بما في ذلك تدفق التحويلات من العمال المهاجرين من آسيا الوسطى الذين تضرروا بشكل كبير بسبب الصراع في أوكرانيا”.

وأضاف “في هذه البيئة، وخاصة إذا أدى إحياء الاتفاقية النووية الدولية لسنة 2015 إلى رفع العقوبات الأميركية، سوف يصبح لدى إيران الكثير لتقدمه لآسيا الوسطى”.

العرب