وأصدر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي قراراً بتعيين محافظ نينوى نجم الجبوري قائمقام مؤقتاً لقضاء سنجار بهدف إيجاد حلول لأزمة القضاء، إلا أنه تراجع عن القرار بفعل رفض بعض القوى الإيزيدية و”الحزب الديمقراطي الكردستاني” للقرار، إذ يعتبر هذا المنصب عائداً له بفعل نتائج الانتخابات البرلمانية، وما حققه من نتائج في الوسط الإيزيدي.
يأتي ذلك فيما تصطدم محاولات الحكومة العراقيةلإيجاد حلول لأزمة قضاء سنجار في محافظة نينوى بالخلافات بين ممثلي الإيزيديين وبعض القوى السياسية العراقية، ما يعرقل تنفيذ خطوات جدية لتحسين الواقع الخدمي والإنساني في القضاء.
وعلى الرغم من مرور أكثر من عام ونصف العام على توقيع اتفاق بين بغداد وأربيل لحل أزمة القضاء، فإن الأوضاع ما زالت متأزمة بين القوى الأمنية العراقية و”حزب العمال الكردستاني” (البيشة). وقد وقعت اشتباكات عدة بينهما، منها الأسبوع الماضي، عندما سيطر الجيش العراقي على بعض نقاط التفتيش التابعة لمسلحي الحزب.
وبعد هذه الاشتباكات أرسل الجيش العراقي تعزيزات كبيرة إلى القضاء، خصوصاً إلى منطقة جبل سنجار القريب من الحدود العراقية – السورية التي تشهد أنشطة واسعة لعناصر “حزب العمال الكردستاني” على طرفي الحدود.
وينص الاتفاق الموقع في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2020 على تسلم الجيش والشرطة الاتحادية والأمن الوطني ملف الأمن بالتنسيق مع إقليم كردستان وقواته، وانسحاب التشكيلات العسكرية المرتبطة بـ”حزب العمال الكردستاني” والمنضوية بـ”الحشد الشعبي”، الذي تم تنفيذه جزئياً من خلال انتشار فرقة من الشرطة الاتحادية ووحدات من الجيش العراقي والأمن الوطني في قضاء سنجار وعلى حدوده مع سوريا.
ولم يتم تنفيذ معظم بنود الاتفاق المتمثلة بعودة بعض النازحين وسيطرة الأجهزة الأمنية العراقية على القضاء بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، فضلاً عن تأهيل الوقع الخدمي، إلا عن نتائج محدودة لم تكن مؤثرة على الواقع السياسي والأمني الذي يشهده القضاء والمتمثل في نفوذ مقاتلي “حزب العمال الكردستاني”.
حزب البارزاني يلغي قرار الكاظمي
وقال النائب الإيزيدي، من “الحزب الديمقراطي الكردستاني” وقائمقام سنجار السابق، محما خليل، إن من حق رئيس الوزراء اختيار أي شخصية تراها مناسبة لإدارة القضاء بشرط أن يكون من أهالي القضاء، مشيراً إلى أن الحزب ضغط على رئيس الحكومة الكاظمي للتراجع عن قراره بتعيين محافظ نينوى في منصب قائمقام سنجار.
وأضاف خليل أن “من حق الحكومة أن تختار أي شخص تراه مناسباً لإدارة قضاء سنجار، وذلك بعد خلو المنصب”، مشيراً إلى أن “هدف الحكومة من اختيار محافظ نينوى هو إدارة القضاء وتقليل الروتين في اتخاذ القرارت نظراً إلى الصلاحيات التي يتمتع بها المحافظ ولكون القضاء تابعاً لنينوى”.
ولفت إلى أن “رئيس الوزراء اتخذ القرار بعد أن طالبت مؤسسات عدة بإنهاء ملف القائمقامية بشرط أن يكون من الشخصيات الجديرة بالقضاء”، متابعاً أن “الحزب الديمقراطي الكردستاني حصل على منصب قائمقام سنجار بطرق قانونية ودستورية بالانتخبات، إذ حصل على 14 من مجموع 17 صوتاً”.
وتابع خليل أن “العرف هو أن يكون المنصب لمن يحصل على غالبية الأصوات في الانتخابات النيابية”، لافتاً إلى أن “الحزب حصل على ثلاثة مقاعد برلمانية في الانتخابات البرلمانية”.
وأكد خليل أن “الحزب لم يسمح بأن يجري أي تغيير في قضاء سنجار من دون علمه، وهو طالب وضغط لعدم إجراء أي تغيير إلا بعد التشاور معه”، مشدداً على “ضرورة حل هذا الملف وفق الاتفاقية المبرمة بين الحكومة الاتحادية والإقليم، والتي تتضمن فقرات عدة منها الملف الإداري والأمني وملف التعويضات وعودة النازحين”.
وعن الإدارة الحالية في سنجار، اعتبر أن “مدير ناحية السنوني كلف إدارة شؤون القضاء بالوكالة”، مشيراً إلى أن “هذا هو العرف المتبع في الدولة العراقية، ويتم بمباركة من المحافظ لحين تكليف شخصية أخرى تتولى هذا المنصب”.
وشدد خليل على “ضرورة أن تتوفر بعض الشروط في القائمقام الجديد، منها أن يكون من سكان القضاء، وأن يمتلك شهادة جامعية، ويتمتع بحسن السيرة والسلوك، وأن يكون من الشخصيات المعروفة”.
خطوة خاطئة
بدوره، أعتبر النائب السابق صائب خدر أن “اختيار محافظ نينوى لإدارة سنجار غير صحيح”، مشدداً على “ضرورة أن تختار الحكومة شخصية إيزيدة مستقلة غير تابعة لأحزاب، نظراً لخصوصية القضاء”.
وأضاف خدر أن “موضوع اختيار قائمقام لقضاء سنجار يمثل قضية معقدة ومركبة سياسياً ومحلياً، لأن طبيعة الوضع في سنجار مختلفة وتضم تيارات متنوعة”، مشيراً إلى أن في “القضاء الحشد وأحزاباً كردية وحزب العمال وأحزاباً من بغداد، فضلاً عن التنوع العسكري والأمني، ولهذا فإن القضاء بحاجة إلى شخصية تتواصل مع جميع الأطراف”.
ويعود انتشار مسلحين موالين لـ”حزب العمال” إلى عام 2014، عندما تدخلت قوات تابعة لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي السوري، لفك الحصار عن الآلاف من الإيزيديين في جبل سنجار عقب سيطرة تنظيم “داعش” على مناطقهم. وتشكلت فيما بعد “وحدات مقاومة سنجار” المؤلفة من 3500 عنصر من متطوعين إيزيديين للدفاع عن المدينة، قبل أن يتم إلحاقها رسمياً بقوات “الحشد الشعبي” الشيعية المعترف بها رسمياً ضمن منظومة الدفاع العراقية.
وأضاف خدر أن “القوى الإيزيدية تحاول ترشيح شخصيات إيزيدية مستقلة من سنجار، إلا أنها تصطدم بالرفض أما من أربيل أو بغداد”، مضيفاً أن “تعيين المحافظ لإدارة القضاء لن يمكنه من نقل حجر من القضاء على الرغم من امتلاكه الصلاحيات الواسعة لتشعب الأوضاع في سنجار”.
ويلفت إلى أن “المحافظ يمكن أن ينجز بعض الأمور الخدمية المحدودة نتيجة تعقيد الوضع في سنجار، لذلك ألغى رئيس الوزراء القرار”، لافتاً إلى أن “تعيين قائمقام في سنجار يحتاج إلى تنسيق مع الإيزيدين غير المتفقين بشأن هذا الملف”.
وتابع، “على الحكومة أن تختار شخصية إيزيدية من أهالي سنجار، مستقلة ومتوازنة، وغير متحفظة على التعاون مع جميع الأطراف لكي تكون ناجحة في عملها”، داعياً الحكومة إلى أن “تكون قراراتها صارمة ولا تعين أي شخصية حزبية، لكونها ستخلق مشاكل كبيرة”.
ويعتقد أن “قانون الأقضية والنواحي يؤكد أنه لا يجوز أن يدير القضاء شخص من غير أهل القضاء”، معتبراً أن “اختيار نجم الجبوري أمر خاطئ، ويجب اختيار شخصية ذات مقبولية من أهالي سنجار”.
ويتبع قضاء سنجار إدارياً إلى محافظة نينوى شمال العراق. ويقع القضاء على بعد 136 كيلو متراً من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى. ويشكل الإيزيديون غالبية سكان المدينة.
اندبندت عربي