بعد غد الاثنين، التاسع من أيار/ مايو، يوم مهم بالنسبة لروسيا، ويعرف بيوم النصر ويتم فيه الاحتفال بذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وهناك توقعات واسعة النطاق بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سوف يعلن فيه عن مرحلة جديدة في حربه ضد أوكرانيا.
ويقول الدكتور ستيفن سيستانوفيتش، كبير زملاء الدراسات الروسية والأوروآسيوية في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إنه في ظل التقدم البطيء للقوات الروسية في أوكرانيا، يعتقد بعض المحللين أن بوتين سوف يهدد بتصعيد عسكري وسيدعو إلى التعبئة الجماهيرية؛ ويتوقع آخرون ضما رسميا للأراضي الأوكرانية؛ بينما يتوقع غيرهم إعلان الانتصار من خلال أهداف مختصرة المهام.
ويضيف سيستانوفيتش في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية أنه مهما كان ما سيعلنه بوتين في كلمته، ستكون الخيارات التي سيطرحها هو ومستشاروه فيما يتعلق بموقف روسيا العالمي في المدى الطويل -والسياسات المطلوبة لتحقيقها- بنفس القدر من الأهمية، وربما أكثر.
وقد استعرض نيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن الروسي والذي يعتبره الكثيرون مستشار بوتين الأكثر تأثيرا، خيارات موسكو في مقابلة مهمة الأسبوع الماضي مع روسيسكايا جازيتا، الصحيفة الروسية الحكومية الرئيسية التي تنشر المراسيم والبيانات والوثائق. ولم يكن لدى باتروشيف الكثير ليقوله عن الحرب نفسها -أكثر من توقع “تفكك أوكرانيا إلى عدة دول”- ولكنه قدم صورة واضحة عن العالم بعد 9 أيار/مايو، من وجهة نظر الكرملين.
ويقول سيستانوفيتش، الذي عمل في وقت سابق مستشارا خاصا لوزير الخارجية الأمريكي وكان كبير مسؤولي الوزارة بالنسبة للسياسة تجاه روسيا وغيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق إنه مهما كان الذي سوف تتكشف عنه الحرب، تفترض الدائرة المقربة لبوتين أنه لا تهاون في مواجهة روسيا الأوسع نطاقا مع أوروبا والولايات المتحدة.
ويرى باتروشيف أن الحكومات الغربية سوف تواصل هدف “إذلال وتدمير روسيا”. والأمر المهم هو أن حديثه يشير إلى أن التهديد سوف يتزايد: وهو يتوقع “إحياء الأفكار النازية في أوروبا”، وذلك نتيجة لوصول أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين إلى أوروبا. ويشير إلى أن هؤلاء “المتطرفين وجدوا بالفعل لغة مشتركة مع الأوروبيين المعجبين بهتلر”.
ويقول، سيستانوفيتش، وهو حاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد وأستاذ الدبلوماسية بجامعة كولومبيا إن تقييم باتروشيف يتضمن زعما مألوفا بأن الغرب في حالة تدهور شديد. ويرى أن “القيم غير الليبرالية”، في إشارة إلى ما يعتبره نزعة استهلاكية وفردية سائدة، تقوض مؤسسات الدول في أوروبا ويقول: “في ظل هذه العقيدة، ليس هناك مستقبل لأوروبا والحضارة الأوروبية”. وبالمثل يؤكد على أن “الإمبراطورية العالمية الأمريكية في محنة”. ويضيف أن مثل هذا التوقع لا يمثل مصدر ارتياح لروسيا، نظرا لأن الولايات المتحدة تحاول حل مشاكلها “على حساب باقي العالم”.
ويتساءل سيستانوفيتش عن كيف سوف تتعامل روسيا مع هذه الظروف الدولية وهذه العقوبات الاقتصادية المستمرة، وغيرها من الحملات العسكرية، والعداء السياسي والتخريب الأيديولوجي؟ ويقول إن الإجابة على ذلك واضحة بالنسبة لباتروشيف، وهي أن الدولة تحتاج إلى ضوابط داخلية تهدف لعزلها عن الاتصالات والتأثيرات الخارجية. فالنموذج الضمني (وأحيانا الصريح) لهذا التشديد هو النموذج السوفيتي للاكتفاء الذاتي، وهي محاولة وطنية تؤثر على كثير من المجالات، بما في ذلك التجارة والسياسة النقدية، والتعليم، ودعم العلم، وتنظيم الإنترنت.
(د ب أ)