بعد تنصيبه لولاية ثانية: ماكرون يواجه تحدي اختيار رئيس للوزراء والانتخابات التشريعية

بعد تنصيبه لولاية ثانية: ماكرون يواجه تحدي اختيار رئيس للوزراء والانتخابات التشريعية

بعد تنصيبه السبت رئيسا لولاية ثانية يدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مرحلة حبلى بالتحديات، حيث سيواجه بداية اختبار رئيس الوزراء الذي يتعين عليه اختياره لقيادة الحكومة الجديد، ثم سيدخل انتخابات ستحدد النتائج التي سيحققها حزبه الذي غير اسمه مؤخرا من ”الجمهورية إلى الأمام” إلى “النهضة” المربع الذي سيتحرك فيه خلال ولايته الثانية.

باريس- تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتحرك من أجل “كوكب قابل للعيش أكثر” و”فرنسا أكثر حيوية وأقوى” عند تنصيبه لولاية ثانية تبدأ بعد بضعة أيام خلال مراسم اتسمت برمزية كبيرة رغم بساطتها.

وأعلن ماكرون في مستهل خطاب ألقاه في قاعة الاحتفالات في قصر الإليزيه أمام حضور ضم حوالى 450 مدعوا أنه “مدرك لخطورة الفترة”، مشيرا على غرار رئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس عند إعلان تنصيبه رسميا، إلى الحرب في أوكرانيا ووباء كوفيد – 19 ووضع المناخ الطارئ.

وشدد ماكرون على ضرورة “التحرك بلا هوادة” من أجل فرنسا وأوروبا، و”بناء سلام أوروبي جديد واستقلالية جديدة في قارتنا”. وكان حفل التنصيب بسيطا على غرار مراسم تنصيب الرئيسين السابقين اللذين فازا بولاية ثانية فرنسوا ميتران وجاك شيراك.

وكان من بين الحضور سلفا ماكرون نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، إضافة إلى أفراد عائلته وفي طليعتهم زوجته بريجيت، وأصدقاؤه وأعضاء الحكومة ورئيسا الوزراء الحالي جان كاستكس والسابق إدوار فيليب، فضلا عن كبار المسؤولين في مجلسي البرلمان وممثلين للجامعات والنقابات والأديان وغيرهم.

ورحّب ماكرون بالمدعوّين وبينهم مقدّمو رعاية صحية ومسؤولون محليون منتخبون ومسؤولو جمعيات ورياضيون وشباب يجسدون الأولويات التي سيعمل عليها في ولايته الجديدة.

وكان بين الحضور أيضا أقرباء سامويل باتي المدرس الذي قتله جهادي بقطع رأسه في اعتداء في أكتوبر 2020 وأرملة أول طبيب توفي جراء كوفيد – 19.

ودعا ماكرون، الوسطي الليبرالي الذي أعيد انتخابه بـ58.55 في المئة من الأصوات في الرابع والعشرين من أبريل، إلى “ابتكار نهج جديد، بعيدا عن الأعراف والسيناريوهات المبتذلة” لممارسة الحكم من خلال “التخطيط والإصلاح وإشراك” المواطنين الفرنسيين أكثر.

وأعرب سلفه الاشتراكي فرنسوا هولاند عن ارتياحه لـ”إقرار” ماكرون بضرورة إحداث تغيير في ممارسته للسلطة، وقال للصحافيين إن “أساليب الأمس لا يمكن تكرارها لمرحلة الغد، ليس لأنها ستكون صعبة جدا فحسب، بل كذلك لأن فرنسا منقسمة كثيرا”.

وتبدأ الولاية الجديدة رسميا في الرابع عشر من مايو. ويأتي تعيين رئيس وزراء جديد بعد هذا التاريخ، فيما ستجرى الانتخابات التشريعية بعد شهر من ذلك.

وتثير الصعوبات الظاهرية في إيجاد الشخصية الأمثل لقيادة الحكومة الجديدة التكهنات ولو أن قصر الإليزيه أكد أن “الرئيس لم يقترح منصب رئيس الوزراء على أي شخص”.

ووردت في هذا السياق تقارير أن فيرونيك بيداغ مديرة مكتب رئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس، والمديرة العامة لمجموعة “نكسيتي” العقارية راهنا، رفضت العرض فضلا عن النائبة الاشتراكية فاليري رابو التي قالت إنه تم الاتصال بها لكنها رفضت لئلا تضطر إلى العمل على تنفيذ مشروع رفع سن التقاعد إلى 65 عاما.

وتوقع المؤرخ الفرنسي جان غاريغ سلسلة من الصعوبات أمام ماكرون على هذا الصعيد.

وذكر خصوصا “المشهد السياسي المشرذم” الذي يواجهه “من دون ثقافة حزبية حقيقية” داخل حركته التي باتت تعرف باسم حزب النهضة و”طبيعة تموضعه السياسي في اليمين واليسار في آن واحد”.

وختم “لا يمكن استحداث حزب يسمى النهضة وتعيين شخصيات قديمة في رئاسة الحكومة”.

إلا أن المؤرخ الذي يحضر كتابا حول علاقة الرؤساء الفرنسيين برؤساء الحكومات، يشدد على “الطابع المنفر” لهذا المنصب منذ حوالي عشر سنوات ولاسيما لشخصيات من شأنها أن تجسد التجدد السياسي. ويشارك ماكرون الأحد في مراسم ذكرى انتصار الحلفاء على ألمانيا النازية في الثامن من مايو 1945.وينتقل الاثنين إلى ستراسبورغ بمناسبة يوم أوروبا ليلقي خطابا في البرلمان الأوروبي قبل أن يتوجه إلى برلين للقاء المستشار الألماني أولاف شولتس في أول زيارة إلى الخارج منذ إعادة انتخابه.

ويمثل تنصيب ماكرون بداية لحملات الانتخابات البرلمانية التي ستُجرى في الفترة من الثاني عشر إلى التاسع عشر من يونيو.

ويأمل اليسار السياسي الموحد حديثا، وهو تحالف تم تشكيله بين الحزب الاشتراكي بزعامة أولوند، وحزب فرنسا الأبية اليساري المتشدد وحزب الخضر والحزب الشيوعي، في حرمان ماكرون من الأغلبية في البرلمان.

وتحت راية ما يُسمى “الاتحاد الشعبي والاجتماعي والبيئي الجديد”، خاطب ممثلو أحزاب التحالف مؤتمرا في ضاحية سين سان دوني الباريسية.

الصعوبات في إيجاد الشخصية الأمثل لقيادة الحكومة الجديدة تثير التكهنات رغم عدم اقتراح المنصب على أي شخص

وقال جان لوك ميلونشون زعيم حزب فرنسا الأبية “إننا نبدأ مقاومة جماعية”. وخاض ميلونشون الانتخابات الرئاسية أمام ماكرون ويسعى الآن إلى شغل منصب رئيس الوزراء.

وخلال السنوات الماضية، أصيب حزبا أولوند وساركوزي، اللذان كانا ذات يوم الحزبين المهيمنين على الساحة السياسية في فرنسا، بالضعف الشديد. ويرجع ذلك جزئيا إلى صعود حركة ماكرون السياسية.

ومع انضمام الاشتراكيين إلى التحالف اليساري، بدأ حزب الجمهوريين حملته باستبعاد إبرام اتفاقات مع أي أحزاب بارزة بما في ذلك اليمين المتطرف.

وقال رئيس الحزب كريستيان جاكوب للصحافيين في اجتماع للجمعية الوطنية (البرلمان) “الجمهوريون مستقلون، ولا يمكن أن تستوعبهم الأغلبية الرئاسية أو (اليمين) المتطرف”.

العرب