تتسارع الاحداث في منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي لتأخذ ابعادا ميدانية في سياسة التهدئة التي تتبعها أغلب الأنظمة السياسية الحاكمة في المنطقة انطلاقا من رؤيتها في تدعيم العلاقات الاقتصادية والأمنية بينها بعيدا عن أي صراعات سياسية وخلافات في العلاقات الدولية، ومن هنا برزت عدة حالات ومواقف عبرت عنها زيارات وحوارات بين قادة دول السعودية وتركيا وإيران للوصول إلى رؤية جديدة وأهداف صائبة لمعالجة الأزمات التي تمر بها المنطقة وحل جميع الإشكالات وبناء علاقات وطيدة في مرحلة مهمة من حياة أبناء شعوبها ، وكان أبرز حدث زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للرياض في 26 نيسان / أبريل الحالي ضمن توجهات الدبلوماسية التركية لطي صفحة الخلافات وتحسين علاقتها مع بعض الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر بعد أن واجهت أنقرة عزلة سياسية والاقتصادية أدت إلى تراجع كبير في التبادلات التجارية والاستثمارات المالية والتي ارهقت الاقتصاد التركي ورفعت نسب التضخم وانخفاض العملة المحلية ، وحققت الزيارة نتائج مثمرة في استعادة التعاون الاقتصادي بين البلدين والتفاهم الأمني الإقليمي ، رافقتها استمرار الحوار السعودي الايراني في جولته الخامسة التي عقدت في بغداد بتاريخ 23 نيسان : أبريل الحالي بحضور السيد مصطفى الكاظمي رئيس مجلس الوزراء العراقي والتي أخذت ابعادا أمنية بوجود ممثلين عن مجلس الأمن القومي الإيراني ورئيس المخابرات السعودي وإيجاد قنوات مهمة للتعاون بين الدولتين في تعزيز الأمن الإقليمي في منطقة الخليج العربي والوضع القائم في اليمن والاتفاق على تحقيق لقاءات قادمة على مستوى وزراء خارجية البلدين في شهر تشرين الاول/ أكتوبر المقبل، وجاء التعزيز الدولي في دعم هذه التوجهات والداعية للتهدئة السياسية وبناء العلاقات الإيجابية ما حصل في النقاشات الجارية في العاصمة النمساوية فيينا بخصوص البرنامج النووي الايراني والتسارع الذي تبدية الإدارة الأمريكية للوصول إلى اتفاق مشترك يرضي جميع الاطراف وتطمين دول الخليج العربي تحديدا المملكة العربية السعودية من أي إخطار ايرانية قادمة ، خاصة وأن العلاقات السعودية الأمريكية تمر بمخاض عسير بعد فشل زيارة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز للرياض منتصف شهر نيسان /أبريل الحالي ولقائه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مدينة جدة ومناقشة حل الخلافات وحالة التوتر القائمة بين البلدين بعد أن شعرت واشنطن بميل واضح للرياض للتعاون بشكل أكبر مع الصين وروسيا ومواقفها من الأزمة الأوكرانية ورفضها ضخ المزيد من النفط للتأثير على الأسواق العالمية وقدرات روسيا الاقتصادية ، وجاء الحديث الذي دار بين جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأمريكي وولي العهد السعودي في 14 نيسان /أبريل الحالي ليشكل عمقا داخليا أوضح حقيقة الخلاف السعودي الأمريكي عندما رد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على طلب جيك سوليفان بطريقة حادة قائلا( أن الولايات المتحدة يمكن أن تنسى طلبها لزيادة إنتاج النفط )وحسب ما جاء بصحيفة وول ستريت .
يرى مركز الروابط للبحوث والدراسات الإستراتيجية دول المنطقة قادمة لطي صفحات الخلاف الماضي والسعي لتكوين وبناء تحالف إقليمي جديد بعد أن شعرت بحقيقة المواقف الأخيرة الإدارة الأمريكية وابتعادها عن الأوضاع القائمة بمنطقة الشرق الأوسط والوطن العربي وتوجيه اهتمامها لصراعها مع الصين وروسيا وأن دول المنطقة ترى أنها بحاجة لتعاون أمني إقليمي في مرحلة التراجع الأمريكي وحاجته لبعضها والبحث عن بدائل أخرى تتعلق بطبيعة تأمين وضعها العسكري والأمني، أن مثل هذه الحوارات والزيارات تساهم في استقرار المنطقة وتحميلها التدخلات الخارجية وتشكل عاملا اقتصاديا قويا له امتداداته وتأثيراته الإيجابية في تعزيز البنية الاقتصادية لبلدان المنطقة وإعادة تشكيل النظام السياسي في الشرق الأوسط والمنطقة العربية .
وحدة الدراسات الاقليمية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية