اليمن: سباق محموم بين الحوثيين والقبائل على”كعكعة” الجيش

اليمن: سباق محموم بين الحوثيين والقبائل على”كعكعة” الجيش

فتحت مطالبة جماعة الحوثي بتجنيد عشرات الآلاف من مسلحيها في صفوف قوات الجيش والأمن في اليمن شهية القبائل والمكونات الأخرى بطرح نفس المطالب في الوقت الذي تمر به البلاد بضائقة مالية قد تعجز الحكومة عن دفع رواتب موظفيها لشهر ديسمبر.

ولم تكتف جماعة الحوثي بما حققته من مكاسب ميدانية على الأرض بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول الماضي وتوسعها في مدن أخرى وحصولها على نصيب من الحكومة وإنما بدأت بدمج مسلحيها الذين ينضوون تحت ما يسمّى”اللجان الشعبية” في قوات قوات الجيش والأمن.

وبات القرار السياسي بيد الحوثيين في أعقاب التغيير الذي طرأ على المشهد السياسي والأمني في اليمن، بينما أصبح الرئيس عبدربه منصور هادي عاجزًا عن رفض أي مطالب يقدمها الحوثيون.

واعترف فارس السقاف مستشار الرئيس بأن “جميع قرارات الدولة مدنية وعسكرية باتت تمر عبر “اللجان الشعبية واللجان الثورية ” التابعة لجماعة الحوثي”، وتغير موقف الرئيس نفسه من الحوثيين الذين اعتبرهم “شركاء المرحلة” حاليًا بعد أن كان يصف ما قاموا به في الفترة الماضية بـ”عملية انقلاب على الدولة”.

جيش داخل الدولة

أثارت صحيفة “الشارع” اليومية قبل أيام، جدلًا واسعًا في الرأي العام بعد كشفها عن مطالبة جماعة الحوثي بتجنيد 93 ألفًا من مسلحيها في قوات الجيش والأمن، ونقلت الصحيفة عن مصدر عسكري مطلع القول إن “عملية تفاوض سرية تجرى بين السلطة في صنعاء وقادة الحوثي في صعدة، لتحديد أعداد المسلحين الحوثيين الذين سيتم إدخالهم بصفوف هذه القوات”.

وأفاد المصدر أن “الحوثيين طالبوا بتجنيد 75 ألفًا من مسلحيهم في قوات الجيش وأجهزة الأمن، إضافة إلى اعتبار 18 ألفًا من قتلاهم وجرحاهم جنودًا أساسيين بالجيش وصرف مرتبات شهرية لأسرهم”.

وذكرت الصحيفة أن “الرئيس هادي عرض على الحوثيين تجنيد 20 ألفًا من مسلحيهم، إلا أن قادة الحوثيين رفضوا عرض هادي وأصروا على تجنيد 93 ألفًا، لكنه وافق على مطالبهم باستيعاب ضباط في مناصب عسكرية كبيرة”.

وكان العميد عبدالرزاق المؤيد، مدير شرطة العاصمة صنعاء، أعلن في الـ20 من نوفمبر الماضي، عن “بدء استيعاب عدد من مسلحي الحوثي في الأجهزة الأمنية بهدف حفظ الأمن والاستقرار”.

وقال المؤيد في تصريحات صحفية، إن “استيعاب الحوثيين يأتي ضمن خطة أمنية شاملة، رفعها للجنة الأمنية العليا في البلاد والتي تضم وزيري الدفاع والداخلية وقادة عسكريين وأمنيين آخرين”.

وينتشر مسلحو”اللجان الشعبية” في شوارع صنعاء والمدن الأخرى، ويقيمون نقاطًا للتفتيش ويتواجدون في كل المرافق والمؤسسات الحكومية في ظل تراجع دور الأمن وحضوره بشكل غير مؤثر في تولي مقاليد الأمور على الأرض.

تداعيات بالجملة

ولم يكد يمر سوى أيام على تداول وسائل الإعلام لمطالب الحوثيين باستيعاب مسلحيهم في صفوف الجيش والأمن حتى توالت طلبات القوى والقبائل على نحو غير مسبوق، قد يجعل المؤسسة العسكرية والأمنية عبارة عن مغانم يصبح ولاء منتسبيها للجهات التي تتكون منها وليس للوطن والشعب كما يفرض الدستور.

وتقدم أبناء إقليم سبأ (مأرب والجوف) بجملة مطالب إلى الرئيس اليمني أبرزها تجنيد نحو 85 ألف شخص من أبناء الإقليم في الجيش والأمن، وبالأخص من أبناء محافظة مأرب الغنية بالثروات المعدنية والسياحية والتي ترفد خزينة الدولة بأغلب إيراداتها.

وسلم أبناء مأرب هذه المطالب إلى وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، خلال زيارته الأخيرة إلى المحافظة، مبررين مطالبهم بأحقيتهم في تأمين وحماية المنشآت والمصالح الحكومية، ردًا على تحركات الحوثيين الرامية لدخول المحافظة بحجة محاربة مخربي أنابيب النفط وخطوط نقل الطاقة.

وأكدت القبائل في أكثر من بيان لها على “تمسكها بهذه المطالب وعدم تنازلها عنها، بعد أن عانت سنوات طويلة من الحرمان والتهميش من التنمية والتوظيف، على الرغم من وجود الثروات بمناطقها”.

وتحشد القبائل مسلحيها منذ أسابيع وتعقد اجتماعات دورية في مأرب تحسبًا لأي هجوم محتمل للحوثيين على المحافظة، لا سيما مع احتشادهم عند أطرافها منذ أيام.

مطالب ومعالجات

وبالمثل، طالب الحراك التهامي السلمي، في محافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن الرئيس هادي بتجنيد شباب من أبناء إقليم تهامة أسوة بمطالب الحوثيين بتجنيد ما لا يقل عن 95 ألفًا من أنصارهم.

وأشار الحراك -الذي تأسس عام 2011 على خلفية مطالب حقوقية ويتصدر حاليًا مواجهة الحوثيين في المدينة- إلى أن تهامة تمثل ما نسبته 20 في المئة من نسبة السكان في اليمن، وترفد خزينة الدولة بنسبة 70 في المئة من الموارد.

وتأتي هذه المطالب المتصاعدة في التوظيف بالجيش والأمن على أساس مناطقي ومذهبي بالتزامن مع قرارات اتخذها الرئيس عبد ربه منصور هادي بإعادة واستيعاب آلاف العسكريين والمدنيين من أبناء المحافظات الجنوب في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، في إطار معالجة “القضية الجنوبية”.

وشملت المعالجات تسوية ما يزيد عن 9 آلاف من الموظفين العسكريين من وزارة الدفاع والداخلية والأمن السياسي.

مشكلة مضاعفة

ويرى مستشار الرئيس اليمني في تصريحات صحفية أن “استيعاب مليشيات الحوثي في الجيش والأمن، قد يضيف مشكلة إلى مشكلة إذا بقيت هذه المليشيات بالعقيدة القتالية ذاتها، والولاء لغير الدولة، ولم تتخلص من ذلك حيث يكون ولاؤها الأول والأخير للوطن”.

وقال السقاف: “في كل محطة تتغلب فيها قوة يتم استيعاب أفرادها في الجيش والأمن، الأمر الذي جعل من الجيش جيش مليشيات وليس جيشًا وطنيًا”، داعيًا إلى “إعادة تأسيس الجيش والأمن بمعايير علمية ووطنية”.

وتابع “بعد ذلك يتم استيعاب مليشيات الحوثي على أساس توزيع جغرافي عادل، على أن يخضعوا للتدريب، وإلا فإن الجيش والأمن سيستوعب مليشيات ذات ولاءات متعددة؛ لأن من سيتم ضمهم من الحوثيين كجنود يجب أن تتغير عقيدتهم القتالية وأن يكونوا ضمن قوام جيش وطني”.

ولا توجد معلومات دقيقة حول عدد أفراد الجيش اليمني، غير أن المعلومات المتوفرة تشير إلى أنه يتراوح ما بين 150 إلى ‏‏300 ألف مجند في وزارة الدفاع، يتوزعون على 60 لواء عسكريًا بريًا بين مدرع ومشاة ‏ومدفعية وصواريخ، ونحو 20 لواءً وقاعدة للقوات الجوية والبحرية.

اقتصاد متدهور وعجز في الموارد

وتأتي هذه المطالب في وقت يعاني الاقتصاد اليمني وضعًا صعبًا، حيث تتحدث مصادر صحفية أن “الرئيس هادي يبحث في توفير تعزيز مالي لاستيعاب آلاف من مسلحي الحوثيين في الجيش والأمن، بعد أن أبلغته وزارة المالية أنها غير قادرة على القيام بذلك”.

وقبل أيام، أعلنت وزيرة الإعلام “نادية السقاف”، أن الحكومة “قد تكون عاجزة عن دفع رواتب شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل”، وذلك في حال إذا لم تتلق مساعدات من المملكة العربية السعودية.

وتعاني البلاد من أزمة مالية خانقة جراء عدم وفاء بعض الدول المانحة لتعهداتها رغم مضي عامين، في ظل ارتفاع الدين العام وتراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي، ويقدّر مختصون حجم المبالغ المطلوبة لمعالجة المشاكل بنحو 11.9 مليار دولار.

عبدالله اليمني – التقرير

http://goo.gl/mMD62x

الكلمات المفتاحية:اليمن،اقتصاد، مليشيات،جماعة الحوثي،اللجان الشعبية،القضية الجنوبية،المملكة العربية السعودية.