حزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية النيابية في البرلمان اللبناني

حزب الله وحلفاؤه يخسرون الأكثرية النيابية في البرلمان اللبناني

وجّهت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية في لبنان صفعة لحزب الله، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد، مع خسارة حلفائه عددا من المقاعد في أول استحقاق يعقب سلسلة من الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ عامين.

وتعكس النتائج الأولية فوز مرشّحين معارضين ومستقلّين بعدد من مقاعد البرلمان المقبل الذي تنتظره تحدّيات عدّة. وسيضمّ على الأرجح كتلا متنافسة لا تحظى أيّ منها منفردة بأكثرية مطلقة، بعدما كان حزب الله وحلفاؤه يحظون بأكثرية في المجلس المنتهية ولايته.

وأظهرت النتائج احتفاظ حزب الله وحليفته أمل، الحركة الشيعية التي يتزعّمها رئيس البرلمان المنتهية ولايته نبيه برّي، بكامل المقاعد المخصّصة للطائفة الشيعية (27 مقعدا).

ولم يتمكّن حليفه المسيحي التيار الوطني الحرّ بزعامة رئيس الجمهورية ميشال عون من الاحتفاظ بكامل مقاعده، بعدما كان يملك أكثرية مسيحية في البرلمان.

كما فشل نواب سابقون مقرّبون من حزب الله في الاحتفاظ بمقاعدهم على غرار نائب الحزب القومي السوري الاجتماعي أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي في إحدى دوائر الجنوب والذي يشغله منذ عام 1992، والنائب الدرزي طلال أرسلان في دائرة عاليه في محافظة جبل لبنان.

وفي المقابل، ضمَن حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، خصم حزب الله اللدود، فوزه بأكثر من عشرين مقعدا، وهو ما يربك أجندات حزب الله وحلفائه في انتخابات رئيسي مجلسي النواب والجمهورية.

وتركت النتائج البرلمان منقسما إلى عدة معسكرات، لا يتمتع أي منها بأغلبية مطلقة، مما يزيد من احتمالات الشلل السياسي والتوترات التي قد تؤخر الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها لإخراج لبنان من الانهيار الاقتصادي.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب السيادية وفقا للانتماءات الدينية والطائفية.

وكرّس اتفاق الطائف لعام 1989، والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ـ 1990)، معادلة اقتسام السلطة والمناصب الرئيسية على أساس المحاصصات بين المكونات الأساسية الثلاثة: المسيحيون والسنة والشيعة. وتتوزع الرئاسات الثلاث بواقع الجمهورية للمسيحيين، والحكومة للسنة، والبرلمان من حصة الشيعة. ومنذ عام 1992 ترأس رئيس حركة أمل الشيعية نبيه بري (84 عاما) البرلمان اللبناني لست مرات متتالية.

وسيتعين على البرلمان المقبل اختيار رئيس له، وهو منصب يشغله بري منذ 1992، قبل تسمية رئيس للوزراء لتشكيل الحكومة. كما من المقرر أن ينتخب النواب رئيسا للبلاد ليحل محل عون الذي تنتهي ولايته في الحادي والثلاثين من أكتوبر القادم.

وأي تأخير في تشكيل الحكومة قد يؤجل بدوره أكثر الإصلاحات المطلوبة للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي ودول مانحة.

وقال رئيس حزب القوات اللبنانية جعجع في أولى مقابلاته، باعتباره رئيس أكبر كتلة نيابية، وأكبر كتلة مسيحية، إنّ انتخاب رئيس مجلس نيابي “لن يحصل كما كان يجري في السابق، وعلى رئيس المجلس أن يكون رئيسا للدولة وليس للدويلة، والتعهّد باستعادة سيادة الدولة واحترام الدستور بالفعل والنظام الداخلي للمجلس والتصويت الإلكتروني”.

وفي الثاني والعشرين من مايو الجاري تعتبر الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي في حكم المستقيلة، من دون الحاجة إلى استقالة ترفعها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ليكون لبنان على موعد مع تشكيل حكومة جديدة.

وعن سرعة تشكيل الحكومة من عدمه، يقول المحلل السياسي إبراهيم بيرم “إننا أمام مسار طويل لتشكيل حكومة، كون شكل المجلس النيابي يختلف عن كل السنوات السابقة، ولن نشكل حكومة بشكل سريع وسهل”.

وأضاف “إننا أمام لوحة نيابية معقدة، وننتظر لنرى مع من سيتحالف المستقلون في المجلس النيابي، لكي تتضح صورة التحالفات”.

البرلمان اللبناني

وتابع “بما أن المسافة الفاصلة بين اليوم وبين انتخاب رئيس للجمهورية قصيرة (الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل)، فمن المحتمل أن تستمر حكومة ميقاتي بالعمل كحكومة تصريف أعمال، وهي التي ستدير عملية انتخاب رئيس الجمهورية”.

ويرى مراقبون أن انتخاب رئيس الجمهورية القادم سيكون أمام محطة للسجال والمناكفة السياسية، متوقعين أن يذهب لبنان نحو فراغ رئاسي.

وقال المحلل السياسي طوني عيسى إن “الكرسي الرئاسي أمام مأزق، فإما أن نقع في فترة فراغ، وإما أن يتم الاتفاق على اسم من خارج الرؤساء الموارنة الأربعة الأكثر تمثيلا وهم: سمير جعجع، جبران باسيل، سامي الجميل وسليمان فرنجية”. ولم يستبعد بيرم الوقوع في فراغ رئاسي، قائلا إنه “أمر وارد”.

وفي نوفمبر 2021 قال الرئيس عون إنه ينوي ترك منصبه بعد انقضاء فترة ولايته، مشيرا إلى أنه سيبقى في حال اتخاذ مجلس النواب قرارا لاستمرار توليه الرئاسة.

وجرت الانتخابات البرلمانية وسط أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة في لبنان، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية.