تركيا حصلت على ما تريده من السويد وفنلندا»، هكذا علقت الرئاسة التركية على مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا مع البلدين، لتفتح لهم الطريق للانضمام للناتو، ليعلن وزير العدل التركي أوزداغ، أن بلاده تطالب بتنفيذ التفاهمات وتسليم السويد وفنلندا 33 مشتبها في الإرهاب من الأكراد في السويد وفنلندا. ليخرج الرئيس التركي أردوغان معلنا أن مذكرة التفاهم الثلاثية الموقعة مع السويد وفنلندا هي «انتصار دبلوماسي»، مطالبا بالإيفاء بالوعود، قبل إرسال المذكرة للبرلمان التركي، مطالبا السويد بتسليم 73 «إرهابيا» إلى تركيا. وبعد ساعات من توقيع الاتفاقية ومطالبة أردوغان بتنفيذها وتسليم المطلوبين، جاء الرد السويدي سريعا، إذ قال وزير العدل السويدي ردا على أردوغان أن بلاده لا تسلم مطلوبين لتركي!
الملاحظ ان «تركيا حصلت على ما تريد» هي العبارة نفسها التي استخدمتها تركيا وإعلامها، عند الإعلان عن اتفاقين مع أمريكا وبعدها مع روسيا لوقف الهجوم شمال سوريا قبل ثلاثة اعوام، والقاضي بانسحاب المسلحين الأكراد من الشريط الحدودي خلال ستة أيام، وحتى اليوم وبعد 3 سنوات لم ينفذ الاتفاقان ولم ينسحب الأكراد، ولا تزال أنقرة لليوم تطالب بتنفيذ الاتفاق الذي «حصلت فيه على ما تريده»!. وقريبا قد نرى تزايد احتجاجات المسؤولين الأتراك على السويد وفنلندا لعدم تنفيذ الاتفاق او «المذكرة»، تماما كما خرج وزير الخارجية التركي قبل أسابيع في تصريح مع وزير الخارجية الروسي قائلا: «روسيا والولايات المتحدة الأمريكية تعهدتا بتطهير مناطق في شمال سوريا من التنظيم الإرهابي المذكور، ومن حقنا أن نطالب بالوفاء بهذه التعهدات».
في الحقيقة تركيا لن تستلم أحدا، فقوانين تسليم المطلوبين في أوروبا خاضعة لأنظمة حقوقية مشددة، والأهم أن ما تم توقيعه بين تركيا والسويد وفنلندا ليس اتفاقا دوليا
في الحقيقة تركيا لن تستلم أحدا، فقوانين تسليم المطلوبين في أوروبا خاضعة لأنظمة حقوقية مشددة، والأهم ان ما تم توقيعه بين تركيا والسويد وفنلندا ليس اتفاقا دوليا، بل مجرد مذكرة، يصفها الكاتب التركي مراد يتكين بأن «شرعيتها مثيرة للجدل» ويقول إنه «لا يمكن القول إن تركيا حصلت على ما تريده». باتت التصريحات التصعيدية للقادة الأتراك ظاهرة دعائية في نظر الدبلوماسية الدولية، فدعونا نتذكر ماذا قال الرئيس التركي قبل توقيع الاتفاق مع روسيا وأمريكا عام 2019، قال إنه إذا لم ينسحب النظام السوري من المواقع التي تقدم لها في إدلب فإن «رؤوسا سوف تخلع من أكتافها»، إذ كان الرئيس التركي غاضبا من القصف الذي تعرض له جنوده من قبل قوات النظام السوري في إدلب، وبعدها بأيام أوقف الجيش التركي عمليته شمال سوريا، بعد توقيع الاتفاقين مع واشنطن وموسكو ولم ينسحب لليوم لا النظام السوري ولا الأكراد. ولعله من الملاحظ ان السياسة التركية الخارجية والداخلية مسكونة بـ»البعبع الكردي»، مع السويد وفنلندا مطالبهم الأهم هي تسليم مطلوبين أكراد، ومع روسيا وأمريكا بالسماح لهم بالهجوم على مناطق الأكراد شمال سوريا! لدرجة أنها باتت تقبل حتى بعودة النظام الذي شنت الحرب عليه لسنوات، مقابل إبعاد القوى الكردية من شمال سوريا، وهذا ما يقوله الأتراك علنا، فقد أكد الرئيس التركي أردوغان في تصريح سابق عام 2019 أنه لا يمانع بعودة قوات النظام لمنبج «فهي في النهاية أرضهم»، بحيث تبدو سيطرة الأسد على شمال سوريا خيارا مفضلا عن سيطرة القوى الكردية، خاصة أن أنقرة ملتزمة في تحركاتها في سوريا بمخرجات اتفاق استانة، الذي يجمها مع حلفاء دمشق، طهران وموسكو، وتتحدث تفاهمات أستانة صراحة عن احترام سيادة «الدولة السورية» على أراضيها ولا تعترف بشرعية المعارضة المسلحة السورية، وسبق لأنقرة أن وصفت اتفاق سوتشي عام 2019 الذي ينص على عودة قوات النظام والقوات الروسية للشريط الحدودي شمال سوريا بعد إخراج الاكراد، على أنه «انتصار».
القدس العربي