قطاع الضيافة في قطر فخامة تخفي سخرة الأجانب

قطاع الضيافة في قطر فخامة تخفي سخرة الأجانب

الوجه المشرق الذي تظهر به دولة قطر قبل بداية مونديال كرة القدم يخفي معاناة عمال قدموا من آسيا وأفريقيا لكسب رزقهم في بلد غني يحتاج إلى جهودهم، فبعد التجاوزات التي تابعتها المنظمات الدولية في بناء الملاعب تظهر تجاوزات لا تقل قتامة في قطاع الضيافة وخاصة العاملين في الحراسة والتنظيف وتزيين الحدائق.

الدوحة – يبدو أن خلف البوابات المزينة والقاعات الفارهة في الفنادق والمطاعم في قطر حكايات عن واقع مظلم يعيشه العمال الفقراء الذين أتوا من بلدان بعيدة لكسب الرزق، لكنهم وجدوا أنفسهم في أحد حقول السخرة في الدوحة التي لا تزال تثير جدلا بشأن الظروف الظالمة للعمال الأجانب.

تقول منظمة “إيكويديم” للأبحاث وحقوق الإنسان والعمال إن عمالا أفارقة وآسيويين في قطر تعرضوا لاستغلال جسيم وانتهاكات لحقوق الإنسان، فهناك حالات متعددة للإجهاد العنيف وعدم دفع الأجور لمن يعملون في قطاع الضيافة خاصة الذين يقومون بحراسة السيارات وتنظيف الغرف وتزيين المساحات الخضراء.

وسلطت المنظمة الحقوقية في تقرير أصدرته الخميس الضوء على أوضاع العمال الأجانب في الفنادق والمطاعم القطرية الفخمة قبل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم، متحدثة عن حالات إجهاد وعدم دفع أجور.

وفي شهر أكتوبر من السنة الحالية أعلنت صحيفة الغارديان البريطانية حصولها على أدلة تثبت انتهاك حقوق عمال الفنادق في قطر، مؤكدة أن بعض العمال يعملون بنظام السُخرة.

وأوضحت الصحيفة في تحقيق لها أن عمالة الفنادق يعملون في ظروف عمل مجحفة وبأجور متدنية للغاية، على الرغم من دفع الرسوم إلى وكلاء التوظيف لتأمين وظيفة في قطر هي ممارسة منتشرة على نطاق واسع، لكنه يترك العمال عرضة لأعباء الديون والأعمال الجبرية.

ويقول أحد عمال تزيين الحدائق، ويدعى رفيق، إنه عمل في الحدائق المحيطة بأحد الفنادق لمدة ثلاث سنوات ليستطيع تسديد الديون عليه جراء رسوم وكلاء التوظيف.

وعندما عرض عليه أحد وكلاء التوظيف في بلده العمل في قطر، كان الراتب المقترح 350 دولارا في الشهر، كان الأمر يبدو جيدا بالنسبة إليه في بادئ الأمر، واستدان من أجل دفع مبلغ 4 آلاف دولار كرسوم توظيف للوكيل، أي ثلاثة أضعاف متوسط الدخل السنوي في بلده. وفي المطار، قبل ساعات قليلة من مغادرة بلاده، حصل على العقد من أجل التوقيع، ليجد الراتب نصف ما وعده به الوكيل.

ويقول رفيق “لم يكن لدي خيار سوى التوقيع عليه.. لقد دفعت بالفعل الكثير. اضطررنا للهروب”.

وذكر عدد من العمال للصحيفة البريطانية أنهم أجبروا على العمل لمدد تجاوزت 4 أشهر متواصلة، دون الحصول على يوم إجازة واحد، وفي الوقت ذاته تخصم 5 أيام من راتبهم حال غلبهم النوم خلال أوقات العمل.

وبينما يقول الاتحاد الدولي لكرة القدم والمنظمون القطريون إنهم شرعوا في “إجراءات عناية واجبة غير مسبوقة” بشأن فنادق كأس العالم، رأت منظمة “إيكويديم” ومقرها لندن أن العمال من أفريقيا وآسيا تعرضوا “لاستغلال جسيم في العمل وانتهاكات لحقوق الإنسان”.

وأصدرت المنظمة التقرير الثاني في غضون أسبوعين لتسليط الضوء على ظروف عمال قطاع الضيافة في الدولة الخليجية الثرية التي تتوقع وصول أكثر من مليون زائر خلال المونديال الذي يستمر أربعة أسابيع.

وقد سعت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة لإدخال تحسينات على أوضاع عمال الضيافة الذين تم إحضارهم إلى قطر من جميع أنحاء العالم. وأعلنت إحدى الشركات مؤخرا عن توظيف ألفي مكسيكي للعمل في المطاعم والمطابخ والتنظيف وقطاعات الضيافة الأخرى.

وقالت المنظمة إن عمال الفنادق من بنغلاديش ودول أخرى في جنوب آسيا اشتكوا من أنهم يكسبون أقل من الأشخاص من الدول العربية مقابل القيام بالعمل نفسه. وذكر حراس أمن من كينيا ودول أفريقية أخرى أنهم تعرضوا لضغوط للقيام بواجباتهم في ظروف شديدة الحرارة أكثر من الجنسيات الأخرى.

وتابعت المنظمة أن عاملات اشتكين من “عروض جنسية” من ضيوف ذكور، في حين قال العديد من الموظفين إنهم أجبروا على القيام بأعمال إضافية غير مدفوعة الأجر “مثل الروبوتات”، وأن العديد منهم لم يتلقوا الأجور والتعويضات المستحقة عند تسريحهم أثناء جائحة فايروس كورونا.

وتقول المنظمات الحقوقية ومنظمة العمل الدولية إنه يجب أن تكون هناك مراقبة أكثر صرامة لأوضاع العمال والمزيد من اللجان العمالية حتى يتم التعامل مع الشكاوى.

منظمة العمل الدولية سعت لإدخال تحسينات على أوضاع عمال الضيافة الذين تم إحضارهم إلى قطر من أنحاء العالم

وقد واجهت قطر بالفعل انتقادات بشأن ظروف العمال المهاجرين القادمين من الدول الفقيرة، لكنها تُصر على أنها توصلت إلى إدخال تحسينات كبيرة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك فرض حد أدنى للأجور وتخفيف جوانب كثيرة من نظام الكفالة الذي أعطى أصحاب العمل سلطات على حقوق العمال في تغيير وظائفهم وحتى مغادرة البلاد.

وذكر الاتحاد الدولي لكرة القدم في بيان هذا الأسبوع أنه نفذ مع قطر “إجراءات العناية الواجبة غير المسبوقة لحماية حقوق ورفاهية العمال في إجمالي 159 فندقا، بما في ذلك كل تلك التي ستستضيف الفرق المشاركة”.

وبحسب مكتب منظمة العمل الدولية في قطر، فإن 20 فندقا شكلت لجانا للتعامل مع الشكاوى، مضيفا أنه ينظم تدريبا على “التمييز والعنف والتحرش في مكان العمل”.

وقال رئيس شركة “أكور” العملاقة للفنادق التي ستوظف 13 ألف شخص في قطر لكأس العالم، سيباستيان بازين، إن الشركة ستحاول إيجاد وظائف لجميع الموظفين في بلدان أخرى بعد البطولة التي تنطلق في تشرين نوفمبر المقبل.

وصرح بازين في مقابلة صحافية أجريت معه مؤخرا “سمعت الكثير من الناس يقومون ببعض التهجم على قطر ويبدو أنهم يستمتعون بذلك، لكنني لم أر أي دليل على ذلك”.

العرب