في ظل سعي أطراف سياسية عراقية إلى تسوية تنهي الأزمة القائمة في البلاد، عبر تشكيل حكومة جديدة تُحضّر لانتخابات جديدة في مدة لا تتجاوز العام، بدأت تخرج أسماء جديدة لترؤس هذه الحكومة، بوصفها شخصيات غير مستفزة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد تساهم في وقف أي خطوة تصعيدية له لإعاقة تشكيل “الإطار التنسيقي” الحكومة المقبلة، مع رفض الصدر المرشح المعلن من قبل “الإطار” محمد شياع السوداني.
وتترقب القوى السياسية في العراق، الأسبوع المقبل، انتهاء ما بات مسلّماً به على أنه هدنة مؤقتة لما بعد انتهاء مراسيم زيارة الأربعين الدينية، بين الخصمين السياسيين، التيار الصدري وتحالف “الإطار التنسيقي” الذي يضم عدداً من الأحزاب والأجنحة السياسية المرتبطة بفصائل مسلحة نافذة في البلاد وحليفة لإيران.
اجتماع مرتقب لـ”الإطار التنسيقي” الإثنين
وأبلغ قيادي بارز في تحالف “الفتح” بزعامة هادي العامري “العربي الجديد” بأن “الإطار التنسيقي” سيناقش، في اجتماع مرتقب له يوم الإثنين المقبل، محاور تحركه تجاه القوى السياسية الأخرى في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة.
قرر “الإطار التنسيقي” المضي باختيار هادي العامري بصفة مفاوض مع باقي القوى السياسية
وكشف عن أن “الإطار” قرر فعلياً المضي في اختيار هادي العامري بصفة مفاوض وممثل عن التحالف مع باقي القوى السياسية، وهو ما يعني عملياً تنحية زعيم “دولة القانون” نوري المالكي من واجهة القرار، أو التصدر على الأقل في مفاوضات “الإطار التنسيقي” مع الكتل الأخرى.
وذكر المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “الإطار التنسيقي لم يتسلّم أي طلب أو شرط رسمي من تحالفي السيادة أو الحزب الديمقراطي الكردستاني حتى الآن، وما أُعلن عنه من شروط، أو نقاط تفاوض للطرفين، كان من خلال وسائل الإعلام، وليس عبر قنوات اتصال مباشر بين الطرفين”.
شروط “الإطار التنسيقي”
لكنه لفت إلى أن “الإطار التنسيقي غير رافض لمشروع الذهاب إلى انتخابات جديدة خلال عام واحد، لكن بشرط وجود حكومة جديدة بصلاحيات كاملة، تتشكل من خلال الإطار التنسيقي، وأن يُنظر بقانون الانتخابات ويُعمل على تعديل بنود مهمة منه، خصوصاً ما يتعلق بعمليات العد والفرز الإلكتروني واليدوي لأصوات الناخبين، وكذلك تغيير مفوضية الانتخابات الحالية، التي أخفقت في تنظيم عملية الاقتراع وشاب الانتخابات الكثير من الأخطاء والهفوات”.
المالكي والخزعلي يتمسكان بالسوداني
وكشف عن وجود خلاف داخل “الإطار التنسيقي” حول تغيير مرشح التحالف لتشكيل الحكومة الجديدة، إذ إن هناك 4 أطراف رئيسية في التحالف مع استبدال محمد شياع السوداني بمرشح آخر غير مستفز أو غير مرفوض من قبل الصدر، لكن “المالكي و(قيس) الخزعلي يعارضان تغييره حتى الآن”. وأضاف أن هادي العامري وحيدر العبادي وفالح الفياض مع تغيير السوداني إذا كان ذلك يساهم في تجاوز هذه الأزمة.
وشهد اليومان الماضيان طرح عدة أسماء تشترك جميعها في كونها تمتلك علاقات جيدة مع الصدر، ومن الممكن ألا يعترض عليها. ومن أبرز تلك الأسماء، مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ومحافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، ومحافظ النجف السابق عدنان الزرفي، ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. وعلى نحو أقل، يجرى تداول اسم وزير الشباب السابق عبد الحسين عبطان، والمستشار برئاسة الجمهورية علي الشكري، بحسب ما أكده سياسيان عراقيان تحدثت “العربي الجديد” معهما.
وقال أحدهما، وهو عضو في تحالف “النصر” الذي يتزعمه حيدر العبادي، لـ”العربي الجديد”، إن “الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة الجديدة تراعي فكرة أن تحظى بقبول مقتدى الصدر، وألا يكون محسوباً على خصومه السياسيين، وتحديدا نوري المالكي وعمار الحكيم وقيس الخزعلي”.
وأضاف أن “ولادة الحكومة الجديدة ستبقى رهن قبول الصدربالإجراءات التي ترافق تشكيلها، بدءا من رئيسها وأعضاء كابينتها الوزارية ومدتها المقررة”.
لا حكومة قبل ديسمبر
من جهته، قال السياسي الآخر، لـ”العربي الجديد”، إن “أي تقدّم في الأزمة السياسية يبقى رهن قبول الصدر بالتسوية المطروحة والقائمة على حكومة العام الواحد، والذهاب إلى انتخابات مبكرة”. لكنه أكد أن العراق لن يرى حكومة جديدة قبل ديسمبر/كانون الأول المقبل في أفضل الأحوال، وحتى لو تحققت انفراجة سياسية.
في غضون ذلك، أعلن “الإطار التنسيقي”، أمس الجمعة، تقديمه طلباً رسمياً إلى رئاسة البرلمان لعقد جلسة برلمانية جديدة، في خطوة أولية منه للمضي نحو تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال النائب عن “الإطار” عارف الحمامي، إنه “تم تقديم طلب لرئاسة البرلمان من أجل عقد جلسة برلمانية عقب انتهاء زيارة الأربعين”، مؤكداً في تصريحات للصحافيين في بغداد أمس، أن “الطلب موقّع من 183 نائباً، ولم يحدد سبب الجلسة أو ماذا تناقش”.
وأضاف أن “الخطوة تأتي لأجل إعادة تفعيل عمل البرلمان“، معتبراً أنه “بموجب القانون، لا يمكن لرئيس البرلمان الامتناع عن عقد الجلسات”. وكان رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قد أعلن في 30 يوليو/تموز الماضي، تعليق عمل البرلمان حتى إشعار آخر بعد اقتحام أنصار الصدر المنطقة الخضراء وسط بغداد، وسيطرتهم على مبنى البرلمان.
من جهته، قال عضو “الإطار التنسيقي” النائب في البرلمان عن ائتلاف “دولة القانون”، ثائر مخيف، لـ”العربي الجديد”، أن “معاودة عمل البرلمان أولى بوادر الحل السياسي في البلاد، وتعزيز للقانون وحماية للدستور. ونأمل من خلال التواقيع المقدّمة، أن يعلن رئيس البرلمان، الأسبوع المقبل، إلغاء التعليق ومعاودة مجلس النواب عمله رسمياً، لممارسة دوره الرقابي والتشريعي أيضاً”.
قدّم “الإطار التنسيقي” طلباً رسمياً إلى رئاسة البرلمان لعقد جلسة برلمانية جديدة
واعتبر أن الحكومة الحالية “لا يمكنها المضي بأي انتخابات تشريعية، والعراق بحاجة لحكومة كاملة الصلاحيات للمضي بمثل هذه الاستحقاقات، حسب الدستور والقانون الذي ينص على ذلك”، معرباً عن أمله أن تكون معاودة البرلمان عمله بقرار يصدر خلال الأسبوع المقبل.
اعتماد سيناريو مرشحي الظل
وتعليقاً على الوضع القائم، قال رئيس مركز “التفكير السياسي” في بغداد إحسان الشمري، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “القوى السياسية التقليدية اعتمدت سابقاً استراتيجية مرشحي الظل، والآن تعتمد السيناريو ذاته، المتضمن اختيار ما يسمى بالمستقلين، لكنهم في الحقيقة يمثلون واجهات سياسية عديدة وليس الإطار وحده”.
وبيّن الشمري أن “اعتماد الإطار التنسيقي على هذه الشخصيات ذات الظاهر المستقل يأتي لتخفيف زخم الضغطمن قبل التيار الصدري، الذي يدفع باتجاه حكومة مستقلة، وعدم إغضاب الرأي العام العراقي وإيهامه بإبعاد الوزارات عن نظام المحاصصة”.
وبشأن ترشيح “الإطار التنسيقي” محمد شياع السوداني، لفت الشمري إلى أن “المشكلة لم تعد تتعلق بالسوداني، بل بعدم إغضاب الصدر، وعليه، فإن الإطار سيبحث عن التسوية، أو شخصية مرضية للتيار حتى لا يكون هناك استفزاز كبير. ولذلك نتوقع كل شيء، وقد شهدنا سابقاً ترشيح شخصيات كثيرة ومن ثم التراجع عنها، وربما يكون الإطار مضطراً للتسوية ليتمكن من تشكيل الحكومة”.
العربي الجديد