على الرغم من الإعلانات والترويج الذي تمارسه القوى السياسية العراقية منذ أيام، بشأن التوصل إلى اتفاقات لتأسيس ائتلاف سياسي جديد، تحت مسمى “إدارة الدولة”، فإن تأكيدات قوى سياسية مؤثرة في المشهد، تثبت أن الائتلاف قد لا يرى النور قريباً، جرّاء الشروط التي وضعتها الأحزاب العربية السُّنية والكردية على وجه التحديد.
ومن المفترض أن يتكفل ائتلاف “إدارة الدولة” بتشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة مرشح قوى “الإطار التنسيقي“، محمد شياع السوداني.
وبالرغم من مرور ثلاثة أيام على اجتماعات عدة بين القوى السياسية في العاصمة بغداد ومدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، لتشكيل الائتلاف الجديد، فإن سياسياً بارزاً ونائباً في البرلمان عن دورته الحالية، قال لـ”العربي الجديد” إن صمت زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، وعدم تعليقه حتى الآن على التطورات الجارية، بث القلق في “المشهد السياسي، حيث تُثار مخاوف من تحريك الصدر أنصاره مرة أخرى إلى الشارع لمنع الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة الجديدة، التي لن تكون مختلفة عن سابقاتها، وهي توافقية، بحسب نظام المحاصصة من ناحية توزيع الوزارات أو المناصب السيادية بالدولة”.
مؤكداً أن القوى السنية والكردية “أعلنوا صراحة عن جملة من الشروط والمطالب، للإطار التنسيقي، مقابل القبول بالانضمام لائتلاف إدارة الدولة”.
وفي هذا السياق، أفاد عضو ائتلاف “النصر”، حسن البهادلي، في حديث صحافي، بأن “هناك قيادات داخل الإطار التنسيقي لم توقع لحد الآن على مقترح تشكيل (ائتلاف إدارة الدولة)، بسبب نقاط خلافية بين أطراف الإطار”. ولم يذكر البهادلي أسماء هذه القيادات، إلا أن “العربي الجديد”، عَلم أن أبرزهم هو “حيدر العبادي”.
ولدى الحزب الديمقراطي الكردستاني شروط ومطالب مقابل الانضمام لـ”ائتلاف إدارة الدولة”، بحسب عضو الحزب ريبين سلام، “تمثل مطالب جمهور الحزب والشعب الكردي بالكامل”، وفقاً لقوله.
مبيناً لـ”العربي الجديد” أن “أول الشروط تفعيل المادة 140 من الدستور العراقي الخاصة بترسيم الحدود بين المحافظات والمناطق المتنازع عليها، إضافة إلى سن قانون النفط والغاز لتنظيم التعامل المالي والنفطي بين بغداد وأربيل، وإيقاف تجاوزات المليشيات التي تمارس أدواراً عدوانية ضد إقليم كردستان”.
ولفت سلام إلى أن “من بين المطالب، إفراغ مدينة سنجار في الموصل من المظاهر المسلحة، وطرد حزب العمال، والفصائل المسلحة التي تحمي المسلحين وتدعمهم، وكذلك بعض المطالب المتعلقة بالحياة الاقتصادية للإقليم، ومنها حصة الإقليم من الميزانية المالية الاتحادية”، لكنه أشار إلى أن “الاتفاق على تشكيل الحكومة سيكون صعباً مع استمرار غياب التيار الصدري عن المشهد السياسي”.
أما عضو تحالف “السيادة” والنائب في البرلمان العراقي رعد الدهلكي، فقد أكد أن “الوضع السياسي متقلب حالياً، والمتغيرات هي التي تحكم المشهد بالكامل، وليس الاتفاقات أو الضوابط العامة للتعامل السياسي”.
مبيناً في حديث مع “العربي الجديد” أن “مطالبنا في سبيل الدخول في أي مشروع يهدف إلى تشكيل الحكومة، هي مطالب المدن المحررة المتضررة، ومنها إعادة النازحين، وتعويض المتضررين، والكشف عن مصير المغيبين، وتحويل ملف “المساءلة والعدالة” إلى ملف قضائي، وعدم استخدامه واستغلاله سياسياً، كما أننا نريد أن نكون شركاء وليس مشاركين في مشروع تشكيل إدارة الدولة”.
من جانبه، أكد عضو “الإطار التنسيقي” محمد الصيهود، أن “مطالب الإخوة الكرد والسنة، محترمة في حقيقتها، لكن هناك من يحاول أن يجعل من شروطه ومطالبه أدوات لعرقلة أي مشروع يخدم فكرة الخروج من الانسداد السياسي الحالي”، معتبراً في اتصال مع “العربي الجديد”، أن “عدم اتفاق الأحزاب فيما بينها سيؤدي إلى أزمات جديدة، ومنها ما يهدد الاقتصاد العراقي”.
بدوره، رأى الباحث في الشأن العراقي، ماهر جودة، أن “المطالب التي تقدمت بها القوى السنية والكردية على طاولة أحزاب الإطار التنسيقي التي تريد تشكيل الحكومة، هي نفسها المطالب التي يجري تقديمها مع تشكيل كل حكومة جديدة”، مؤكداً لـ”العربي الجديد”، أن “هذه الشروط لا تُطبّق، لأنها في الحقيقة ليست مطالب مقنعة بالنسبة لبقية القوى السياسية، وعادة ما تشكّل الحكومة بناءً على طريقة توزيع المناصب والوزارات، وليس على تنفيذ المطالب العامة”.
ويضم “ائتلاف إدارة الدولة” إلى الآن، عدداً من القوى السياسية، منها “الإطار التنسيقي” الذي يضم معظم الأحزاب العربية الشيعية والفصائل المسلحة، وتحالف “العزم” الذي يتزعمه مثنى السامرائي، و”الاتحاد الوطني” برئاسة بافل طالباني، وكتلة “بابليون” المسيحية بزعامة ريان الكلداني.
العربي الجديد