رئيسة وزراء فرنسا في الجزائر لتعزيز العلاقات وطي صفحة الخلافات

رئيسة وزراء فرنسا في الجزائر لتعزيز العلاقات وطي صفحة الخلافات

وفد هام من الوزراء والمسؤولين الكبار ورجال الأعمال يرافق رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن في زيارتها إلى الجزائر وسط تطلع الجانب الفرنسي إلى الحصول على المزيد من إمدادات الغاز، فيما تسعى الحكومة الجزائرية لإقناع الفرنسيين بالتراجع عن قرار تقليص عدد التأشيرات.

الجزائر – تؤدي رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن زيارة عمل إلى الجزائر هي الأولى لها منذ تعيينها في منصبها، ويرافقها وفد هام من الوزراء والمسؤولين الكبار ورجال الأعمال للإشراف على أشغال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وإجراء مشاورات متنوعة مع المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس عبدالمجيد تبون وبالتالي العمل على تعزيز العلاقات وطي صفحة من الخلافات.

ويراهن البلدان على أن تكون الزيارة تفعيلا للتقارب المسجل بينهما منذ الزيارة التي أداها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر نهاية شهر أغسطس الماضي، وتوحي نوعية وعدد الوفد المرافق لرئيسة الوزراء الذي يمثل نصف الحكومة الفرنسية الأهمية التي يوليها الطرفان للزيارة المذكورة.

ووصلت بورن عصر الأحد إلى الجزائر العاصمة، وكان في استقبالها نظيرها الجزائري أيمن بن عبدالرحمن، لتتم مباشرة أجندة الزيارة التي تستغرق يومين، وينتظر أن تتوج بالعديد من الاتفاقيات في مختلف مجالات التعاون.

ويتصدر ملف الغاز وتنقل الأشخاص أجندة المشاورات التي تجريها رئيسة الوزراء الفرنسية مع المسؤولين الجزائريين، ولذلك علق عليها مراقبون بأنها ستكون زيارة “الغاز مقابل التأشيرة” قياسا برهان باريس على الجزائر للحصول على كميات إضافية من الغاز.

◙ الجزائر تراهن على تجسيد زيارة بورن للخطوط العريضة التي رسمها الرئيسان عبدالمجيد تبون وإيمانويل ماكرون

وتسعى باريس لمواجهة أزمة الوقود التي أشار إليها الرئيس الفرنسي خلال الأسابيع الماضية، وبررتها الحكومة بأنها نتيجة إضراب عمال المصافي، لكن المخاوف من الشتاء البارد تؤرق الفرنسيين.

ومن جهتها تراهن الجزائر على تجسيد الزيارة المذكورة للخطوط العريضة التي رسمها الرئيسان تبون وماكرون خلال هذا الصائفة، بإعادة الليونة إلى حركة تنقل الأشخاص بعد قرار سابق للحكومة الفرنسية يقضي بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للدول المغاربية خاصة الجزائر، بسبب عدم جديتها في استلام المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على أراضيها.

وجاءت هذه الزيارة بالموازاة مع اتصال هاتفي تم نهار الأحد بين الرئيسين تبون وماكرون استعرضا فيه العلاقات الثنائية بين البلدين، وأعربا عن ارتياحهما للتطور الإيجابي، والمستوى الذي عرفته العلاقات بينهما، كما تطرقا إلى الاجتماع المهم للدورة الخامسة للّجنة الحكومية رفيعة المستوى الجزائرية – الفرنسية التي تنعقد بالجزائر بالإضافة إلى تطورات الوضع في المنطقة.

وستشرف بورن وبن عبدالرحمن الاثنين على أشغال اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي لم تلتئم منذ العام 2017، وتأجلت العام الماضي بعد إلغاء زيارة رئيس الوزراء السابق جان كاستيكس بسبب التوتر الدبلوماسي القائم بين البلدين حينها.

ويعول الطرفان على أن يكون اللقاء فرصة لتفعيل علاقات التعاون بينهما خاصة في مجالات التكوين المهني والتشغيل، والانتقال في مجال الطاقة والتعاون الاقتصادي، والشباب والتعليم، فضلا عن مجالات قضائية وقنصلية والأمن والهجرة غير الشرعية وغيرها.

وتسعى باريس بحسب توجيهات الرئيس ماكرون لـ”وضع لبنات أساسية مع الجزائر لا تفسح المجال لعودة التوتر السابق، وتعمل على الدفع نحو المستقبل، وطي صفحة الماضي” في إشارة إلى ملف التاريخ والذاكرة المشتركة الذي اتفق الطرفان خلال الأشهر الماضية على تخصيص لجنة مختلطة بين البلدين من المؤرخين والخبراء للحسم فيه، ولن يكون حاضرا في زيارة رئيسة الوزراء، رغم أن زيارتها بدأتها بزيارة معلم “مقام الشهيد” بالعاصمة.

◙ باريس تسعى بحسب توجيهات الرئيس ماكرون لوضع لبنات أساسية مع الجزائر لا تفسح المجال لعودة التوتر السابق

وفيما تساءلت النائب عن حزب الجمهوريين اليميني المعارض ميشيل تابارو عن هدف الزيارة “إذا لم تكن مسألة الذاكرة أو الأمن أو إمداداتنا بالغاز في جدول أعمالها، فما فائدة زيارة بهذا الحجم؟”، قالت إليزابيت بورن في تصريح لموقع “كل شيء عن الجزائر” إن الغاز سيكون من ضمن الأولويات، مضيفة “سنستمر في تطوير شراكتنا مع الجزائر، لاسيما في ما يتعلق بالغاز الطبيعي المسال، وزيادة كفاءة طاقتها الإنتاجية من الغاز”.

وكانت مديرة شركة “إنجي” الفرنسية للكهرباء والغاز كاترين ماك غريغور قد رافقت الرئيس الفرنسي خلال زيارته إلى الجزائر، وأثار حضورها توقعات بشأن زيادة شحنات الغاز الجزائري إلى فرنسا، في سياق أزمة الغاز التي تعيشها أوروبا بسبب الأزمة الأوكرانية، وتجري مفاوضات بين الطرفين في هذا الشأن بحسب مصادر مطلعة.

ويرافق رئيسة الحكومة الفرنسية عدد من المجموعات الفرنسية الكبيرة، منها شركة “سانوفي” المتخصصة في صناعة الأدوية والتي تملك مشروعا لإنشاء مصنع للأنسولين في الجزائر، و”جنرال إنرجي” التي تخطط لبناء مصنع لإعادة تدوير ومعالجة نوى الزيتون، و”إنفنيتي أوربت” التي لها مشروع لبناء أول قمر اصطناعي جزائري صغير، و”بيو إيكو” العاملة في مجال معالجة النفايات مثل مادة الأميانت، و”أفريل” المتخصصة في تحويل الحبوب، و”بيزنس فرانس” الحكومية المسؤولة عن الاستثمار الدولي، فضلا عن عشرات من الشركات الأخرى المدعوة لحضور منتدى الأعمال الفرنسي – الجزائري.

العرب