قطر تفقد هدوءها التقليدي أمام حجم الانتقادات الموجهة لها قبل المونديال

قطر تفقد هدوءها التقليدي أمام حجم الانتقادات الموجهة لها قبل المونديال

الدوحة – عكس احتجاج قطر على تصريحات وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر، التي وجهت انتقادات لقرار منح قطر حق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم، حقيقةَ أن المسؤولين القطريين قد فقدوا هدوءهم قبل أسابيع على بدْء التظاهرة العالمية في ضوء حملة متعددة الجهات والمواضيع.

وتريد قطر، التي أنفقت مليارات الدولارات ليس فقط على البنى التحتية وإنما أيضا على حملات دعائية شارك فيها أبرز نجوم كرة القدم في العالم، تأمين فعاليات المونديال دون مشاكل كبيرة، لكن الأمور تسير في اتجاه معاكس تماما؛ فبالتزامن مع اقتراب الموعد كثرت الانتقادات والمخاوف والتحذيرات ودعوات المقاطعة أو الغياب من قِبل شخصيات دولية بارزة.

وكان القطريون يتخوفون من أن تكون قضية الكحول مثار القلق الوحيد، لكن منظمات حقوقية دولية وشخصيات رياضية عالمية فتحت ملفات كثيرة قبل المونديال بدءا بالشكوك في الإصلاحات التي قامت بها الدوحة لتحسين أوضاع العمال مرورا بالموقف من مجتمع الميم الذي سيأتي عناصره إلى قطر لمشاهدة المقابلات، وصولا إلى وضعية المرأة ومدى مرونة القوانين القطرية في استيعاب قيم وسلوكيات ثقافية مغايرة.

وأعلنت الحكومة القطرية الجمعة أنّها استدعت سفير ألمانيا في الدوحة احتجاجا على تصريحات “غير مقبولة ومستهجنة ومستفزة للشعب القطري” أدلت بها الوزيرة الألمانية.

وقالت الحكومة في بيان إنّ “وزارة الخارجية استدعت (…) سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى الدولة، وسلّمته مذكرة احتجاج رسمية، أعربت فيها عن خيبة أمل دولة قطر ورفضها التامّ وشجبها لتصريحات” فايسر بشأن استضافة قطر للمونديال.

وأتى ردّ الفعل القطري غداة قول فايسر في مقابلة تلفزيونية بثّت الخميس إنّ استضافة قطر للمونديال كانت بالنسبة إلى الحكومة الألمانية “صعبة للغاية”، مشدّدة على أنّ “هناك معايير يجب الالتزام بها، ومن الأفضل عدم منح شرف تنظيم البطولات لمثل هذه الدولة”.

كما قالت الوزيرة الألمانية ضمن تصريح آخر “في ما يخصّ الأحداث الرياضية الدولية في المستقبل، يجب أن نتأكّد من ارتباط منح شرف الاستضافة والتنظيم بمعايير حقوق الإنسان”.

وما يزيد من وطأة الضغوط على القطريين هو الشكوك التي تحيط بحضور أسماء اعتبارية بارزة يمكن أن يمنح وجودها دعما للتظاهرة العالمية، من ذلك ما يروج عن غياب ولي العهد البريطاني الأمير وليام.

وقال مصدر مقرب من الأمير وليام، الذي يشغل منصب رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، “لا توجد حاليّا أي خطط للذهاب” إلى قطر.

وسيرتدي قائد المنتخب الإنجليزي هاري كاين شارة بألوان قوس قزح ورسالة “حب واحد” ضمن حملة ضد التمييز خلال فعاليات المونديال. وسيفعل الشيء نفسه العديد من قادة المنتخبات الأوروبية الرائدة في كرة القدم.

واتُهم وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بتعليقات “صادمة” بعد إبلاغه مناصري مجتمع الميم، المتجهين إلى قطر لمتابعة مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم، بوجوب احترام القوانين والثقافات المحلية.

ويؤكد المنظمون القطريون بانتظام أن “الجميع” مرحّب بهم دون تمييز، على الرغم من القوانين التي تجرّم العلاقات الجنسية بين الأشخاص من الجنس نفسه.

وقال الناشط البريطاني بيتر تاتشل إنه يأمل في أن يحذو قادة الفرق في بطولة كأس العالم لكرة القدم التي تستضيفها قطر الشهر المقبل حذو المنتخب الأسترالي ويعيدوا التأكيد على حقوق مجتمع الميم والنساء والعمال المهاجرين خلال هذه التظاهرة العالمية.

وأبدى بعض نجوم كرة القدم مخاوفهم بشأن حقوق المشجعين الذين سيسافرون إلى قطر لحضور فعاليات البطولة، وخاصة من ينتمون إلى مجتمع الميم والنساء.

وانتقد لاعبو المنتخب الأسترالي الخميس سجل قطر في حقوق الإنسان.

وقال تاتشل، الذي أوقفته الشرطة القطرية الثلاثاء بعد أن نظم احتجاجا فرديا أمام المتحف الوطني للدولة الخليجية، لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن “نجوم كرة القدم الأستراليين مهدوا الطريق؛ وضعوا القاعدة الذهبية”.

وتابع “آمل أن تحذو جميع المنتخبات الوطنية الأخرى حذو أستراليا وأن يخصص قادة المنتخبات 30 ثانية من كل مؤتمر صحفي عقب كل مباراة لتأكيد التزامهم بحقوق مجتمع الميم والنساء والعمال المهاجرين”.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الاثنين إن قوات الأمن القطرية اعتقلت قطريين من مجتمع الميم وأساءت معاملتهم في الشهر الماضي. ولكن مسؤولا قطريا قال إن هذه الادعاءات زائفة.

العرب