استهداف السياحة التركية… تفجير إسطنبول يعيد القلق إلى قطاع حيوي

استهداف السياحة التركية… تفجير إسطنبول يعيد القلق إلى قطاع حيوي

أعاد التفجير الذي استهدف شارع الاستقلال في منطقة تقسيم الشهيرة في إسطنبول، يوم الأحد الماضي، القلق إلى القطاع السياحي الحيوي الذي حظي بمناعة من الأعمال الإرهابية استمرت نحو 6 سنوات، قبل أن يأتي التفجير الأخير حاملاً دوافع اقتصادية عبر استهداف منطقة يقصدها يومياً قرابة مليوني سائح وعابر، كما أن توقيته يأتي في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة تعول تركيا خلالها بشكل كبير على السياحة لإنعاش الوظائف ومصادر النقد الأجنبي والأسواق التجارية بمختلف أنواعها.

ويؤكد مختصون أتراك في الشأن السياحي أن المنطقة التي وقع فيها التفجير ليست الأهم والأكثر إقبالاً من جانب السياح في إسطنبول فحسب بل في تركيا كلها، الأمر الذي يزيد من مخاوف البعض من تأثيرات سلبية على حركة الحجوزات السياحية في الفترة المقبلة، بينما يؤكد فاعلون في القطاع أن التأثيرات ستكون محدودة وسرعان ما ستحقق السياحة المستهدفات سواء فيما يتعلق بأعداد الوافدين أو الإيرادات.

فرص عمل لنحو 20% من الأيدي العاملة

وتحظى إسطنبول بأهمية سياحية بالغة، باعتبارها موقعاً أثرياً متكامل ومتحفا تاريخيا كبيرا، وتوفر فرص عمل لنحو 20% من الأيدي العاملة في تركيا، وتسهم بحوالي 22% من الناتج القومي، ويؤخذ منها 40% من مجموع الضرائب في الدولة، وتنتج 55% من الصادرات التركية.

وسبق أن واجهت تركيا سلسلة هجمات إرهابية أثارت الذعر خلال سنوات ماضية، إلا أن تفجير الأحد، يعد الأول الذي تشهده إسطنبول منذ 6 أعوام، وفق تصريحات لوزير الداخلية سليمان صويلو، أمس، لافتا إلى الأهمية الكبيرة لشارع الاستقلال لدى الشعب التركي، كونه معلماً سياحياً ومركزاً للأعمال، وأن بلاده تعلم جيدا معنى الرسالة التي أرسلها فاعلو هذا العمل الإرهابي.

استهدف التفجير، الذي أودى بحياة ستة أشخاص وخلف عشرات المصابين، ساحة تقسيم التي يتوسطها النصب التذكاري، وهي من أكثر مناطق إسطنبول ازدحاماً بالسياح لما تتمتع به من محال ومواقع سياحية ومطاعم وفنادق، يزيد من شهرتها، شارع الاستقلال (الشارع الكبير أيام الإمبراطورية العثمانية) الذي يمتد من الساحة على طول 1400 متر حتى النفق الذي يربط الشارع بمنطقة كراكوي، مروراً بساحة ومدرسة غلطة سراي وبرج غلطة الشهير ومنطقة بيرا التابعة لمنطقة بيوغلو في القسم الأوروبي من إسطنبول.

يقول الخبير في الشأن السياحي، محمد أرسلان لـ”العربي الجديد”، إن “استهداف شارع الاستقلال وفي يوم عطلة لم يكن عبثاً، بل الهدف الرئيسي ضرب السياحة وإخافة القادمين”، مؤكداً أن المنطقة التي يقع فيها الشارع يمر منها على الأقل مليونا شخص يومياً، ويزيد من الإقبال على الشارع احتواؤه على أماكن ترفيه وعازفين بالشارع ومراكز ثقافية وقنصليات وسفارات، إضافة لوجود “ترام واي” أعيد تشغيله عام 1990 ويعود تاريخ تدشينه إلى عام 1875 خلال حقبة الدولة العثمانية.

ولطالما شهدت إسطنبول في سنوات سابقة العديد من الأعمال الإرهابية، لما لها من سمعة دولية وأهمية اقتصادية بالنسبة لتركيا، إذ تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، وفق مدير شركة “ياشام” السياحية محمود آيدن، مشيراً إلى الأهمية الكبيرة للمدينة التي تقع في قارتي آسيا وأوروبا وتمتد على مساحة 1830 كليلو مترا مربعاً ويزيد سكانها وزوارها نهاراً عن 20 مليون نسمة.

يقول آيدن لـ”العربي الجديد” إن إسطنبول استقبلت نحو 12 مليون سائح أجنبي حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، ويعوّل خلال الربع الأخير من هذا العام على استقبال المدينة أكثر من 3 ملايين سائح، نظراً لخصوصية المدينة بالسياحة الشتوية والعلاجية واحتوائها على مراكز الطبابة الكبرى وزراعة الشعر.

كما تستحوذ إسطنبول على أهم المشروعات في تركيا، ففيها المطار الثالث الذي زادت تكلفته الإجمالية عن 30 مليار دولار وفيها قناة إسطنبول التي تزيد تكاليفها عن 10 مليار دولار، إضافة إلى استثمارات ضخمة ومراكز اقتصادية متخصصة وسوق استهلاكية كبيرة.

إقبال  على تركيا بعد الحرب الروسية

وفي حين يتوقع مدير شركة “يا شام” أن تتأثر السياحة “قليلاً” في منطقة تقسيم على الأقل بعد التفجير الأخير، يرى مسؤول في القطاع السياحي أنه لن يكون هناك تأثير، متوقعا ألا يقل عدد السياح لهذا العام عن 45 مليون سائح، نظراً لزيادة الإقبال بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمة المحروقات في أوروبا.

ويلفت المسؤول إلى أن هناك شرائح من الأوروبيين يأتون لقضاء الشتاء في تركيا والهروب من فواتير أسعار الطاقة، وزادت الحجوزات هذا الشتاء بأكثر من 25% عن الشتاء الماضي.

وكان نائب رئيس اتحاد المشغلين والعاملين في قطاع الفنادق محمد إيشلر، قد توقع في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول أخيرا، أن يصل عدد السياح في تركيا هذا العام إلى 47 مليون شخص، مشيرا إلى أن بلاده تسعى لاستقطاب 53 مليون سائح خلال العام المقبل 2023.

العربي الجديد