أثار طلب حكومي عراقي بنقل وثائق وبيانات هيئة «المساءلة والعدالة» إلى القضاء تمهيداً لإنهاء عملها، جدلاً سياسياً حاداً بين أقطاب «الإطار التنسيقي» الشيعي. وهيئة «المساءلة والعدالة» امتداد لتشكيل مؤسساتي كان يعرف بـ«اجتثاث حزب البعث»، أُنشئ بقانون صدر عن سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة الحاكم الأميركي بول بريمر، عام 2003 لاجتثاث قيادات الحزب المنحل.
وقالت مصادر عراقية رفيعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة أرسلت طلباً إلى الهيئة يتضمن جمع بيانات المشمولين بالاجتثاث، وكل أرشيفها إلى القضاء». وأكد مصدر في «الإطار التنسيقي» أن هذا الطلب يمهّد لحل الهيئة، وصرف أمورها إلى القضاء حصراً، بناء على اتفاق سياسي سبق تشكيل الحكومة الحالية.
وكانت مصادر عراقية أبلغت «الشرق الأوسط»، الشهر الماضي، أن القوى السياسية التي تحالفت لتشكيل هذه الحكومة حصلت على وعود من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من بينها إلغاء هيئة «المساءلة والعدالة».
وعلى مدى 17 عاماً، كانت القوى السنيّة العراقية تصوّب نحو القانون وتطالب بإلغائه أو حذف المواد التي تسمح للأحزاب باستغلالها ضدهم، لا سيما في ملف الانتخابات بمنع مرشحين سنة من خوض سباق نحو البرلمان.
وانتقد قادة أحزاب سنيّة آلية عمل الهيئة نتيجة تأخرها في حسم مئات آلاف القضايا المتعلقة بأفراد مشمولين بقرار الاجتثاث.
ويحظر القانون على المشمولين بإجراءات الهيئة تولي منصب مدير فما فوق وإحالة أصحاب الوظائف الرفيعة منهم إلى التقاعد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس هيئة «المساءلة والعدالة»، باسم البدري، أن نحو مليون وربع مليون عراقي شملتهم إجراءات الاجتثاث، عازياً تأخر حسم ملفاتهم إلى الإجراءات الانتقالية ما بين «هيئة اجتثاث البعث» والهيئة الحالية.
وبحسب تصريحات البدري، فإن الهيئة لن تستجيب لطلب الحكومة الحالية، لأنها «مصرة على تطبيق العدالة الانتقالية، إنصافاً لضحايا النظام السابق». وقال رئيس الهيئة، باسم البدري، إنه أبلغ رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، الأسبوع الماضي، أن «المساءلة والعدالة ضرورة لإحقاق العدالة وإنصاف المظلومين».
وقال قيادي في «الإطار» الشيعي، الذي يدير الحكومة، إن قرار حل الهيئة جاء التزاماً باتفاق سياسي ألزم رئيس الوزراء بتنفيذه خلال الأشهر الستة من ولايته. وأضاف القيادي، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أن القوى السنيّة لم تشترط حل الهيئة، بل إن الإجماع السياسي الشيعي كان على نقل هذه الوظائف القانونية إلى القضاء وأمانة مجلس الوزراء.
ويعتقد أن رفض الهيئة الحالية تنفيذ قرار الحكومة يعود إلى تمنع أحزاب شيعية، أبرزها «الدعوة الإسلامية» برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي ترى قوى سنيّة أنه أكثر من استثمر سياسياً في آليات اجتثاث البعث، منذ ولايته الحكومية الأولى عام 2010. وقال السياسي العراقي، انتفاض قنبر، في تغريدة على موقع «تويتر»، إن قرار رئيس الوزراء بحل الهيئة «باطل وغير دستوري»، لأنه «من صلاحية البرلمان حصراً».
وينص الدستور العراقي على أن الهيئة «مستقلة» و«تواصل أعمالها ارتباطاً بمجلس النواب، الذي يملك الحق الحصري في إنهاء مهمتها بالأغلبية المطلقة».
الشرق الاوسط