نشرت صحيفة “إندبندنت” تقريرا لمراسلة الشؤون الدولية بيل ترو، قالت فيه إن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة، متهمة بمحاولة “الإطاحة” بالسلطة الوطنية الفلسطينية، في وقت منعت رفع الأعلام الفلسطينية.
وقالت الكاتبة إن إسرائيل قامت في الأيام الأخيرة بحجب ملايين الدولارات من موارد الضريبة التي تجمعها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين، وجرّدت مسؤولين فلسطينيين من بطاقات “الشخصيات الهامة”، في وقت منع وزير الأمن الداخلي المتطرف، إيتمار بن غفير، رفع الأعلام الفلسطينية في الأماكن العامة، وفرقت الشرطة اجتماعا لآباء فلسطينيين كانوا يناقشون مستقبل تعليم أبنائهم في القدس.
وأثارت الإجراءات الجديدة مظاهر قلق حول حكومة بنيامين نتنياهو التي تعتبر الأكثر تطرفا من الناحية الدينية والسياسية في تاريخ إسرائيل. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن التحركات الإسرائيلية جاءت ردا على تقدم فلسطين بطلب مساعدة من الأمم المتحدة، مضيفا أن إسرائيل “تهدف للإطاحة بالسلطة الوطنية ودفعها لحافة انهيار مالي ومؤسساتي”.
وأكد اشتية: “نعتبر هذه الإجراءات حربا جديدة ضد الشعب الفلسطيني وقدراته وأمواله ونجاته وإنجازاته”. معتبرا أن منع العلم “حرم الفلسطينيين من الطرق غير العنيفة لمقاومة الاحتلال”.
وقال أحمد الديك، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني، إن “إسرائيل تشن حربا مفتوحة على رموز ومكونات الدولة الفلسطينية، وهو ما يؤكد تصميمنا على ملاحقة الحكومة الإسرائيلية وتقديمها للمحاكمة في كل المحافل الدولية”.
وفي تغريدة على تويتر يوم الأحد، قال إيتمار بن غفير: “اليوم، وجّهتُ الشرطة الإسرائيلية لفرض منع رفع أي علم (لمنظمة التحرير الفلسطينية) والتي تظهر تعاطفا مع منظمة إرهابية في الفضاء العام، ووقف التحريض ضد دولة إسرائيل”. وأضاف: “سنقاتل الإرهاب والتشجيع عليه بكل ما لدينا من قوة” بحسب تعبيره.
وتضيف الصحيفة أن رفع العلم الفلسطيني لا يعد خرقا للقانون في إسرائيل، وضباطُ الشرطة غير متأكدين إن كان لديهم الإطار القانوني لفرض التوجيه. ولم تعلق الشرطة الإسرائيلية على المنع العام لرفع العلم الفلسطيني مباشرة، إلا أنها قالت إن “قرار حظرالعلم قام على عدة عوامل بما فيها طبيعة العلم والظروف التي يرفع فيها وأي عمل يتم مع رفعه وإمكانية ارتكاب أفعال إجرامية، مثل دعم منظمة إرهابية”. وأضافت: “بعد مراجعة عميقة، ستحدد الشرطة الطريقة المناسبة للعمل في ضوء حادث، والوقت وربما يتم استشارة المسؤولين الأمنيين”.
ودافع نتيناهو عن القرار في اجتماع حكومته يوم الأحد، وقال إنه ضروري وجاء كردٍ على “المشاعر المعادية لإسرائيل” في الأمم المتحدة. وتقدم الفلسطينيون لأعلى هيئة قضائية كي تعطي رأيا في الاحتلال الإسرائيلي الذي مضى عليه 55 عاما. ومنذ ذلك الوقت، حجبت إسرائيل 40 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية، وقالت إنها ستحوّلها لضحايا العنف الفلسطيني.
وأثار قرار بن غفير منع رفع العلم الفلسطيني تداعيات دولية إلى جانب اقتحامه الحرم القدسي. وقال مركز عدالة الذي يدافع عن حقوق الأقلية العربية داخل إسرائيل، إن رفع العلم الفلسطيني ليس محظورا بناء على القانون الإسرائيلي، إلا أن مرسوما من نائب وزير العدل في 2014 لا يحمي رافع العلم الفلسطيني من التداعيات القانونية، وتتمتع الشرطة بحق مصادرة الأعلام إذا أدت لتعطيل الحياة العامة أو خرقت السلام أو دعمت الإرهاب.
لكن الأمر الجديد يذهب أبعد من المرسوم السابق، ويعتبر رفع العلم خرقا للسلام العام. و”هو ما يعطي الشرطة صلاحية غير مقيدة لمنع رفع العلم الفلسطيني في كل الظروف”. وتقوم الشرطة الإسرائيلية بحظر رفع العلم الفلسطيني في كل الأحوال. وقالت يارا هواري من موقع الشبكة الفلسطيني: “هذا تطور ليس جديدا وكنا نتوقع حدوثه”.
وقالت: “أعتقد أن التوجيه الجديد سيوسع من سلطات الشرطة وحرس الحدود لملاحقة أي شخص، وهذه الحكومة ستفتح الباب لممارسة شرسة في الضفة الغربية”. وأضافت: “هذا مثير للقلق وسيزيد العنف اليومي الذي سيواجهونه على كل المستويات”.
وقالت منظمة بيتسليم الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إن عام 2022 كان الأكثر دموية منذ عام 2004، حيث قُتل فيه 146 فلسطينيا منهم خمس نساء و34 طفلا أصغرهم عمره 12 عاما. وقالت الأمم المتحدة إن الكثير من الفلسطينيين قُتلوا في 2022 أكثر مما قتل في عام 2005، وحملت إسرائيل مسؤولية اللجوء للقوة المفرطة.
وقالت بيتسليم إن 32 فلسطينيا قُتلوا برصاص إسرائيل في غزة. وكانت إسرائيل تعتبر في الماضي أعلام حماس وحزب الله محظورة، لكن بعد توقيع اتفاقية أوسلو، اعترفت بالعلم الفلسطيني كعلم للسلطة الوطنية التي أنشئت لإدارة الضفة وغزة.
وعاد نتنياهو إلى السلطة في كانون الأول/ ديسمبر بتحالف مع اليمين الديني المتطرف، وكان أول قرار اتخذه هو شرعنة البؤر الإستيطانية التي تعتبر غير قانونية بناء على القانون الدولي.
القدس العربي