أعلن الناطق بلسان الحكومة الإسرائيلية للإعلام العبري، أوفير جندلمان، مقتل 8 أشخاص وأصابة 10 في عملية إطلاق نار في منطقة النبي يعقوب شمالي القدس المحتلة مساء أمس الجمعة.
وذكرت مصادر إعلامية أن منفذ الهجوم استشهد، مضيفة أن الشرطة الإسرائيلية تبحث عن آخرين ضالعين في العملية. فيما قالت الشرطة الإسرائيلية إنها قتلت منفذ العملية التي وقعت في منطقة النبي يعقوب شمالي القدس المحتلة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عن مصادر إسرائيلية قولها إن منفذ الهجوم من كتائب شهداء الأقصى من حي شعفاط في القدس المحتلة.
وتأتي العملية بعد يوم من المجزرة التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين وأسفرت عن استشهاد 9 فلسطينيين. وتوعدت الفصائل الفلسطينية بالرد.
ومن جهة أخرى هاجم مستوطنون وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحملوه مسؤولية عملية إطلاق النار. وقالت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية عبر موقعها الإلكتروني، إن “عشرات المستوطنين الغاضبين هاجموا بن غفير لفظيا أثناء تواجده في مكان تنفيذ العملية، وقالوا له: “هذه المجزرة حدثت في ظل ولايتك كوزير”.وبين شريط مصور نشرته الصحيفة، أن الشرطة الإسرائيلية أخرجت بن غفير من المكان تحت حماية مشددة، بعد أن هاجمه المستوطنون بالمكان بكلمات تحمله مسؤولية الهجوم.
ليس دفاعا ع ماذا كانت تتوقع اسرائيل ان يكون الرد علي جرائمها البشعة وهي تقتل الفلسطينيبن في مخيم جنين الذي تحاصره بقواتها ومدرعاتها من كل اتجاه ، وتداهم مساكنهم وتعتقل شبابهم وتنسف بيوتهم وتدمر لهم حياتهم بهمجيتها وبربريتها المعروفة عنها ، ثم لا يكَون هناك بعد هذا كله رد فلسطيني عليها بمثل هذا الذي وقع في القدس مساء الأمس وقتل فيه عدة اسرائيليين وصوروه للعالم وكان السماء وقعت علي الارض رغم انهم قتلوا منفذ الهجوم في الحال ؟ هل لأن الدم الفلسطيني رخيص ولا قيمة له إلى هذا الحد ؟ أم لأن الدم الذي يجري في شرايين الاسرائيليين له وحده حرمته وهو ليس كأي دم آخر ؟ ثم انه عندما تدين وزارة الخارجية الامريكية رسميا فور علمها بما حدث عملية القدس وتصفها بالهجوم المروع، فلماذا لم تبدي التعاطف الانساني نفسه مع عملية القتل اليومي للفلسطينيين على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي، ومواكبهم الجنائزية تملأ اليوم شوارع جنين وتناقلتها كل تليفزيونات العالم في مشهد لا مثبل له في اي مكان ؟
قتل شعب باكمله وحرمانه من حقه في الحياة والابقاء عليه تحت قهر الاحتلال الي ما شاء الله ؟ أم حادثة اعتداء مسلح محدودة في ظل احساس قاتل باليأس والقهر ضد بضعة اسرائيليين كرد فعل لما يجري حاليا في جنين من قتل وترويع وارهاب واعتقالات ومداهمات، وهي الحادثة التي سوف يكون الرد الاسرائيلي عليها باراقة شلال من الدم الفلسطيني وبتوقيع عقوبات جماعية علي الشعب الفلسطيني في كافة اراضيه المحتلة من قبل مجموعة السفاحين والارهابيين الذين يقودون حكومة نتنياهو العنصرية المتطرفة ، وهي الممارسات العدوانية التي تدينها وتجرمها كل الشرائع والقوانين الدولية وتعاقب مرتكبيها عليها ؟
وبالتاكيد سوف تتوالي الادانات الامريكية والاوروبية لحادثة القدس التي وقعت ليلة أمس لتقطع الطريق علي مجلس الامن الدولي ولتحول دون صدور قرار يعلن فيه المجلس رفضه لأفعال اسرائيل العنيفة وغير المبررة في الاراضي الفلسطينية المحتلة وهو الملف الذي ينظره مجلس الامن الآن بناء علي دعوته لبحث الاوضاع الجارية في فلسطين من قبل دولة الامارات وفرنسا والصين ، وسوف يقيموا في الغرب الدنيا ولن يقعدوها في وسائل اعلامهم ، وسوف يدفع الفلسطينيون الثمن.
لقد تعرض الشعب الفلسطيني في الآونة الأخيرة بخاصة في القدس إلى اعتداءات مكثفة وبطريقة استهترت به، وأخذ المستوطنون يصولون ويجولون في القدس والمقدسات على هواهم وكأن الشعب الفلسطيني غير موجود، وألحقوا بالناس الإهانات والإذلال، وحرموهم من التجول بحرية على الطرقات الرئيسية التي تربط بين المدن والقرى في الضفة الغربية.
لقد تعرض الشعب الفلسطيني في الآونة الأخيرة إلى أسوأ حالات الإهانة والإذلال من قبل الصهاينة، فضلا عن أعداد الفلسطينيين الذين قضوا مؤخرا في العدوان على غزة. فإذا كان الفلسطينيون يقومون بأعمال ضد الإسرائيليين الآن، فذلك -وفق أغلب الفلسطينيين- دفاعا عن الشعب الفلسطيني وثأرا لكرامة الشعب ورد اعتبار لشأنه واحترامه، وهو ما يفسر فرحة الشارع الفلسطيني بهذه العملية، ونشوته وشعوره بالقوة.
لقد بثت العملية في النفوس الفلسطينية القوة والاعتزاز، وقدمت لهم طاقة كبيرة ورفعت من معنوياتهم. هؤلاء الشباب الذين هبوا ضد الإسرائيليين ليسوا قتلة أو مجرمين، وإنما يصفهم الشارع الفلسطيني بأنهم مناضلون من أجل الحرية، وهم يرون أن على الشعب الفلسطيني أن يدافع عن نفسه.
لا حاجة للفلسطينيين في أن يشهدوا أحداثا مؤلمة باستمرار وبصورة يومية كي يثأروا لأنفسهم، لأن الاستفزاز مستمر وقائم بسبب وجود الاحتلال الذي يشكل أكبر مبرر أمامهم ليدافعوا عن أنفسهم. وإذا كان من سبب لأعمال العنف التي تتواصل في فلسطين فإنه الاحتلال الإسرائيلي.
تعتبر إسرائيل عمليات عسكرية من هذا القبيل من أخطر العمليات وأقساها، وذلك لصعوبة كشفها وتتبعها وإجهاضها.
ويتم التخطيط لمثل هذه العمليات في دوائر مغلقة تماما، وكذلك التنفيذ. وفي أغلب الأحيان يتم التخطيط بين الشخص ونفسه دون مشاركة أحد، وهذا يجعل من الأمر سرا مطلقا لا ينفذ إليه أحد. قرارات التخطيط والتنفيذ في مثل هذه العملية محصنة تماما من الناحية الأمنية، ولا توجد فرصة أمام الأجهزة الأمنية لاكتشافها وتتبعها إلا إذا تطورت التقنية بصورة تدخل بين المرء ونفسه.
ولهذا تتم هذه العمليات فجأة وتفاجئ أجهزة الأمن كما تفاجئ الإنسان العادي. من يخطط لعملية من هذا القبيل لا يتصل بأحد، ولا ينسق مع أحد، بل ولا يتلقى أوامر من أحد. كما لا يستعمل الهاتف أو أي وسيلة اتصالات أخرى، وعليه لا يمكن لأجهزة الأمن أن تمسك بطرف خيط تبني عليه بطريقة تؤدي إلى اكتشاف السر وإحباط العمل.
ولهذا تجد إسرائيل في هذه العمليات ما يهدد استقراراها ويهدد معنويات شعبها، إنها تقف عاجزة تماما أمامها ولا تملك سوى الوعيد والتهديد الذي قد يفاقم الأمور بالمزيد إن نفذ.
تدرك إسرائيل أن عمليات من هذا القبيل تعبر عن رد فعل، وإذا كان لها أن ترفع مستوى الإجراءات القمعية ضد الشعب الفلسطيني فإن آثار ذلك سترتد على الإسرائيليين، أي أن إسرائيل في ورطة كيفما فكرت وعملت، فلهذه العمليات مردود على معنويات الإسرائيليين، ومن شأنها أن تعزز قناعة تبلورت لدى الإسرائيليين بأن إسرائيل آخر مكان آمن بالنسبة لليهود.
لقد صورت إسرائيل نفسها دائما أنها واحة الأمن التي يجد فيها اليهود أمنهم وراحتهم واسترخاءهم، لكن توالي الحروب وعمليات المقاومة أخذ يقنع الإسرائيليين بأن إسرائيل آخر بقعة في الأرض يمكن أن توفر الأمن للإسرائيليين. ولهذا نجد أن العديد من الإسرائيليين أخذوا يفكرون بالرحيل عن فلسطين، وبعضم -وخاصة من الميسورين ماديا- قد رحلوا فعلا. فإذا استمرت أعمال المقاومة هذه، فإن الروح المعنوية للإسرائيليين ستضمحل، وستدفع بهم خارج فلسطين.
والنتيجة أن من يلعب دور الضعيف خاسر أبدا، ولا ينال حقوقه إلا من أصرّ على بناء قوة يدافع بها عن نفسه.