عادت مدينة درعا السورية التي تبعد 100 كيلومتر عن العاصمة دمشق لتستحوذ على المشهد الميداني والصراع العسكري مجدداً في أعقاب سلسلة من الكمائن نفذها مجهولون يعتقد بانتمائهم إلى تنظيم “داعش“، بعد عودة نشاط أفراده في أرياف محاذية للبادية جنوباً.
وعلى مدى ثلاثة أيام لم تهدأ الانفجارات على الطرق والـ “أوتوستراد” الواصل إلى المدينة الجنوبية، مستهدفة دوريات شرطة وجنوداً من القوات النظامية المتوافدين إليها بغية بسط الأمن والاستقرار.
وتشير المعلومات الواردة إلى تفشي حال الذعر بين الأهالي نتيجة الانفلات الأمني الذي أسفر عن تصفيات جسدية وحوادث نفذتها عصابات بحق مدنيين وعسكريين.
سيناريو الحرب
في الأول من فبراير (شباط) الحالي نقل ستة عناصر من أفراد الشرطة لتلقي العلاج بعد استهداف حافلة كانت تقلهم أثناء مرورهم ضمن رتل عسكري على طريق بين بلدتي مزيريب واليادودة في ريف درعا الغربي، عبر تفجير عبوة ناسفة زرعت قبل مرور الرتل، ويعد هذا الاستهداف الثاني من نوعه، إذ سبقه تفجير عبوة ناسفة بحافلة لقوى الأمن الداخلي أصيب على إثره 15 عنصراً على الطريق نفسه.
وأكد ناشطون من أبناء مدينة درعا لـ “اندبندنت عربية” أن المخاوف لا تزال قائمة في شأن اندلاع مواجهة جديدة بين الجيش النظامي والمجموعات المسلحة، وتوقع الحقوقي أحمد حوراني تصعيداً جديداً في المدينة التي شهدت نزاعاً مسلحاً قبل أشهر مضت ظل فيه مسلحون من فصائل معارضة مع “داعش” يقاومون الجيش النظامي على مدى ثلاثة أيام، قبل فرارهم وقتل ما يفوق 40 شخصاً منهم، بينهم قياديون في الصف الأول مثل زعيم التنظيم أبو الحسن القرشي.
وأضاف حوراني أن “شبح الحرب يطل برأسه مجدداً، وفي حال ظل الانفلات الأمني بهذه الوتيرة فقد يتكرر سيناريو أحداث أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي بعد تسلل فلول (داعش) إلى المدينة، وبالتالي العودة لنزاع مسلح سيكون الخاسر الأكبر فيه المدنيون الذين تجرعوا كأس النزوح والقتل والتشريد”.
ويشير مراقبون للمشهد الميداني في درعا بأصابع الاتهام نحو فصائل معارضة ظلت حاضرة في مناطق نفوذها منذ عام 2021، ولا تزال تمارس نشاطها السابق من دون الإذعان لطلبات إلقاء السلاح على رغم التسويات التي أجريت برعاية روسية.
انفلات أمني
وأثناء ذلك تتزايد عمليات التصفية من قبل مجهولين بكمائن عبوات ناسفة لا تستهدف العسكريين وحسب، بل والمدنيين أيضاً، إذ أصيب يوم الـ 31 من يناير (كانون الثاني) الماضي ثلاثة مواطنين بعد استهدافهم بالرصاص في حادثة تتكرر فصولها على الدوام.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ مطلع يناير الماضي 48 حادثة انفلات أمني بطرق وأساليب مختلفة، تسببت بمقتل 35 شخصاً بينهم ثمانية مدنيين وأربعة من أفراد تنظيم “داعش” وعنصر واحد من “حزب الله” اللبناني.
وفي غضون ذلك يرجح مصدر ميداني “إجراء تحرك جديد بشكل واسع في حال استمرار الانفلات الأمني، وقد ينتشر اللواء (81) مع فرق أمنية من القوات الخاصة بمؤازرة من القوى الحليفة والرديفة للجيش، وليس مستبعداً أن مساندة روسية ستجري إذا تجاوز التوتر حدوده إلى الاشتباك المسلح”.
وكان تنظيم “داعش” تبنى 34 عملية استهداف جنوب البلاد وفق ما أعلن في بيان له، أسفرت عن مصرع 51 شخصاً يتوزعون بين محافظات درعا والقنيطرة والسويداء خلال الأشهر السبعة الماضية.
عمليات تصفية
وأسفرت عملية أمنية محكمة في بلدة المزيريب نفذتها القوات النظامية في الـ 20 من يناير الماضي عن مقتل أحد زعماء “داعش” في ريف درعا وهو محمد علي الشاغوري الملقب بأبو عمر الشاغوري، ومرافقيه أحمد خالد المصري ومحسن زيتاوي، ويعد القيادي الداعشي مسؤولاً عن عدد من الاغتيالات والاعتداءات في ريف درعا الغربي.
وفي المقابل أسفر هجوم لميليشيات محلية خلال أغسطس (آب) الماضي على قياديين بتنظيم “داعش” تتمركز مجموعتهم في ريفي درعا الغربي والشمالي، عن مصرع قيادييْن في التنظيم أبرزهم أبو عمر الجبابي وأبو سالم العراقي داخل بلدة عدوان غرب المحافظة، بعد أن اُتهم العراقي بشن هجمات وعمليات تصفية بحق قياديين في فصائل المعارضة.
اندبندت عربي