حتى مع تأكيد «البنك المركزي»، على مواصلة وزارة الخزانة الأميركية دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق، بقي الاضطراب الشديد سيد الموقف في الأسواق المحلية، بسبب الارتفاع الكبير في أسعار صرف الدولار أمام الدينار العراقي، وما استتبع ويستتبع ذلك من ارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية، علماً بأن تجار الجملة في الأسواق الرئيسية يشكون من تراجع شديد في حركة البيع والشراء منذ أسابيع.
وبهدف مواجهة أزمة أسعار الصرف، التقى محافظ «البنك المركزي» علي العلاق والوفد المرافق له، خلال الأيام الثلاثة الماضية، في تركيا، مساعد وزير الخزانة الأميركية براين نيلسون، لمناقشة تداعيات أزمة الدولار وانعكاساتها على الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وقال «البنك المركزي»، في بيان، بعد عودة الوفد إلى بغداد، مساء أول من أمس (الجمعة)، إن «اللقاء بحث في آفاق التعاون والتنسيق بين الجانبين، بما يسهم في تحقيق استقرار سعر الصرف في العراق والآليات المرتبطة بذلك».
وأضاف أن «وزارة الخزانة الأميركية أكدت دعمها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في العراق»… في إشارة إلى تعزيز ما تم بحثه بين رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، والرئيس الأميركي، جو بايدن، في الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما (يوم الخميس)، لجهة التأكيد على أهمية استقرار العراق للمنطقة.
وتابع بيان «المركزي» أن «وزارة الخزانة الأميركية أبدت استعدادها للمرونة اللازمة لتحقيق الأهداف المشتركة، وجرى الاتفاق على مواصلة التنسيق والتعاون خلال الاجتماعات المزمع عقدها في العاصمة واشنطن، قبل منتصف الشهر الحالي».
وبعد لقاء وفد «المركزي» مع الوفد الأميركي، تراجعت أسعار صرف الدولار إلى نحو 1550 ديناراً للدولار الواحد، بعد أن كانت تخطت حاجز الـ1750 ديناراً… لكن التراجع عاد أمس، وارتفع سعر الدولار الواحد إلى نحو 1650 ديناراً. وبات من المعروف أن اضطراب أسعار الصرف ناجم عن الإجراءات الشديدة الذي اتخذها «الفيدرالي الأميركي» حيال العراق، لمنع التلاعب والتزوير وتهريب العملة إلى دول الجوار، ومن ضمنها إيران وسوريا وتركيا، عبر نافذة العملة في «البنك المركزي» العراقي.
وأصدر البنك الحزمة الطويلة الأولى من التسهيلات لتلبية الطلب على الدولار، في جانبي النقد والتحويلات الخارجية، لمواجهة أزمة الارتفاع في أسعار صرف الدولار.
ومن بين الإجراءات الجديدة، بحسب بيان للبنك: «زيادة سقف البيع النقدي لأغراض السفر إلى 7 آلاف دولار شهرياً، ويكون بيعها للبالغين (18 سنة فأكثر) حصراً».
إلى جانب أن «بيع الدولار لأغراض التحويلات الشخصية سيكون من خلال وكلاء شركات التحويل المالي (ويسترن يونين وموني غرام) بالسعر الرسمي 1470 ديناراً للدولار، ويتولى (البنك المركزي العراقي) تعزيز أرصدة هؤلاء الوكلاء بالدولار بالسعر الرسمي».
ومن ضمن الإجراءات أيضاً «توسيع نطاق المعاملات المسموح بتمويلها بالعملة الأجنبية، لتشمل استيراد السلع والبضائع المسموح باستيرادها قانوناً، وشراء وتجهيز الخدمات المسموح بها قانوناً، ومن ضمنها خدمات الشحن، وتمويل الجزء الاستيرادي لعقود المتعاقدين مع دوائر الدولة».
كما شملت «تعزيز أرصدة الحسابات الفرعية للمصارف وشركات الدفع الإلكتروني المفتوحة لدى مصرف (جي بي مورغان)، التي تمتلك عضوية رئيسية مع شركات البطاقات العالمية (فيزا، ماستر). وتعزيز أرصدة الحسابات الفرعية للمؤسسات المالية العراقية المفتوحة لدى (سيتي بنك)، التي تمتلك عضوية رئيسية مع شركات التحويل المالي الدولية (ويسترن يونيون، موني غرام) لتسوية التزاماتها مع تلك الشركات بعد تقديم الكشوفات المطلوبة».
بدوره، أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أن «إجراءات (البنك المركزي) انعكست إيجابياً على المفاوضات مع (الخزانة الأميركية)»، وتوقع أن تتسبب في «رفع قيمة الدينار العراقي».
وقال، في تصريح للوكالة الرسمية، أمس (السبت)، إن «الحزمة الإجرائية التي أطلقها (البنك المركزي العراقي)، هي انعكاس إيجابي لنجاح المفاوضات بين (البنك المركزي العراقي) و(الخزانة الأميركية)، وتُعدّ تخفيفاً ممنهجاً للقيود المفروضة، وذلك باعتماد الأدوات المصرفية الدولية كقنوات شفافة لانتقال الأموال، وعلى نحو تفصيلي أوسع لإجراء عمليات التحويل الخارجي بين العراق والعالم».
وأضاف أن «التعليمات الصادرة تؤشر إلى تحرير ممنهج للتحويل الخارجي من القيود والتعليمات والأعراف المعتمدة سابقاً على حركات ميزان المدفوعات العراقي، ما سيرفع من قيمة الدينار العراقي بشكل متسارع». وكانت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين بلاسخارت، قالت، خلال الإحاطة التي قدمتها حول العراق أمام مجلس الأمن، إن «التأخير في الإصلاح الاقتصادي والنقدي والمالي، الذي طال انتظاره، واضح في جميع أنحاء البلاد، ولا يمكن إنكاره، وقد كان من المثير للقلق، في الآونة الأخيرة، رؤية ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية، مما زاد من الضغط على النساء والرجال العراقيين بشكل يومي».
الشرق الأوسط