يبدو أن توجه تحالف إدارة الدولة يعمل على تشريع #قانون _الانتخابات _المحلية على أساس الدائرة الواحدة كما كان في أغلب تجارب #الانتخابات _العراقية السابقة، باستثناء انتخابات 2021 التي جرت وفق نظام الدوائر المتعددة وأعطت الفرصة لكيانات سياسية صغيرة ناشئة للوصول إلى البرلمان العراقي.
وكانت الحكومة أكدت إجراء بعض التعديلات على قانون الانتخابات الحالي الذي جرت بموجبه الانتخابات البرلمانية الأخيرة وتحويله إلى مجلس النواب العراقي لإقراره وتنظيم انتخابات مجالس المحافظات العراقية نهاية العام الحالي لأول مرة منذ عام 2013.
التعديل في البرلمان
أكد النائب عن ائتلاف دولة القانون ثائر مخيف أن تعديل
قانون الانتخابات سيطرح في البرلمان للتصويت عليه قريباً. وقال في تصريحات صحافية إن “الكتل السياسية اتفقت على إقرار تعديل قانون الانتخابات، كما أن الكتل السياسية عازمة على تمريره قريباً وفق سانت ليغو الدائرة الواحدة، وإلغاء الدوائر المتعددة التي استفاد منها التيار الصدري في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بسبب تجزئة المحافظة إلى دوائر متعددة”.
وسانت ليغو طريقة ابتكرت عام 1912 على يد عالم الرياضيات الفرنسي أندريه سانت ليغو، والغاية من هذه الصيغة هي توزيع الأصوات على المقاعد الانتخابية في الدوائر متعددة المقاعد، وتقلل من العيوب الناتجة بين عدم التماثل في الأصوات وعدد المقاعد المتحصل عليها، وهو عيب تستفيد منه الأحزاب الكبيرة على حساب الكتل الصغيرة، أما
سانت ليغو المعدل فهو صورة معدلة الغرض منها توزيع المقاعد بطريقة أكثر عدالة.
ويرى مخيف أن قانون التعديل الجديد سيعمل به في انتخابات مجالس المحافظات والانتخابات النيابية، مرجحاً اعتراض التيار الصدري على تعديل قانون الانتخابات وربما نشهد تظاهرات بسبب هذا الأمر.
التيار الصدري مستفيد
وتابع النائب عن ائتلاف دولة القانون أن “القانون الحالي للانتخابات يستفيد منه التيار الصدري للحصول على أكثرية الأصوات في المناطق والدوائر المتعددة، لذا يجب أخذ رأي زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أولاً، بهذا التعديل كي لا نشهد عودة الانسداد السياسي إلى الساحة”.
قناعات سياسية
في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن تمرير قانون الانتخابات لمجالس المحافظات المحلية وفق نظام سانت ليغو يعتمد على قناعة القوى الأخرى بهذا النظام، مستبعداً أن يتم إقرار القانون من دون موافقة الصدر. وقال الفيلي إن “نظام سانت ليغو يثير اعتراض المرجعية الدينية التي أكدت ضرورة تبديل الوجوه التقليدية التي بقيت جاثمة على صدور العراقيين طوال 20 سنة”، مبيناً أن هذه القوى توقعت أن يخلو لها المشهد السياسي بعد انسحاب الصدر وبذلك تفعل ما تشاء.
الصدر سيتحرك
وأضاف الفيلي أن هناك تسريبات عن محاولة من قبل هادي العامري للاجتماع بالصدر لأن قوى الإطار تدرك أن الأخير لن يسكت إذا ما أقر نظام سانت ليغو رغم سكوته طوال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن الصدر يدرك أن هذا النظام الانتخابي يقف ضد مشروعه الإصلاحي، لا سيما أنه كان داعماً لانتفاضة تشرين خلال الفترة السابقة وداعماً للمستقلين، حتى إنه طلب منهم أن يختاروا رئيس وزراء.
وأكد أن القوى السياسية المتمثلة بإدارة الدولة تعتقد أنها الأقدر على فرض إراداتها متناسية أن هناك إرادة شعبية وطنية تريد إبقاء فقرة الدوائر المتعددة في قانون الانتخابات، مبيناً أن تمرير نظام سانت ليغو يتوقف على قناعة القوى الأخرى بضرورة إجراء التغيير لوجود قوى ترى أن غياب السيد
الصدر ترك فراغاً سياسياً واضح المعالم.
السوداني والكرد والسنة
في سياق متصل، يلفت الفيلي إلى أن المكونين الكردي والسني يؤمنان بضرورة وجود الصدر وقوى أخرى داخل الإطار لا تريد إغضاب الصدر وفي مقدمهم محمد شياع السوداني، معتبراً نظام سانت ليغو إقصائياً مئة في المئة لأنه يعتمد أساساً على أن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة ويعطي الفرصة مجدداً لبقاء الوجوه التقليدية.
سانت ليغو
من جهة ثانية، يؤكد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري قدرة تحالف إدارة الدولة على تمرير قانون الانتخابات وفق نظام سانت ليغو. فيما أشار إلى أن تمريره من دون موافقة الصدر سيعمل على تشكيل قوة معارضة بين التيار وعدد من الأحزاب لرفض القانون. وبيّن الشمري أن “العودة إلى نظام سانت ليغو يمثل تراجعاً كبيراً للعملية الانتخابية وقوانينها التي كان يفترض أن تدفع بطبقة سياسية جديدة”.
وأضاف الشمري أن إصرار إدارة الدولة على القانون بهذه الصيغة سيمهد لتمريره في البرلمان بخاصة أن هذه القوى لم تضع في حساباتها رغبة الشارع العراقي بوجود قانون عادل يمكن من خلاله أن يكون التمثيل حقيقياً ويشجع الشعب العراقي والناخب نحو الإقبال على الانتخابات.
رفض الصدر والنجف
ولفت رئيس مركز التفكير السياسي أن الداعمين لتشريع القانون لم يراعوا رفض التيار الصدري للقانون وقفزوا على رغبة التيار كجهة سياسية حيث على رغم من انسحاب الصدريين، فإنهم ما زالوا فاعلين بالساحة العراقية، مؤكداً أن العودة إلى سانت ليغو هو ابتعاد عن رأي المرجعية الشيعية التي دفعت نحو تعديل قانون الانتخابات وإيجاد قانون عادل.
ردود فعل
ويدرك التيار الصدري الذي يدعو إلى انتخابات برلمانية مبكرة، أن دفع هذا القانون هو جزء من عملية التضييق السياسي عليه واستفزازه وإنهاء مستقبل تياره السياسي بحسب الشمري، الذي أشار إلى أن وجود هذا القانون في البرلمان يعد محفزاً كي يتخذ التيار رد فعل سياسي غير متوقع.
ورجح أن تتفاهم القوى السياسية الناشئة كقوى ليبرالية ومدنية وتشرينية وأحزاب جديدة مع الصدريين لرفض القانون، بالتالي قد تلتقي مصالح التيار الصدري مع هذه القوى لغرض تشكيل حالة رفض لتمريره.
اندبندت عربي